السبت، 29 أكتوبر 2011

جامعة الأنظمة العربية امتعضت كــ " ثورٍ له خوار "

يتقلّب الشعب السوري الأبي بين مهلة وأخرى!!
ومع كلّ مهلة تعطى للنظام القمعي النصيري في سوريا تراق المزيد من الدماء وتُنتهك المزيد من الأعراض وتُدمّر المزيد من البيوت والمساجد
كلّ يوم في سوريا يُودّعُ شهداء، أطفال ونساء وشباب وشيوخ
كلّ ساعة في سوريا تُخطّ ملاحم بطولية مدادها دماء قانية طيبة طاهرة
في ظلّ نظام " عفلقيّ " لا وازع ولا رادع له من دين ولا أخلاق ولا إنسانية

يتقلّب المحيط الإقليميّ لسوريا بين ذئاب شرسة تعين النظام وتقتل الشعب يداّ بيد مع مجرمي نظام البعث
من مثل حزب الله مدّعي البطولات والمقاومة والصمود على الحقّ حتى كشفته ثورة الأبطال في سوريا وأزالت ورقة التوت عن جسده، ولبنان التي تعتبر الحليف لنظام سوريا في تقتيله وقمعه.
وبين متآمرين على الشعب السوري يلبسون لبوس الحمل الوديع، ويدّعون الحرص على السوريين وعلى دمائهم وأعراضهم وما هم على الحقيقة إلا الحليف الأكبر والأفعل لنظام البعث السوري، وأعني تحديداً النظام التركي
وكذا النظام الإيراني الذي يمقت أهل السنة حيثما كانوا، فلا يضيره أن يعين نظام بشار المجرم على قتل شعبه فتلك سياسة انتهجها مع المسلمين السنة في إيران فما الذي قد يردعه في سوريا وغيرها
وهؤلاء مجتمعين: سوريا، تركيا وإيران لهم سيّد واحد مطاع وهم الأمريكان، فقد كانوا إلى زمن قريب العبد المطيع للسيّد الأمريكاني في كلّ سياساته في المنطقة، ابتداءً من سياسته في أفغانستان، وليس انتهاءً في سياسته في العراق، إلى أن بدأ هؤلاء الأمريكان يفقدون عبداً أخلص لهم فبدأ يترنّح وقد خطى جلّ المسافة على طريق الانهزام والاندثار...وهذا هو النظام السوري البعثي النصيري.

كانت تركيا – نظاماً – قد أعطت لحليفها، نظام سوريا، مهلة أسبوعين ليبدأ في الإصلاحات عسى أن يجد موقفهم هذا حظوة عند الشعب، فما كان من الشعب السوري الأبي إلا أن أرسل رسالة واضحة مدوّية لنظام تركيا يقول فيها: خمسة عشر يوماً كافية لقتلنا يا اردوغان...

وهذا ما حصل: انقضت فترة الإمهال التركية، ولم تقدّم الحكومة التركية شيئاً للمقتول وبقيت تُمهل القاتل
وهذا ما كنّا نتوقعه منذ البداية، فتركيا ليست أكثر من وكيل أمريكي في التعاطي مع عبد مثلها لصالح سيّدهم الأمريكي، فبعد أن نفضت أمريكا يدها – أو كادت – من نظام سوريا التابع لها أوكلت مهمة المتابعة الحثيثة له للنظام التركي، مع بقائها ترقب الشأن السوري عن كثب حتى إذا سقط – وسيسقط قريباً بإذن الله – ادّعت حينها أنها كانت مع الشعب ضدّ نظامه فتعمل على محاولة إيجاد عميل غير بشار يسوس السوريين، متجاهلة وعي الشعب السوري المسلم، ومتجاهلة فضح أمرها وانكشاف مخططاتها.

ولما انقضت المهلة التركية، التي كانت –بحسب ما قال الشعب السوري- كافية لقتله ولسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى ومثلهم أخفاهم النظام القمعي في غياهب السجون وتحت ثرى الشام الطاهر في مجازر جماعية كُشف بعضُها ولم يكشف جُلّها.
أقول، لما انقضت تلك المهلة التركية بتبعاتها البشعة تلك جاء دور "جامعة الأنظمة العربية" التي يشوب تحركاتها الكثير من الشك، فهي صمتت دهراً ونطقت جُرماً ...
فأطلت برأسها من تحت ركام التخاذلات الجمّة وبعد موات سريريّ طويل ألمّ بها لتقترح مهلة أخرى للنظام السوري، يقتل في خلالها ما يشاء، ويغتصب قدر ما يشاء، ويغيّب عن الوجود بشراً أيضا قدر ما يشاء تحت ستار ومظلة تلك الجامعة التي يحفل تاريخها بالعار والذلّ
وكان ردّ الشعب السوري الأبي أن أطلق جمعةً سمّاها: جمعة شهداء المهلة العربية
والتي أثخن فيها بشار الأسد في الشعب السوري تقتيلاً وتدميراً وتهجيراً، وارتفعت خلالها حدّة الهمجية السورية فزادت من استخدام الطائرات والمدافع والدبابات!!
وحذّرت تلك الجامعة المنتنة بمن فيها وما فيها من نذالة وانحطاط يندى له الجبين، حذّرت نظام سوريا من إجراءات عقابية إن انتهت المهلة ولم يوقف الأعمال العسكرية،
فانتهت المهلة، ويا للموقف ( المشرّف) الذي وقفته بعد انتهائها:
فقد عبّرت جامعة الأنظمة العربية عن: امتعاضها من عمليات القتل في سوريا!!





لقد "امتعض " العرب يا أهل حمص
لقد امتعض العرب يا شام الإباء
فبشراكم بشراكم!!
جامعة الأنظمة العربية باتت كـــ " ثور له خوار"
يُعبد من دون الله من قِبَل من عاش مهزوماً في فكره ومعتقده!!

تأبى تلك الجامعة، وكلّ الأنظمة التي خلفها إلا أن يقفوا مواقف الخذلان  والعار في زمن تطلُبُ فيه الشعوبُ العزّة والكرامة والانعتاق من ظلم الظالمين وتجبّر المتجبّرين!!
ولا جرم أن تكون هذه مواقف جامعة الذلّ تلك، فهي رجع صدى لمواقف الأنظمة التي تمثلها
ومن يرجو كرامة ونصراً عند أنظمة كتلك فهو جاهل لم يعد معذوراً بجهله بعد هذه الثورات
ومن يظن بها خيراً فلا يكون إلا كمن يستجير من الرمضاء بالنار
هذه الجامعة تدرك، كما تدرك كلّ الأنظمة الخانعة خلفها أن المسألة الآن هي ليس البحث في أن دور باقي الأنظمة قادم أو لا، بل المسألة هي: متى، وعلى من يكون الدور الآن.
لذا فلا نعطيّن تلك الأنظمة حجماً أكبر من حجمها، ولا دوراً أعظم من دورها، فهي تابعة بالنيابة عن الحكام التي تمثلهم، والذين ضجّت بهم الأرض الآن فما عادت تحتمل وجودهم ولا النظر إلى صورهم الهالكة المتهالكة
وأن نصر المؤمنين لا يكون إلا من عند ربّهم، فهو ناصرهم، وهو القادر على أن يقلب الأرض على رؤوس الحكام إن صبرنا واحتسبنا وبه سبحانه لذنا
فلتبق الثورة في سوريا: لله
كما قال أهلنا فيها: هي لله هي لله
وما النصر إلا من عند الله.



الخميس، 27 أكتوبر 2011

التحالف التركي الإسرائيلي




في 23/2/1996، وقعت تركيا وإسرائيل على اتفاقية عسكرية مشتركة، وبالطبع نصت الاتفاقية على تبادل الخبرات العسكرية بين البلدين، بما يتضمنه ذلك من إجراء مناورات عسكرية، ومناورات جوية، واستخدام موانئ البلدين، وبالفعل بدأ الجانبان في المضي قدمًا لتنفيذ بنود الاتفاقية العسكرية منذ شهر أبريل من العام نفسه، بمناورات جوية مشتركة، والذي بمتقضاها أصبح الطيار الإسرائيلي يتدرب ولأول مرة على الطيران لفترات أطول (استعدادًا لأي أزمة قد تنشب في المستقبل مع إيران)، ومما لا شك فيه، أن هذه الاتفاقية هذ حققت تبادل الخبرات العسكرية والاستخباراتية بين الجانبين، حيث أعلن جربك بير نائب القيادة المشتركة للقوات المسلحة التركية في إحدى الندوات لمعهد البحوث الاستراتيجية بواشنطن فيما يتعلق بهذه الاتفاقية قائلاً: إن هذه الاتفاقية قد ساعدت تركيا على تطوير قدراتها العسكرية، كما أنها قد تساعد إسرائيل على تحقيق هدفها الأول في سوريا، وهدفها الثاني في إيران، وأضاف: إن تركيا بمقتضى هذه الاتفاقية يمكنها الاستفادة من تجارب إسرائيل مع لبنان في حماية حدودها مع العراق، حتى أن وزير الدفاع التركي قد قام بزيارة إسرائيل في العام التالي؛ ليتعرف بنفسه على أساليب إسرائيل في هضبة الجولان، لتنفيذها على الحدود التركية العراقية.


 ومن ناحيةٍ أخرى، كانت قضية مكافحة الإرهاب من أهم مجالات التعاون المشترك بين تركيا وإسرائيل، ففي فبراير عام 1997 قام إسماعيل كاراداي رئيس أركان الجيش التركي بزيارة إسرائيل، وصرح خلال تلك الزيارة أن الإرهاب الدولي يجب أن يحتل صدارة هذا التعاون المشترك، وبعدها طلبت تركيا من إسرائيل مساعدتها في ملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا، خصوصًا وأنه يلقي دعمًا من سوريا، مما يمثل تهديدًا لأنقره وتل أبيب، غير أن الإسرائيلين فيما يبدو قد تجاهلوا الطلب التركي آنذاك. لكن مع تولي بنيامين نتانياهو منصب رئيس الوزراء في إسرائيل تغيرت السياسة الإسرائيلية إزاء الصراع التركي – الكردي، تلك السياسة التي كانت سائدة إبان فترتي رئاسة رابين وبيريز للوزراء وسرعان ما أعلنت إسرائيل إدانتها لسوريا بخصوص تأييدها للجماعات الكردية الانفصالية، حتى أن الموساد قد لعب دورًا مؤثرًا في اعتقال عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وتسليمه لتركيا. في هذه الفترة حدث نوع من التنسيق في المواقف السياسية والعسكرية، بحيث لعبت إسرائيل دور الحليف المحوري والمباشر لتركيا، من حيث تلبية احتياجاتها العسكرية، وتحديث الترسانة التركية، ودفع 250 مليار دولار لشراء السلاح والتكنولوجيا التسليحية المتطورة تعويضًا عن الخطر المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ بسبب نزاعها مع اليونان، وانتهاكها لحقوق الإنسان، وبالتالي عملت إسرائيل على التقرب لتركيا بتطوير ترسانتها العسكرية من ناحية، والترويج للصناعات العسكرية الإسرائيلية من ناحية أخرى، حتى أن أحد الجنرالات المتقاعدين في القوات المسلحة التركية قد أعلن فيما يتعلق بوقف إمداد تركيا بالسلاح من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, قائلاً: إن تعليق مسألة السلاح هذه جاء في صالح الشركات الإسرائيلية, وبذلك يمكن القول: إن إسرائيل كانت الشريك الفاعل لتركيا في هذه المرحلة.


 الأبعاد الأخرى للتحالف التركي الإسرائيلي:


 لم يشمل التحالف التركي - الإسرائيلي التعاون المشترك في المجالات العسكرية والأمنية فحسب، وإنما تجاوز ذلك إلى المجالات الاقتصادية كذلك، ففي الفترة الممتدة بين عامي 1996،92 بلغت قيمة التبادل التجاري في المجالات غير العسكرية بين تركيا وإسرائيل 450 مليون دولار، هذا بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون المشترك في مجال السياحة، والتجارة الحرة وحماية الاستثمارات بين الجانبين، تلك الاتفاقيات التي جاءت إثر العديد من الزيارات المتبادلة بين المسئولين الأتراك والإسرائيلين، ففي هذه المرحلة كان الطرف التركي يلوح بإمكانية فتح الطريق أمام إسرائيل للنفاذ إلى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، وفي المقابل كان الطرف الآخر يلوح بإمكانية الوساطة بين تركيا والولايات المتحدة.


 أهداف تدعيم العلاقات التركية – الإسرائيلية:


 الواقع أن العلاقات التركية – الإسرائيلية قد اتسمت بالتأرجح والتذبذب على مدار التاريخ؛ نظرًا لتغير المصالح، والتطورات الإقليمية والدولية. ويمكن حصر أهداف تدعيم العلاقات التركية – الإسرائيلية في العناصر التالية:


أ- العلاقات من المنظور التركي:


 1- ترى تركيا أن تعاونها مع إسرائيل يمكن أن يساعدها في اجتيازها المشكلات الاقتصادية والسياسة الداخلية.


 2- ترى تركيا أن تعاونها مع إسرائيل يعد جزءًا هامًا من توجهاتها العلمانية التي تقف في مواجهة القوى الأصولية الإسلامية في تركيا.


 3- التقارب مع إسرائيل يفتح الطريق أمام تدعيم العلاقات التركية – الأمريكية، مما قد يساعد تركيا على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق الولايات المتحدة، أي التقارب إلى المحور الغربي، في مقابل التباعد عن المحور العربي.


ب- العلاقات من المنظور الإسرائيلي:


 1- ترى إسرائيل في تركيا أنها المعبر إلى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز.


 2- ترى إسرائيل أنها تستطيع تحقيق أهدافها العسكرية ضد سوريا وإيران عن طريق تركيا، إلى جانب محاصرة الدول العربية، بما يحقق لها السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

خفايا وأسرار التعاون العسكري والأمني والاقتصادي بين تركيا وإسرائيل ..60 عاماً من التعاون الوثيق وتبادل المعلومات




 د . سمير محمود قديح


 بدأ نفوذ اليهود في تركيا في أوائل القرن العشرين، وقد لعبت الصهيونية مع القوى الأوروبية الكبرى دورًا مؤثرًا في تقوية الاشتراكية التركية وانهيار الامبراطورية العثمانية. وقد أصبح لليهود نفوذ كبير في أركان الحكومة التركية. وعلى الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947 إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل في 28 مارس 1949، كما عقدت مع إسرائيل اتفاقية تجارية سنة 1950 واتفاقية شحن وتفريغ بين الدولتين سنة 1951. وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو أصبح حضورها رسميًا في المعسكر الغربي تحت زعامة أمريكا, وأصبحت سياستها الشرق أوسطية تقترب للأيديولوجية الأمريكية. وعلى هذا الأساس قررت توسيع وتعميق علاقاتها مع إسرائيل موضع النظر. وقد سافرت تانسو تشيللر رئيسة وزراء تركيا السابقة إلى إسرائيل للمرة الأولى سنة 1994 وهيأ ذلك المجال لعقد اتفاقيات سياسية أمنية، وأقرت هذه الاتفاقيات عقب زيارة قام بها وفد أمني وسياسي واقتصادي رفيع المستوى؛ وذلك للارتقاء بمستوى العلاقات والاتصالات في العاصمتين, وقد طرح في بداية محادثات الطرفين عقد اتفاقيات عسكرية وأمنية لأول مرة من جانب 'إسحاق رابين' في عامي 94 ، 1995 وتبع ذلك توقيع اتفاقيتين سريتين في شهري فبراير وأغسطس 1996 من جانب الطرفين. وقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتيل 'إسحاق رابين': إن أهم هدف من عقد اتفاقيات سرية مع تركيا هو حفظ توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط.

 - الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا وإسرائيل:

 كان مفهوم الاتفاقية الأمنية 'أنقرة- تل أبيب' غامضًا لكثير من دول العالم وشعوب المنطقة وأيضًا كان توقيع هذه الاتفاقية مخالفًا للقانون، فقد تمت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي وربما كان إخفاء ذلك يرجع إلى الأبعاد الأمنية في نقاط هذه المعاهدة. جدير بالذكر أن هذه الاتفاقية كانت متزامنة مع علو الأصولية الإسلامية وفوز حزب الرفاة الإسلامي بزعامة 'نجم الدين أربكان', وقد أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان لها في 18 مارس 1996 (أنه قد تم الاتفاق بين تركيا وإسرائيل في مجال المناورات والتدريبات المشتركة وإجراء حوار استراتيجي بين الدولتين) وفيما يلي بعض ما جاء في المعاهدة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل:

 1- خطة لتجديد 45 طائرة f - 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f - 5، صناعة 600 دبابة m - 60 , خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية 'ميركاوه', وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع بدون طيار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو 'بوبي' بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم.

 2- تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين.

 3- إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية.

 4- تبادل الاستخبارات (المعلومات) الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري..

 5- إقامة حوار استراتيجي بين الدولتين.

 6- التعاون الاقتصادي (تجاري صناعي, والعسكري).



 عقود التسلح والمناورات العسكرية المشتركة كانت ولا زالت في صلب علاقات التبادل بين تركيا وإسرائيل وفي مؤشر إلى هذا التعاون العسكري, وكان البلدان وقعا اتفاق تعاون عسكري في العام 2006 أعطى إشارة الانطلاق لما وصف بأنه شراكة إستراتيجية ما أدى الى حصول اسرائيل على عقود بيع اسلحة وصيانة تجهيزات لتركيا.

 وكلفت شركات اسرائيلية تحديث حوالي مئة مقاتلة من نوع اف-4 واف-5 تركية في عقد بلغت قيمته حوالى 700 مليون دولار كما باعت تركيا صواريخ وتجهيزات الكترونية.

 وفي العام ,2002 فازت الصناعات العسكرية الاسرائيلية بعقد بقيمة 668 مليون دولار لتحسين 170 دبابة من طراز ام-60 يفترض ان ينتهي تسليمها في شباط بحسب وكالة صناعات الدفاع التركية.

 وهناك عقد اخر قيمته 183 مليون دولار يتعلق بتسليم عشر طائرات بدون طيار وتجهيزات مراقبة في اطار تعاون تقوم به صناعات الطيران الاسرائيلية.

 والمشروع الذي اطلق في العام 2005 شهد تاخيرا لاسباب تقنية وسياسية لكنه على وشك الانتهاء.

 ووقعت عقود اخرى بشكل سري فيما قدر خبراء في مجال الدفاع بان عقود الاسلحة في العام 2007 فقط شكلت 69% من قيمة التبادل التجاري بين البلدين البالغ 2,6 مليار دولار.

 وقدمت تركيا من جهتها للطيران الاسرائيلي فرصة التدرب في صحراء الاناضول الشاسعة في اطار مناورات مشتركة.كما قامت بحريتا البلدين بمناورات مشتركة.

 وفي العام ,1999 كان الجيش الاسرائيلي اول من قدم المساعدة لضحايا الزلزال الذي ضرب شمال غرب تركيا كما قدم عددا من المنازل الجاهزة اطلق عليها اسم القرية الاسرائيلية.

 وتكثف التبادل الاقتصادي والثقافي ايضا ودرس البلدان امكانية نقل المياه من جنوب تركيا الى اسرائيل في مشروع تم التخلي عنه في العام 2006 بسبب كلفته العالية.



 وللعلاقات التركية ـ الإسرائيلية وجه ازدهار بعناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي، واتفاق التجارة الحرة.

 يتلخّص مشروع «أنابيب السلام» في إقامة محطة بمنطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً. ويستند المشروع إلى ضخّ المياه في أنابيب برية عبر الأراضي السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضي الفلسطينية، أو نقلها بحراً إلى الساحل الإسرائيلي في حال عدم توقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان. وتشير مصادر إلى انتهاء بناء المحطة التركية، مع بقاء تنفيذ المشروع معلقاً. مشروع تبلغ تكلفته نحو مليار دولار، ووُقِّعَ في عهد أجاويد، علماً بأن أوزال بدأ يتحدث عنه منذ 1991 بقوله المشهور «مثلما يبيع العرب البترول، يجب على تركيا أن تبيع بترولها، أي المياه». وقد تمّ التوقيع على الاتفاق في آب 2002، أي قبل شهرين فقط من وصول «العدالة والتنمية» إلى الحكم في 3 تشرين الثاني من ذلك العام.

 أما العنوان الثاني، فهو اتفاق التعاون الاستراتيجي في شباط 1996 مع ملحق له في آب من العام نفسه (في عهد تانسو تشيلر). كان موجهاً ضد أعداء تركيا الأمس، الذين باتوا أصدقاء فوق العادة اليوم، وبالتالي فالأسباب الموجبة لهذه العلاقة الأمنية الاستراتيجية أصبحت شبه باطلة. وينصّ الاتفاق على وضع آلية مشتركة لمواجهة الأخطار المشتركة (الآتية من سوريا والعراق وإيران) من خلال منتدى أمني للحوار الاستراتيجي بين الدولتين ومن خلال أنشطة استخبارية مشتركة ونصب أجهزة تنصّت في جبال تركيا. كذلك نص على مناورات مشتركة يسمح فيها باستعمال أجواء الدولتين عسكرياً، وعلى تدريبات مشتركة للجيشين، وعلى حق المقاتلات الإسرائيلية باستعمال القاعدتين الجويتين التركيتين قونيا وإنجرليك.

 وظهرت الحماسة التركية لهذا الاتفاق من خلال سرعة تطبيق بنوده. وجرت أول مناورة جوية ثنائية في منتصف عام 1996 فوق وسط الأناضول.ولا ضرورة للتوقف طويلاً أمام الحاجة المزمنة للدولة العبرية لـ«المجال الحيوي» (نسبة إلى ضيق مساحتها وكثافتها السكانية وإحاطتها بدول الطوق)، وقد وجدت هذا المجال في تركيا الشاسعة، وتركيا الموقع الاستراتيجي الممتاز (عسكرياً وسياسياً).

 يضاف ذلك إلى صفقات التسلّح الضخمة التي زوّدت بها إسرائيل، الجيش التركي، ما جعل تركيا السوق العسكرية الكبرى للصناعة العسكرية الإسرائيلية. واللافت أن أي تأخير في العلاقات العسكرية بين الدولتين كان يحصل على خلفية عقبات مالية تركية. أما اليوم فاختلفت الأمور، إذ أصبح التعاون العسكري في خدمة السياسة، ونتيجة السياسة، لا نتيجة لنقص التمويل ولا لعجز الموازنة.أما بالنسبة إلى اتفاق التجارة الحرة الذي وقّعه سليمان ديميريل في أول زيارة لرئيس تركي إلى إسرائيل عام 1995، فأوجب: ـ إزالة الحواجز الجمركية بين الدولتين. أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى ملياري دولار خلال عام 2000. أن تمنح إسرائيل تركيا جزءاً من حصتها في الأسواق الأميركية في قطاع صناعة النسيج، على أن تعمد الشركات الإسرائيلية إلى تصنيع الأنسجة في تركيا من أجل تصديرها إلى الولايات المتحدة.

 أخيراً، لا يمكن الحديث عن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية من دون التعريج على الملف الكردي. ملف ورّطت الدولة العبرية نفسها فيه باكراً من خلال تدريب وتسليح فرق من «البشمركة»، علّ الأكراد يزعزعون أنظمة بعض الدول العربية (العراق وإيران وسوريا). كما أنّ لوبيات يهودية أميركية عديدة ورّطت دولة الاحتلال في مسلسلات إحراج، وخصوصاً في تحريض برلمانات غربية لاعتماد قانون الإبادة الأرمنية.

 ورغم كل ما عكّر صفو العلاقات، لا يزال رجب طيب أردوغان يرفض إلغاء عقود الدفاع أو استدعاء السفير من إسرائيل. فالعقل التركي الجديد يعمل وفق منطق أن أنقرة لم تقم ببناء صداقات مع أعداء الأمس، لتفقد صداقات اليوم. حتى أنّ أردوغان أعلن خلال زيارته إلى الهند في العام الماضي، عن مشروع تركي ـ إسرائيلي مشترك لمد أنابيب نفط وغاز إلى الهند من بحر قزوين، مروراً بمرفأي جيهان التركي وإيلات الإسرائيلي.



 - حكاية زواج مصلحة: لا غرام ولا طلاق .

 لم تعد تركيا 2009 تشبه تلك التي كانتها خلال الحرب الباردة. لم يعد هناك اتحاد سوفياتي طامع بأراضيها وبمضيقَيها يدفعها إلى التقرّب من أي قوة أو حلف أطلسي أو جارة قوية، لمجرّد تأمين حماية ذاتية. ولم تعد كما كانت، دولة مرعوبة من جوارها العراقي أو السوري أو الإيراني أو اليوناني أو الأرميني، ما دفع بديفيد بن غوريون وعدنان مندريس إلى توقيع اتفاق ضد «الراديكالية الشرق أوسطية وضد التأثير السوفياتي» عام 1958. كما أن هذه الـ«تركيا» قررت بعد 2002، أن توسّع آفاقها، بالتالي فقد ارتأت التوقّف عن النظر إلى نفسها كدولة أوروبية لا تطيق جوارها «المتخلّف»، شأنها شأن رؤية إسرائيل لنفسها. من هنا، زال أيضاً الشبه المفتعل بين تركيا وإسرائيل كدولتين «ديموقراطيتين» وغربيتين في هذا «الشرق المظلم» (عامل كان أساسياً في التقارب المبكر بين الدولتين على قاعدة أنّ المصيبة تجمع). أضف أنّ تركيا، الدولة ذات الأعداء الذين لا يُحصون تاريخياً، باتت بلا عداوات تقريباً. وعندما تصبح دولة كتركيا بلا أعداء، تصبح حاجتها إلى السلاح والتدريب والتحالف الإسرائيلي، أقل بما لا يقاس مما كانت عليه أيام خلفاء أتاتورك.

 من هنا، فإنّ جزءاً كبيراً من موجبات اتفاقات عام 1996 قد أصبحت أقل أهمية بالنسبة إلى المصلحة الوطنية التركية. لكن رغم ذلك، فإنها تبقى بحاجة إلى أن تكون دولة عسكرية عظمى، ببساطة لأن الترسانة العسكرية (التقليدية منها والنووية) هي من أهم معايير «الدول العظمى». ولأن السلاح ضروري، لجأت أنقرة منذ سنوات إلى خطوتين قد تبطلان قريباً مفعول الحاجة العسكرية لإسرائيل: نوّعت مصادر مشترياتها الدفاعية، ثمّ عملت على تعزيز صناعاتها العسكرية المحلية، حتى تمكنت قبل أشهر من تنظيم معرض عسكري عُدَّ من بين الأكبر في العالم. كلام لا يعني أن المناورات العسكرية بين هاتين الدولتين ستصبح في خبر كان، فالحلف الأطلسي، الذي تُعدّ تركيا أحد أعمدته، مصرٌّ على إشراك تل أبيب في نشاطاته العسكرية.

 وبالنسبة إلى الهمّ الكردي، الذي عدّ طويلاً من بين أهم مبرّرات اتفاق التعاون الأمني الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا ومن أهم أسباب الصفقات العسكرية بينهما، فإن معالجته آخذة مع الوقت في التحول إلى القنوات السياسية بعيداً عن لغة المدافع. من هنا يمكن فهم تلميح وزارة الدفاع التركية، في أيار الماضي، إلى احتمال إلغاء صفقة شراء طائرات «هيرون» الإسرائيلية من دون طيار، التي كان الهدف منها النيل من الأكراد أساساً.

 وإذا كانت غاية الغرام التركي ـ الإسرائيلي السابق، مصلحة اقتصادية، فإنّ لغة المال بالنسبة إلى الأتراك مجدية أكثر مع العرب والجوار مما هي عليه مع الدولة العبرية. حقيقة تؤكدها الأرقام، بما أن التبادل التجاري بين الدولتين يناهز الـ 3 مليارات دولار (جزء كبير من هذا الرقم نتيجة صفقات الأسلحة)، لطالما ارتبط التواصل التركي ـ الإسرائيلي الدافئ، بهمّ أنقرة بنيل إعجاب الغرب، علّ ذلك يفيدها من ناحية تقديم شهادة حسن سلوك بالنسبة إلى أوروبا واتحادها. حكّام «العدالة والتنمية» لا يزالون يرغبون وبشدة في العضوية الأوروبية، لكن ليس عن طريق «الزحف» الذي لم يجدِ بعد رغم كل شيء. بناءً عليه، فهموا أن أوروبا تريد منهم طبعاً أن يكونوا على علاقة جيدة مع حليفتها إسرائيل، لكن ليس من الضروري أن يكون ذلك أبداً على حساب علاقات أنقرة مع بقية العالم.