الثلاثاء، 23 فبراير 2010

غياب الساسة, وانحطاط السياسة


في ظلّ غياب الساسة في سدّة الحكم في بلاد المسلمين تأبى السياسة إلا أن تصل إلى أدنى وأوضع
حالاتها.
من يسوس المسلمين يجب عليه أن يكون أهلا لهذا العمل الجلل
وأن يكون مدركاً لحال أمة الإسلام، واعياً على قضاياها، مبصراً طريق خلاصها
أما أن يكون سقف الساسة، وغاية السياسة عندهم اللعب على وتر مشاعر المسلمين، ومحاولة تحريك عواطفهم
وإيهامهم أنّ قضيتهم تكمن في حلّ جزئيات هنا وهناك بعيداً عن التلميح فضلا عن التصريح أنّ سرّ البلاء، وسبب
 معاناة الأمة يكمن في غياب شرع ربها عنها.

ففي فلسطين، عمل بنو يهود على ضمّ المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة الأماكن الأثرية التي تخصّهم!!
فاستشاط ساسة فلسطين غضباً وطلبوا تحريك الناس لانتفاضة جديدة رداً على سياسة بني يهود تلك
ومع أن الأمر جلل، إلا أنه يندرج تحت كلّ ممارسات القمع والتقتيل والتشريد التي لم ينفكّ بنو يهود يمارسونها كلّ يوم وكلّ ساعة
فهل قرارهم ذاك يستدعي اتخاذ اجراء عملي واضح فوري وشنيع فعالهم الأخرى يُسكت عنها، ويسعى الساسة في ظلها للقاء وحوار واتفاق وهدنة؟؟
عندما يفقد من جعلوا من أنفسهم ساسة للمسلمين في فلسطين بوصلة قضيتهم، والباعث الشرعي لأعمالهم وأقوالهم فإن درك سياستهم ينحط إلى أن يلامس الأرض فيدفعهم إلى مخاطبة المشاعر والعواطف.
إن أي شبر من بلاد المسلمين قاطبة لايقل أهمية عن الحرم الإبراهيمي أو الكعبة المشرفة أو مسجد نبي الله صلوات الله عليه
غير أنه لا يدرك هذا إلا من اتخذ من الإسلام قضية له يعيش لأجلها ويموت دونها

أما من اتخذ من المصالح قضية، أو اتخذ من الكرسي هدفاً، فإنه يكون قد ضاع وأضاع، وفقد الرؤية وانعدمت عنده معاني السياسة
الأمة بحاجة إلى من يلامس شغاف قلوبها حقاً وحقيقة، ولا يكون ذلك إلا إن لامس أصل بلائها، وسبب غياب كرامتها، وهو تطبيق أحكام الضلال عليها لا أحكام الله وشريعته.
لأن حال من فقد بوصلة الحقّ تتغاير عنده المعاني، وتتفاوت القضايا، وتنقلب الأولويات، وتنعدم الثوايت

فمرة تجده يدعو إلى الجهاد ومرة يقاتل الداعين له
ويوماً تراه يقول أن سلاح المقاومة مقدس، ثم ينقلب على كلّ من يحمل هذا المقدس من السلاح

قضية فلسطين، وقضية الأمة كلها هي غياب شرع الله عنها
وأي أصبع يشير إلى غير هذا السبب هو إصبع فصاحبه موتور مأزوم
هدفه غير هدفنا، وغاياته غير غاياتنا، ومصالحه غير مصالحنا

تعبت الأمة وملّت من سياسات التلاعب بها وبعواطفها
وأصبح الاشمئزاز بادياً على وجوه من يسمع ذاك التهريج الذي يسمى سياسة
حتى إني أكاد أجزم أن اولئك الساسة، أصحاب تلك السياسات الهابطة باتوا لا يصدقون كلمة مما يقولون.