مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما. وبعد :
انصرم قرنان من عمر الصحوة الإسلامية المعاصرة وهي تحاول معالجة أمر الأمة، متحرية وسائل النهوض بها، ملتمسة سبل إعادتها إلى ما أريد بإخراجها للناس شاهدة وقائمة بالقسط، وداعية إلى الخير أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
غير أن الحال لا يزداد إلا سوءا واستضعافا وعجزا عن مناجزة العوائق تخلفا وجهلا واندحارا، وكلما استيأس ورثة الأنبياء من العلماء والدعاة المرابطين الصادقين، وظنوا أنهم كذبوا، تلامحت في قلوبهم من نور الإيمان إشارات وإشعاعات تثبت الفؤاد وتطمئن الجنان بذكر من ربهم:
- أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ - البقرة 214.
- وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ - آل عمران 126.
وكلما كاد الضعف البشري أن يحول بينهم وبين بشرى ربهم قرع أسماعهم تنبيه نبيهم صلى الله عليه وسلم لهم وهو يجود بروحه إلى الرفيق الأعلى في آخر عهده بالدنيا قائلا:[1] : ( أحسنوا الظن بالله)،(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن)[2]،فتداعت في قلوبهم بذلك أقوال له سابقة:
- (والله ليتمن الله هذا الأمر...) [3]
-(ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، يعز بعز الله في الإسلام ويذل به في الكفر) [4]
- (لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام، إما بعز عزيز وإما بذل ذليل، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهله فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له) [5]
فيزدادالواثقون بربهم ثباتا وصلابة وعزيمة وزخم اندفاع وتسديد، وتنشحذ أذهانهم وقلوبهم بحثا عن الطريق واستجلاء لمجاهله واستبيانا لغياهبه، وتتقلص بينهم على تباعدهم الفوارق وتلغى المسافات، في استقصاء نَيِّـرٍ رشيد للوسائل والغايات. وهم في ذلك بحرصهم على الحق لا يعيرون أهمية لمن دلهم عليه، لأنه حق في نفسه، عَرَّف به كبيرُهم أو صغيرهم ضعيفهم أو قويهم، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.
في هذا المضمار وقد قمت في كتاب [6] [ فقه الأحكام السلطانية محاولة نقدية للتأصيل والتطوير] بمراجعة الفقه السياسي لدى المسلمين قديما وحديثا، وتبين لي ما شاب هذا الفقه من غبش وخلط بين الشرعي والوضعي، والذاتي والنفعي، أيقنت بضرورة الإسراع بالتفكير في حل معضلة نظام الحكم لدى المسلمين بما هو أصيل في الكتاب والسنة، وبما يعيد إلى عراه المنتقضة أول بدء الانتقاض، تماسكها وقوتها وسيرها إلى المقصد الذي خلقت له ومن أجله.
هذه خلفية تأليف هذا الكتاب الصغير في شكله، والجريء باقتحامية مضمونه وتوجهاته، وما رسمه من معالم إعادة بناء الدولة الإسلامية بما يؤهل الأمة لتسنم ذروة الخلافة الموعودة على نهج النبوة. وهو في كل الأحوال مساهمة فكرية بسيطة ومحاولة للتخلص من تبعات هذا الواجب الكفائي، وهدية متواضعة لرفقاء الطريق من الكبار، وورثة درب الدعوة من الناشئة النامية على عين ربها صادقة موفية بالعهد قائمة بالقسط. والحمد لله رب العالمين .
في يوم الإثنين عاشر رجب 1426من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي
[1] - معجم ابن الأعرابي
[2] - صحيح ابن حبان
[3] - مسلم
[4] - المستدرك على الشيخين
[5] - سنن البيهقي الكبرى
[6] - تم تأليف الكتاب في 21 ربيع الأول 1421من الهجرة النبوية الشريفة، وطبع للمرة الأولى بالولايات التحدة الأمريكية سنة 1421هـ / 2000م، ثم طبع طبعة منقحة ومزيدة في إستنبول بمطابع أنس سنة 1422هـ/ 2001م، وهو حاليا للرجوع إليه بسهولة منشور على الشبكة العنكبوتية في المواقع التالية:
- شبكة الفرسان http://www.forsan.net/books/books/sultaneya.htm
[u]- شبكة العقاب http://www.alokab.com/almaktaba/index.php?...=file&id=51[/u]
- شبكة المشكاة الإسلامية: http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=32&book=1757
- الشبيبة الإسلامية المغربية www.achabibah.com
- الحركة الإسلامية المغربية www.elhar
جديد الفكر السياسي في إطار العقيدة وحاكميتها:
شرعية الوجود وآلية التأسيس والتشريع والتسيير
فضيلة المرشد العام للحركة الإسلامية المغربية
الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي
http://www.achabibah.com/aqidah.htm#
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما. وبعد :
انصرم قرنان من عمر الصحوة الإسلامية المعاصرة وهي تحاول معالجة أمر الأمة، متحرية وسائل النهوض بها، ملتمسة سبل إعادتها إلى ما أريد بإخراجها للناس شاهدة وقائمة بالقسط، وداعية إلى الخير أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
غير أن الحال لا يزداد إلا سوءا واستضعافا وعجزا عن مناجزة العوائق تخلفا وجهلا واندحارا، وكلما استيأس ورثة الأنبياء من العلماء والدعاة المرابطين الصادقين، وظنوا أنهم كذبوا، تلامحت في قلوبهم من نور الإيمان إشارات وإشعاعات تثبت الفؤاد وتطمئن الجنان بذكر من ربهم:
- أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ - البقرة 214.
- وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ - آل عمران 126.
وكلما كاد الضعف البشري أن يحول بينهم وبين بشرى ربهم قرع أسماعهم تنبيه نبيهم صلى الله عليه وسلم لهم وهو يجود بروحه إلى الرفيق الأعلى في آخر عهده بالدنيا قائلا:[1] : ( أحسنوا الظن بالله)،(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن)[2]،فتداعت في قلوبهم بذلك أقوال له سابقة:
- (والله ليتمن الله هذا الأمر...) [3]
-(ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، يعز بعز الله في الإسلام ويذل به في الكفر) [4]
- (لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام، إما بعز عزيز وإما بذل ذليل، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهله فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له) [5]
فيزدادالواثقون بربهم ثباتا وصلابة وعزيمة وزخم اندفاع وتسديد، وتنشحذ أذهانهم وقلوبهم بحثا عن الطريق واستجلاء لمجاهله واستبيانا لغياهبه، وتتقلص بينهم على تباعدهم الفوارق وتلغى المسافات، في استقصاء نَيِّـرٍ رشيد للوسائل والغايات. وهم في ذلك بحرصهم على الحق لا يعيرون أهمية لمن دلهم عليه، لأنه حق في نفسه، عَرَّف به كبيرُهم أو صغيرهم ضعيفهم أو قويهم، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.
في هذا المضمار وقد قمت في كتاب [6] [ فقه الأحكام السلطانية محاولة نقدية للتأصيل والتطوير] بمراجعة الفقه السياسي لدى المسلمين قديما وحديثا، وتبين لي ما شاب هذا الفقه من غبش وخلط بين الشرعي والوضعي، والذاتي والنفعي، أيقنت بضرورة الإسراع بالتفكير في حل معضلة نظام الحكم لدى المسلمين بما هو أصيل في الكتاب والسنة، وبما يعيد إلى عراه المنتقضة أول بدء الانتقاض، تماسكها وقوتها وسيرها إلى المقصد الذي خلقت له ومن أجله.
هذه خلفية تأليف هذا الكتاب الصغير في شكله، والجريء باقتحامية مضمونه وتوجهاته، وما رسمه من معالم إعادة بناء الدولة الإسلامية بما يؤهل الأمة لتسنم ذروة الخلافة الموعودة على نهج النبوة. وهو في كل الأحوال مساهمة فكرية بسيطة ومحاولة للتخلص من تبعات هذا الواجب الكفائي، وهدية متواضعة لرفقاء الطريق من الكبار، وورثة درب الدعوة من الناشئة النامية على عين ربها صادقة موفية بالعهد قائمة بالقسط. والحمد لله رب العالمين .
في يوم الإثنين عاشر رجب 1426من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي
[1] - معجم ابن الأعرابي
[2] - صحيح ابن حبان
[3] - مسلم
[4] - المستدرك على الشيخين
[5] - سنن البيهقي الكبرى
[6] - تم تأليف الكتاب في 21 ربيع الأول 1421من الهجرة النبوية الشريفة، وطبع للمرة الأولى بالولايات التحدة الأمريكية سنة 1421هـ / 2000م، ثم طبع طبعة منقحة ومزيدة في إستنبول بمطابع أنس سنة 1422هـ/ 2001م، وهو حاليا للرجوع إليه بسهولة منشور على الشبكة العنكبوتية في المواقع التالية:
- شبكة الفرسان http://www.forsan.net/books/books/sultaneya.htm
[u]- شبكة العقاب http://www.alokab.com/almaktaba/index.php?...=file&id=51[/u]
- شبكة المشكاة الإسلامية: http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=32&book=1757
- الشبيبة الإسلامية المغربية www.achabibah.com
- الحركة الإسلامية المغربية www.elhar
جديد الفكر السياسي في إطار العقيدة وحاكميتها:
شرعية الوجود وآلية التأسيس والتشريع والتسيير
فضيلة المرشد العام للحركة الإسلامية المغربية
الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي
http://www.achabibah.com/aqidah.htm#
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق