Dec 6 2010, 07:57 PM
لا أحد يجهل أن حركة فتح حين نشأتها، أو بشكل أدق حين تقرر إقليمياً ودولياً إنشاؤها، زعمت أنها تعمل لتحرير فلسطين، كامل تراب فلسطين،
وكامل تراب فلسطين يعني كلّ أرض فلسطين
وطالما أنها -فتح- تقول بتحريرها، إذن هناك من يحتلها، ومن يحتلها هم بنو يهود،
فيكون معنى تحريرها: إخراج بني يهود من فلسطين، كلّ فلسطين المحتلة.
إلى هنا الأمر واضح والكلمات ذات دلالات لا تحتاج إلى عالم في اللغة ولا جغرافيّ ضليع بعلم الجغرافيا ليُفهمنا معانيها ويضع حدودها.
لكن الحال انقلب رأساً على عقب، وما كان بالبداهة مفهوماً، أضحى معقداً، مبهماً، يحتاج لا إلى خبير بل إلى خبراء في كل مناحي العلوم ليحل ما أشكل منه
وتغيّر الحال هذا لم يكن في المعاني تلك التي ذكرتها
بل هو: وضوح حال - ولا أقول انقلاب حال- من وضعوا في أذهان الأمة أنهم قاموا للتحرير،
أصبح واضحاً أن " فتح " تلك كانت مشروع خيانة وبيع وتفريط من الطراز الأول وبامتياز
وأن من خططوا لها قد بذلوا الكثير من الوقت والجهد والتعب والسهر لإنجاح مشروعهم، ولن ينجح بإذن الله تعالى
وعملوا على إزالة كثير من العقبات من أمامهم:
عقبات من مثل الرجال الذين لم يدركوا منذ البداية فتح وجريمتها ومشروعها
عقبات من مثل من آخذتهم الحميّة فانضموا الى صفوفها فكانت " فتح" هي " حتفهم "، نسأل الله الرحمة لمن كان عذر الجهل مستولٍ عليه وكان موحّداً.
عقبة " اللاءات " الثلاث التي قيدتهم فترة من الزمن إلى أن ألغوها وأبعدوا من طريقهم من تمسك بها.
وتسارعت خطوات قادة " فتح " بشكل مريع نحو الإنكشاف، إنكشاف وجههم القبيح أمام الناس وكل من كان قد انبهر بها وبهم،
فإذا بفلسطين تقسّم إلى قسمين: ما قبل حدود 1967 وما بعدها!
وإذا بالمحتل يصبح الصهيوني بعد أن كان اليهودي!
وأصبح مقبولاً أن " تحرّر " فلسطين على دفعات ومراحل
وأن اللقاء المحرّم بين الفلسطينيين واليهود أضحى مطلباً، بل أكثر من ذلك: أصبح إرضاخاً للعدوا وإرغاماً له أن يعترف بفلسطين وأهلها
وأن الفدائي الذي كان مجرد ذكر اسمه من المحظورات بات مفاوضاً عتيداً عنيداً يُرضخ العدوّ ويرغمه على الجلوس معه على موائد الفنادق والكازينوهات!
وانقلبت أمريكا وبريطانيا والغرب كلّه من عدو اعترف باحتلال يهود لفلسطين، مدّوه بالمال والسلاح ...إلى أطراف يُرجى رضاهم، وتُحمد وساطاتهم، ويُطلبُ منهم الحياد
كلّ ما سبق - وهو على عجالة من الطرح - صدر عمّن لم يخفوا أنهم " علمانيون" لا يقومون على أساس شرع إلهي، بل على أساس شرعة دولية لا علاقة لها بالله ولا بدين الله
فإن توافق كلّ ذلك أو جلّه مع ما وصلت إليه حركة المقاومة الإسلامية من حال في تعاطيها مع فلسطين وقضيتها، فما الذي يميّز حماس عن فتح؟
دعوني أضع السؤال بشكل مختلف بأن نحلل معاً عناصر القضية:
الأرض: إسلامية
فإن كانت إسلامية - وهي كذلك بتقرير أحكام الله - فإنه لا يجوز بحال من الأحوال إقرار بني يهود على جزء منها قلّ أو كثُر، وإقرارهم عليها يكون تحت مسميات كثيرة منها: المرحلية، الهدنة، التفاوض،
خذ وطالب، هذا ما نستطيعه الآن، هدنة المحارب... ألخ من هذه الترهات التي يقصد منها شيء واحد فقط وهو: تبرير التفريط
المحتل: بنو يهود
فلا يجوز تقسيمهم الىطوائف وفرق، فلا يقال صهاينة، ولا مستوطنين، ولا متشددين، ولا متطرفين، ولا أعداء سلام ومحبي سلام
بل يقال: يهود هم الذين يحتلون فلسطين.
الحق الذي نطالب به: كل فلسطين
وأي كلام عن جزء منها هو تضييع لها كلّها
لأن هذا الحق شرعي، فهو إما أن يؤخذ كلّه أو يترك كلّه. ولا يفهمنّ أحد منهم أن كلمتي الأخيرة تعني أن نتركها، فإن الأفهام السقيمة عند جلّهم أضحت سجيّة!
فتقسيم فلسطين الى 67 و 48 تقسيم غير شرعي
جهات الحلّ للمقضية:
الشريعة الإسلامية لمن ارتضى شرع الله، وشرع الله لا يعطي لأحد منهم الحق في عقد هدنة ولا معاهدة ولا تفاوض، والحجج الواهية والمبررات السقيمة التي نسمعها
ليل نهار منهم من مثل: ومن يفاوض ان لم نفاوض؟ ولمن نترك الساحة؟ وصلح الحديبية، وما فعله صلاح الدّين...ألخ كلها حجج واهية ومبررات تميل إليها العقول المنحرفة عن دين الله.
أو الشرعة الدولية: وهي التي يتبعها الآن ويسير على خطاها من يدّعون التحرير! وهي باطلة من مبتدئها إلى منتهاها
أصحاب الحق:
أهل فلسطين؟
بالقطع لا، فأصحاب الحق هم أهل الملة جميعاً، أهل التوحيد، أما القول تصريحا أو تلميحاً بأنها قضية أهل فلسطين هو إخراج للقضية عن أصلها وإفراغ لها من مضمونها
ومخالف لأحكام الله فيها.
فهي حق لكل مسلم، وكذا واجب تحريرها على كلّ مسلم
فهي قضية أهل التوحيد جميعاً
لكل ما سبق - ولغيره - فإن حركة المقاومة الإسلامية " فـــــتـــــح " مسمى ينطبق على من يدّعون العمل للتحرير
فلا شيء في أفعالهم - ولا أقول في أقوالهم لأنها معسولة غير أنه لا واقع لها - يدل بشكل مباشر ولا غير مباشر على انهم يتخذون من شرع الله منطلقاً ومنهجاً
في تعاطيهم مع قضية فلسطين لا من قريب ولا من بعيد
ولا يعنيني كلام السذّج الذين ينطلي عليهم معسول الكلام
لأنهم في جلّهم لا يعون حقيقة حركاتهم، ولا هم مطّلعون على أهداف جماعاتهم وغاياتها
ولمن أراد محاكم النوايا منهم كلمة:
أفعال الحركات تلك - لا أقوالها وتصريحاتها المعسولة أحياناً - هو المهم، وهو المستهدف من هذا الكلام
فلا حركة ولا جماعة من تلكما الجماعتين أو الحركتين تقف على أحكام الله حملا وتطبيقا فيما يتعلق بقضية فلسطين
لا هم إلى الإسلام يرجعون ولا قوانين الشرعة الطاغوتية الدولية تسعفهم
ولصغارهم، أشبالهم، مجاهديهم:
حان الوقت كي يقف أحدكم وقفة حقّ مع نفسه أمام ربه
ويتفكر في حاله وحال جماعته
وينتقل بخياله بسرعة ليقف أمام بارئه ويتساءل: هل أنا على حال يرضيك يارب؟
هل جماعتي تبريء ذمتي أمامك ساعة التناد؟ ساعة الحساب؟ ساعة توفى كلّ نفس ما كسبت؟
إن حال الحركتين واحد، ولا داع للجدل العقيم ولا الإنتصار للذات والحركة على حساب شرع الله
العلمانيون قالوا أنهم علمانيون
والإسلاميون يقولون أنهم اسلاميون، غير أن فعالهم علمانية بامتياز
بل أنهم يسبقون العلمانيين بحرفيتهم في التبرير والتحريف
وفي النهاية فإن هذه القضية - قضية فلسطين - لن تُحلّ إلا على أيدي من أخلصوا لخالقهم واتبعوا شريعة ربهم
فكونوا منهم ومعهم، فليس العامل قبل الفتح كالعامل بعده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق