الجمعة، 16 يوليو 2010

حزب التحرير محظور, ومحظورة نشاطاته

بمناسبة مؤتمر حزب التحرير/غزة 13/7/2010

قد يتبادر إلى الأذهان أول ما يتبادر حين قراءة العنوان أن أمريكا حظرت حزب التحرير وألقت شباك التعتيم والمنع على نشاطاته

أو أن حزب التحرير يلاحق أفراده ويُطاردون في الدنمارك واستراليا وبريطانيا وبنغلاديش وتركيا والأردن وغيرها من بلاد المسلمين وبلاد العجم.

لكن، هل يخطر على بال مسلم موحّد يرنو إلى العزة والمجد والسؤدد والكرامة بعد الهوان والذل أن يكون التنكيل وحظر النشاطات التي يقوم بها

حزب التحرير تحصل في غزّة هاشم؟!

هل يرد في خاطر أحد أن تقوم الأجهزة " الأمنية " لحكومة حماس في غزة بضرب واعتقال وملاحقة شباب حزب التحرير لأنهم كانوا يحضّرون لمؤتمر يحيون فيها ذكرة هدم دولة الإسلام؟!

في ذلك المؤتمر الذي كان مزمعاً عقده أراد حزب التحرير - كما هو الحال دائماً- أن يذكر المسلمين بمجدهم، وعزتهم وكرامتهم، يذكرهم بحالهم المجيد يوم كان لهم دولة وعليهم إمام يحكمهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلوات ربي وسلامه عليه

أراد أن يشحذ همم المسلمين، ويعيد إليهم في أنفسهم ثقتهم بدين ربهم وعقيدتهم، التي هي سرّ فلاحهم ونجاهم إن هم حملوها حق الحمل

وسرّ بلائهم وشقائهم إن هم ضيّعوها وتخاذلوا عن حملها وتطبيق نظامها

حزب التحرير في مؤتمراته ومحاضراته وندواته يرفع راية العقاب، راية نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم

التي تعطي وصفا لمن يستظلون بظلها:

أنهم عباد لله من دون الناس

وأنهم لا يرتضون أن يُحكموا بغير شريعة نبي الله الذي كانت تلك رايته

وأنهم ينبذون الطواغيت وأحكامهم وشرائعم

وأنهم يريدون جمع المسلمين، كلّ المسلمين تحت هذه الراية التي فرضها الله تعالى حين فرضها نبيه صلوات الله عليه بأمر ربّه، فهو لا ينطق عن الهوى

وأن يبتعد المسلمون عن التفيّؤ بظلال رايات عـمـيّة، رايات التفرقة، رايات العجم الذين فرضوها يوم غابت شمس خلافة المسلمين عن أرض الله

مؤتمرات حزب التحرير تلك غايتها: تطبيق حكم الله وشريعته

وتعبيد الناس لربّ الناس من دون الناس

ومؤتمر حزب التحرير في غزة هاشم كانت تلك بعض أهدافه وغاياته

فمن يحارب تلك الأهداف؟

ومن يقف في وجه تلك الغايات؟

ومن يعتقل ويضرب ويطلق النار على من يسعى إلى تلك الأهداف والغايات إلا إن كان لا يؤمن بها ولا يقبلها ولا يدعوا إليها ويحاربها ويحارب دعاتها!!

فحظرُ حزب التحرير وحظر نشاطاته هو حظر لأهدافه وغاياته.

ومحاربته محاربة لما يعمل ويدعو له.

فإن حظرت ومنعت ولاحقت وطاردت شبابه أنظمةُ ُ فإنه في هذه الحالة يوجد متغير وثابت

المتغير هو البلدان التي يُحظر فيها والزمان الذي تحصل فيه الأحداث

والثابت هو: أن كل من حاربوه واجتمعوا على حظره وملاحقة شبابه جمعهم عداؤهم لدين الله وتطبيق شريعته على الأرض

كائنا من كانوا

وبغضّ النظر عن التبريرات الواهية المقيته التي ساقوها ويسوقونها وسيسوقوها.

وأولئك الذي يحكمون في غزة هاشم ويظنون أنهم حكومة ذات سيادة وولاية حالهم كحال سلطة دايتون في الضفة الغربية في فلسطين المحتلة من بني يهود

كلهم خاضعون لإملاءات وشروط أسياد لهم، ليوجهوا عصيهم وبنادقهم إلى صدور المسلمين، وليعتقلوهم ويضربوهم ويُنزلوا بهم أشنع الإعتداءات.


عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله يقول أن حزب التحرير محظور حتى في إمارة حماس في غزة

سبحان ربي لا اله إلا هو!!

ما اتفقوا على شيء، ولا توصلوا بعدُ إلى هدنة فيما بينهم

غير أنهم اتفقوا على أن يكونوا جنوداُ لدايتون وأمريكا وباقي العجم يحاربون المسلمين، ويعتدون على دعاة تطبيق شرع الله وإقامة خلافة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه!!

ثم بعد ذلك يدّعون أنهم يريدون إماماً ودولة تحكم بكتاب الله وسنة نبيه؟!

أيستغبون الناس ويحتقرون عقولهم لهذه الدرجة المخزية المزرية؟؟

من يريد شرع الله فإن طريق شرع الله معروف معلوم

وهو بكل بساطة: دولة كدولة النبي صلى الله عليه وسلم

تجمع المسلمين كلهم

تطبق عليهم شرع الله

دون زيادة ولا نقصان

توالي من والى الله ورسوله

وتعادي من عادى الله ورسوله

يتخذون المؤمنين أولياء من دون الكافرين، ليكونوا جميعا على قلب رجل واحد، إمام يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه

سلمهم واحدة، وحربهم واحدة

فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون

فإن دين الله ليس شعارات مشاعرية لا واقع لها

ولا تلاعب بالعبارات والألفاظ ليرضى عنا أعداء الله

ولا احتكام الى الطاغوت والشرعة الدولية التي ما كانت وما وُجدت إلا للحفاظ على كينونة الكفر بمجموعه في وجه سلطان المسلمين

من أن يقوم ويرجع كما كان، يهدد أمنهم، ووجودهم، ويقضي على كياناتهم إلا إن نزلوا تحت حكم الله.

الأجهزة القمعية في غزة هاشم أضحت كما باقي الأنظمة في بلاد المسلمين: تريد حجب نور الله، ومنع العاملين للخلافة من الوصول إلى غايتهم

لكن: هيهات ثمّ هيهات لهم أن يكونوا على قدر المساواة في القوة والكيد مع من أمر بالعمل لإعادة الخلافة وقضاها حتما مقضيا

سبحانه وتعالى أن يكون الأقزام أينما كانوا ومهما كانت عدتهم وعتادهم قادرين على أن يحجبوا نور الله عن أرض الله، وأن يمنعوا خلافة راشدة ثانية من أن تقوم، فإن ربنا وربهم، خالقنا وخالقهم، مالك أمرنا وأمرهم حكم من فوق سبع سماوات فقال:


وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

ونبيه الكريم صلوات ربي وسلامه عليه يقول:

( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ،

ثُمَّ سَكَتَ ).


وأنتم أيها الأشاوس، شباب حزب التحرير

أيها الغرباء في زمن غُيّبت فيه أحكام الله وشريعته

لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم

لا يضركم من حاربكم وآذاكم، فإنهم لن يضروكم إلا أذى

وأنتم ترجون من الله ما لا يرجون.

بشراكم وقد تكالبت عليكم الأمم، كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها

التميز والتمييز، والمفاصلة من سنن الله في كونه

فكيف سيميز الله الخبيث من الطيب إن لم نُبتلى

ولا تمكين إلا من بعد ابتلاء

رحمكم الله، وثبّت على الحق أقدامكم، وسدد رميكم.

الجمعة، 7 مايو 2010

مخلوق جاهل جاحد



كلّ الكون يدين لخالقه وجوداً وعدماً، ويستقيم حالُهُ على قوانين ربانية لا يحيد عنها ولا يتخلف.
فلا تجدُ أن الكون ابتدع نظرية- أو ابتُدعت له – يغاير فيها أصل ما هو عليه من نظام وانتظام.
فلا الشمسُ رفضت مسارها، ولا الأرض أرادت نبذ قمرها، ولا ذاك النجم حقد على مجرّته فطلب لجوءً إلى مجرة مجاورة!!
إلا الإنسان، الوحيد من بين مخلوقات الله الذي أراد الخروج على أصل بنائه وانتظام وجوده ونواميس
كينونته!!

وبالرغم من أنّ كلّ ما في الكون يوحي للإنسان أنه مخلوق ويجب أن يسير في حياته وفق هذا التكوين
إلا أنه، وبمعاندة المعاند المتكبر على خالقه وموجده، أبى إلا أن يوجد لنفسه قوانين ونظريات وجود
ونظريات مآل، فطفق يبني لنفسه، من نفسه، قواعد فكرية يبني عليها ويؤصّل على أساسها أصله وفصله
وقوانين وجوده، ونواميس ارتضاها لنفسه ليفسر بها، ويبني على أساسها، أنه فوق المخلوقات، بل أنه لا يخضع
لقوانينها ونظرياتها!!
فظهرت نظرية " الحداثة " على إثر نظرية  النسبية
وحاول من خلالها أن يوجد له كينونة مستقلة عن الخالق فلم يفلح.
فتفتق عقلُهُ "الناقص الجاحد" عن نظريات عهد " ما بعد الحداثة "، فاصطدم بجدران فولاذية ما استطاع أن
يخترقها ولا يتعدى حدودها.

فجاوز ذلك كلّه وابتدع فكرة الإلحاد، الفكر الشيوعي الذي لا يعترف للخالق بوجود ولا بصلة.
فما زاده ذلك إلا امتهاناً للنفس وسقوطاُ في درك سلسلة المخلوقات إلى أن أوصلها إلى ما دون القرود
ليحاول أن يرتقي بها فيما بعد ليصل إلى مرتبة القرد ومن ثمّ ليصل إلى حيث ابتدأ من أنه إنسان...فضاعت من
ذهنه تلك " الحلقة " المتوهمة عنده فلم يجدها في الواقع، فرجع إلى " ذهنه " فوجدها- الحلقةُ - قد ضاعت من
بين ثنايا الذهن العقيم فوصل إلى مرحلة من الخصاء الفكري الذي لم يعد معه يستطيع أيّ إنتاج، فمات من حيث
لم يولد.

فبحث – هذا الإنسان المعاند المكابر لربّه وخالقه – عن قاعدة فكرية جديدة يحاول من خلالها إنقاذ ماء وجهه من
أن يهراق على أعتاب الجهل، "فاهتدى" إلى الرأسمالية محاولاً إيجاد نوع من التوافق، أو العلاقة ما بينه
وبين الخالق لعل حاله يستقيم ويرتقي بنفسه فوق درجة البهائم...درجةً!!
مع إبقائه على حالة العداء والنفور بينه وبين الخالق بأنّ: ما لله لله، وما لقيصر لقيصر!

فتهتكت صلته بنفسه فضلاً عن صلته بخالقه نتيجة الجهل والكبر والمعاندة!!
فلما أن فرغ عقلُ هذا المخلوق من " ابتداع " أية قاعدة فكرية محترمة يسير عليها في حياته لتستقيم
ويستقيم معها، أصبح يبحث في طيات التاريخ عن طرف علاقة يرتبط بها مع غيره، شيئاً كان أم بشراً
ليقنع نفسه أنّ له تاريخُ ُ عريقُ ُ وحاضرُ ُ مجيدُ ُ ومستقبلُ ُ مشرق يرى أبعاده واضحة، ومفاصله جلية.
فاشتعلت في ذهنه، وليس " أشرقت فقط"، قاعدة فكرية يمجّد من خلالها نفسه ويحاول إعطاء ذاته كينونته
فقال: أنا ابنُ الفراعنة، وأنا ابنُ الآشوريين، والكلدانيين، وأنا كنعاني أصيل، وأنا بابلي مجيد!!
فغاص في درك الجهل مع المجاهيل الذين أرادوا لأنفسهم عزة لكن ما بنوها حق بنائها، وما ارتقوا فيها وفوقها
ارتقاءً فكرياً على أساس قادعة فكرية أصيلة مؤصلة من عند الخالق، لا قاعدة بديلة عرجاء جوفاء مفرغة من
كلّ معنى إلا معاني الجهل والبعد عن الأصل...أنه مخلوق لخالق، لربّ واحد أحد، أوجده وأوجد معه قاعدة
فكرية، وطريقة منهجية يحترم بها كينونته، وتكريم خالقه له، ويرضي بها الله الذي أوجده، وبيده إفناؤه ثم حسابه
ومآلُه...إلى جنة عرضها السماوات والأرض، أو إلى نار موقدة مكفهرة والعياذ بالله.



الخميس، 29 أبريل 2010

البضاعة الطيبة

إن ذهب أحدنا إلى سوق الخضار
حينها سيرى الباعة ينتشرون هنا وهناك
وكل بائع منهم بين يديه بضاعة يسعى جاهدا لبيعها
فهو كي يبيعها، تراه يعرضها وينادي على الناس ليقبلوا عليه دون غيره خاصة
إن تشابهت البضاعة
فمنهم من يُحسن عرض البضاعة
ويُحسن النداء ليُقبل عليه الناس
فكيف يُحسن عرضها؟
وكيف يُحسن النداء؟؟

يأتي أحدهم ببضاعته ويكون للتو قد اشتراها من المزارع، أو جلبها من مزرعته
فينظفها
وينسقها
يجعل الحجم مع الحجم
واللون مع اللون
يبعد عنها التالف منها كي لا يتلف بقيتها
ويختار لنفسه منبراً، مكانا بارزا يلفت الأنظار ويجلب المشترين

ويُحسن النداء:
فلا يكون منفّرا بصوته
ولا كتوما
لا يصرخ صراخا يُبعد الناس ليبعدوا عن أنفسهم أذى صوته
ولا ينادي طول الوقت دون توقف
بل يختار حدّة الصوت
ونبرته
ويختار الوقت للنداء ويختار لوقت الذي لا ينادي فيه
ويغير من نبرة صوته وحدّته فذلك مدعاة للفت الأنظار
ويختار أن لا يكون نداؤه وألفاظ ندائه متشابهة مع غيره من الباعة
ففي ذلك جلب للآذان لتعلم أن هناك شيء مختلف، شيء يستحق أن نقف عنده
تخيلوا معي بائعا ينادي بأعلى صوته يريد أن يبيع الناس تفاحا
ولنتجاوز عن أسلوبه في النداء
هو ينادي دون توقف، بل ينازع غيره زبائنه ليتقدموا منه هو دون غيره
وعندما يأتيه الناس
يبدأ بوصف ( تفاحه) ومصدره وحجمه ومذاقه الحلو اللذيذ
غير أن الناس تنظر إليه ولا ترى بين يديه ذاك التفاح الذي يصفه!!
يقول لهم إنكم ما ذقتم تفاحا مثله
ولا رأت عيونكم تفاحا بجمال ألوانه
ولا ... ولا ... ولا
وغيره يعرض تفاحا أمام محله، تشاهده العين
حتى لو لم يفرّق الناس، أو لم يستطيعوا أن يفرقوا بين البضاعتين
فإحداها موجود معروض متاح للناس شراؤه وحمله
والثاني يصفه لهم صاحبه ويقارنه مع غيره ولكن لا شواهد عليه بين يدي الناس
فممن سيشترون؟
وكيف ستكون نظرتهم لذاك البائع؟
وهل إن قدموا السوق تارة أخرى وسمعوا نداءه سيُقبلون عليه ويشترون منه؟؟

أنا أزعم أنهم لن يفعلوا

ومهما حاول أن يثبت لهم أن تفاح غيره من الباعة لا يوازي عشر معشار تفاحة نقاوة وحلاوة و....و...الخ.
وحتى إن قال أحد الناس له أن ما اشتراه من غيره قد غشّه فيه وبان له أنه لا يصلح للأكل بعد أن اشتراه!!
فهل سيقتنع المشترى أن بضاعة هذا الرجل أفضل من بضاعة من اشترى منه؟؟
لن يقتنع بالقطع، لأنه لم يذق لها طعما ولم يجد لها في فيه حلاوة، ولم تنبهر عيناه بجميل منظرها!!

هل ما أقوله يا قوم هو خاطرة خطرت في البال؟
أم حلم رأيته في المنام؟
أم مثال وتقريب صورة لأمر في نفسي؟
هو الأخير
تقريب صورة لأمر في نفسي
والصورة التي أردت لها مقاربة هي صورة من يحمل بضاعة الفكر ويريد أن يروّج لها
صورة حامل الدعوة
صورة من ( حمل دعوة) دون أن يحملها
صورة من كانت الدعوة حاملة له بدل أن يكون العكس
الدعوة إلى الله
تلك الأمانة العظيمة التي تعجز عن حملها الجبال لها متطلبات
متطلبات لحملها
ومتطلبات لعرضها
ومتطلبات للدعوة لها
ومتطلبات للدعاية لها
وحتى يوجد حامل الدعوة جميع العناصر تلك
كان لا بدّ من أمر هام أساسي ومصيري له ولدعوته
وهو:
أن تكون تلك الدعوة وتلك البضاعة موجودة مشاهدة لها واقع وليست خيالا ولا أحلاما
أن تكون موجودة في نفسيته
أن تكون موجودة في عقله وحكمه على الأمور
أن تكون موجودة مشاهدة محسوسة بتصرفاته وأخلاقه
وجميع تعاملاته
وإلا فالبضائع كثيرة
وأصحابها كثر
والناس لها الظاهر حتى لو غشّها من غشّها
فلن تعلم أنها قد غُشّت إلا بعد أن تعاني من هذا الغش
ولكي نحمل الدعوة، ونحمل للناس بضاعتها لعرضها عليهم
وجب أن نكون أهلا لحملها
فمن يريد أن يحمل رطلا وجب أن تكون يداه قادرتين على الحمل
وإن أراد أن يبني بيتا لزم أن يوفّر له متطلباته
وإن أراد أن يحمل دعوة الرسل والأنبياء وجب عليه أن يتصف بصفاتهم
ويتحلى بأخلاقهم
فالدعوة طيبة طاهرة نقية
فلا بدّ لوعائها الذي يتسع لها أن يكون من جنسها الطيب
ولا بد له أن يكون طاهرا لطهارتها
ونقيا لنقاوتها
وأن يكون خير سفير لها فهو يمثلها ويعكس صورتها
فالمسألة لم تعد ( هو) بل أصبحت المسألة ( هي)
هو الشخص بعينه
غير أنها هي الدعوة بعالميتها
وشمولها
وحلولها
وسعادة من يعتنق فكرتها
ونجاة من يتبع سبيلها
فهي أكبر من الشخوص
بل أكبر من كل كبير إلا الله الواحد الكبير المتعال
فمن أراد عرضها وجب أن يتحلى بأخلاقها وما تدعو إليه
ومن أراد أن ينادى على الناس لأخذ وحمل بضاعته وجب عليه أن يراعي أنها طيبة
طاهرة نقية عفيفة لا دعوة قبلها ولا بعدها بطهارتها ونقاوتها وعفتها

وشمول حلولها

وأنوار دروبها

وطمسها لظلمات غيرها

ولسعادة من يعتنقها

ولخسران من يباعد نفسه عنها

بالفكر
والمحبة، محبة الخير للناس
وأسلوب النقاش المقنع
والحجة والبرهان



الأحد، 7 مارس 2010

العراق وأخواتها...


اليوم الأحد السابع من آذار من العام 2010 للميلاد بدأت الإنتخابات في عراق الرشيد
وقد سبق هذا اليوم حملات انتخابية للأفراد والكيانات السياسية فيها، وكانت حملة "مسعورة" ملتهبة، يتبارى فيها كلّ طرف لبيان نظافته وولائه لموطنه، وبياض يديه، وحبه للبلاد وحريتها وكرامة أهلها!!
ويتراشق كلّ كيان مع الآخر بالتهم والنقد والطعن ليُظهر للعراقيين المكلومين بأنه منقذهم مما هم فيه، وبقدرة قادر يتحول الذئب الذي كان بالأمس القريب عضوا في حكومة ذلّت العباد وسلّمت البلاد ونهبت الأموال وأباحت للغرب الخيرات، يتحول إلى ملاك رحمة يسعى إلى راحة الفقير والمريض والأرملة والمطلّقة!!

تلك الكيانات السياسية التي ما نشأت وما ظهرت إلى العلن، وما سُجّلت كحزب سياسي أو كياني سياسي يحقّ له الترشّح إلا بإذن أمريكا ورضاها، وما كان الفرد منهم أو الكيان ليخوض انتخابات تحت حراب الأمريكان إلا من بعد أن مرّ على " نقاط تفتيش " أمريكية تُظهر خلوّه من أي اهتمام بالعراق وأهله، وخلوّه من كلّ ما يمتّ للكرامة بصلة، وخلوّ برنامجه الإنتخابي من أيّ أفق لحرية أو استقلال أو دحر لأعداء الدّين من امريكان وغيرهم...

فبعد أن مرّت كلّ الكيانات السياسية من خلال نقاط التفتيش تلك أذن لهم بأن يكونوا رويبضات العراق الجدد، ومروّجي سياسة حبّ العبودية  وتقديسها وتقديس كلّ معانيها ومفرداتها

حتى وصل الحال باحد المرشحين بأن جيذش جيشاً تعداده ستمائة خبير جلّهم - إن لم يكن كلّهم - أجانب، واستخدم رئيس حملة الرئيس الأمريكي أوباما الإنتخابية ليرلأس حملته الإنتخابية.
ودون خجل من الله ولا من الناس يظهر ذاك المعمّم امام الناس يعظهم ويرشدهم إلى كيفية اختيار الأتقى والأنزه والأصلح وهو في ذات الوقت يرتدي العباءة الغربية وإن ظهر للعيان أنه يرتدي جبّة ويعتمر عمامة!!

وآخر يبتسم للناس ويؤملهم بالرفاهية ورغد العيش بعد أن كان بالأمس القريب بطل الفلوجة، تقطر من يديه دماء المسلمين الذين ذبحوا بامره وتحت سمعه وبصره..

وباقي القوم - الأفراد والكيانات السياسة التي تخوض الإنتخابات - ليس فيهم رجل يقول ربي الله بحق، وليس فيهم من يستشعر غضب الله من خوض انتخابات تحت ظلال وحراب المحتلّ ليزيد من ترسيخه في بلاد الرشيد، حتى أن الوقاحة عند كثير منهم وصلت إلى حدّ القول: أنه ليس من مصلحة العراق أن تخرج القوات الأمريكية منه إلا بعد أن يشتد ساعد القوات العراقية!!

تلك العراق، والكلام عنها لا ينتهى، ن كثرة البلايا فيها والرزايا، ومن هول ما يحدث فيها من مآس وهتك وتدمير وجريان أنهار الدماء.

ومثلها في البلاد أفغانستان ومن قبلهما فلسطين
فقد وُجد في كلّ منها من أهلهما من يمجّد الإحتلال، ويقدّس أنفاس الإحتلال، ويكرّس وجوده فيهما
فمجرد القبول بأن تكون في أي بلد منها انتخابات والإتحلال يحيط بها من فوقها ومن أسفل منها، وعن يمينها وعن شمالها، الماء بيده والهواء، وكلّ حركة في أي بلد منها لا يكون إلا بإذنه ورأيه ومشورته، مجرد القبول بانتخابات في ظلّ هكذا أوضاع هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، خيانة لمن يحاولون الضحك عليهم من الناس بأنهم " وطنيون " مخلصون" ، حريصون على كرمة الناس وهم من معاني الكرامة براء، ومن معاني السيادة واستقلالية الرأي كذلك براء

إنهم بسماحهم ومشاركتهم في انتخابات العار تلك إنما يثبّتون أقدام الغاصب المحتل الكافر في بلادنا، ويزرعونه فيها بدل اقتلاعة من جذوره، ويُعطونه السيادة بشرعيتهم الزائفة الكاذبة

ثلاث بلاد، فلسطين والعراق وأفغانستان، تذوق معاني الذلّ بأبشع صورها وحالاتها على أيدي حثالات فيها ارتضوا أن يسلكوا درب الخدمة لأسيادهم عن طريق الديمقراطية وبنت السفاح التي خرجت من رحمها والتي تسمى انتخابات
فــ " انتخابات بنت الديمقراطية " تلك والتي هي على مقاس الغرب لا مقاسنا، والتي قد تصلح أن تواري سوأة الغرب لا سوأة مدّعيها والعاملين بها في بلادنا، لا يجوز لمسلم أن يقبل بها، ولا أن يشارك فيها، ولا أن يعين عليها، فإن ذلك ليس إلا مشاركة في إثم، وإعانة على ضلال، ومساندة لأعداء الله، الذين أصبحوا يتكلمون بلساننا، ويظهرون أنهم من أبناء جلدتنا، وما ذلك إلا لأنهم استخدموا أقواماً منا ينفذون عنهم خططهم في بلادنا، يحمون مصالحهم، ويروجون للفاسد الباطل المنحرف من أفكارهم، يمكنونهم من الخيرات، ويبيحون لهم العورات، ويُسلمون أبناء المسلمين لهم يفعلون بهم الأفاعيل.

لله درّ المسلمين، وبلاد المسلمين، وأبناء المسلمين، الذين اجتمعت عليهم الأمم من كلّ حدب وصوب، وأصبحوا يعيثون فيها كالبغاث، ويرمون أهليها بسهام سامة قاتلة متمثلة بكل من قبل بانتخابات في ظل احتلال، أو روّج لفكر الكافر في البلاد، أو قال كلمة أعان الغرب فيها على العباد.

اللهم رحمتك، اللهم نصرك، اللهم فرجك

الأربعاء، 3 مارس 2010

دماء المسلمين، بين حاكم سفيه وفقيه آثر السلامة وموالاة للعجم وركون إلى جحر الضّب


 ينهى شرعنا الحنيف عن أن نستضيء بنار المشركين ، والاستضاءة هنا تعني أن نشاور المشركين أو أن نأخذ برأيهم ،

وذهب أهل العلم إلى أن الأمر متعلق بحرمة أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيلا لقوله تبارك وتعالى:
( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)
 لا أن يكونوا حاكمين لنا عن طريق أذناب هم لهم مطيعين، أتاحوا للكفر وأهله كلّ السبل علينا ، بحيث أصبح المسلمون يحكمون بقوانين الكفر والشرعة الدولية ، ومجلس الأمن ، لا يخالفوها ولا يجرؤا على مخالفتها بعد أن ركنوا إلى الذين كفروا ، ووضعوا كلّ مقدّرات الأمة تحت أقدام أذلّ خلق الله من أمريكان ويهود فبات المسلمون يقتلون ويذبحون ، وهؤلاء الأنذال يشجبون وينددون ، ثمّ آل بهم الحال إلى الامتناع حتى عن شجب أو تنديد، حرصا على عدم إغضاب أسيادهم وأوليائهم ،فلولا أولياء الكفار وأولياء اليهود هؤلاء الذين يحكموننا ما وصل حال المسلمين إلى هذا الذل والاحتقار والمهانة،،

فلو كان بين هؤلاء الحكام رجلا واحدا ذو دين ومروءة يعلنها حربا على الكفر وأهله لما تجرأ أحفاد القردة والخنازير أن يكون هذا حالهم ، ولما تجرأت أمريكا رأس الكفر أن تظل في طغيانها وعنجهيتها ، لو وجدوا من يقول

يا خيل الله اركبي لما جعلوا دماء المسلمين مسفوحة وأعراضهم منتهكه ودماءهم مستباحه،

كل هذا ما كان ليحصل لولا هؤلاء الحكام الذين يخونون الله ورسوله في كل ساعة وكل يوم، فهم ربائب أمريكا وزبانيتها وأعوانها وأولياؤها، وكلّ أحوالهم وأفعالهم تدل على خيانتهم لله ولرسوله وللمؤمنين، ولا يقبل بهم إلا من كان على شاكلتهم ، وكان وكان منغمسا في الجرم الذي هم به

أما من آثر من العلماء أن يسكت في زمن الفتن والمحن ، ورغب عن قول كلمة الحق في وقت نحن في اشد الحاجة لها ، فنقول لهم:

يا من كان الأصل فيكم أنكم للأنبياء ورثة ، وللعلم حاملون عاملون مخلصون إن كنتم رضيتم بالخنوع والسكوت إرضاء لأهوائكم أو خوفا وطمعا في حكامكم فان مهانة السكوت وعدم قول كلمة الحق تكفيكم، وحسابكم على الله،،

فان استمر هذا حالكم فأزيلوا عنكم رداء الوقار الذي لا يليق إلا بمن كان حاملا لأمانة التبليغ حق الحمل ، لا يخاف في الله لومة لائم، فما تطلبه الأمة منكم أن يخرج من بينكم ابن عبد السلام ، والحسن البصري ، وأبو حنيفة وغيرهم ، أولئك الغيورين على دين الله غير الطامعين في متاع الدنيا ،الزائل الذين التزموا أمر ربهم ورسوله ، فذكرهم الذاكرون بخير ، وعند الله نحسبهم ، ولا نزكي على الله أحدا.

فإن لم تريدوا وان جبنتم أن تكون هذه مكانتكم ، فقارعة الطريق هي منزل المرجفين الخائفين المثبّطين لعزائم المسلمون،

تنحوا ، فإنّ لهذا الدين رجال يصدقون بإذن الله ما عاهدوا الله عليه ، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، رجال قادرون بإذنه تعالى أن يعيدوا للامة مجدا تليدا ، ويرفعوا عنها مهانة وذلا، قادرون على أن يقولوا بملء أفواههم لا يخافون إلا الله : ألا يا خيل الله اركبي ، ألا يا خيل الله اركبي

إن الساكت عن الحق في زمن يطلب فيه الحق لا يمكن إلا أن يكون بشكل أو بآخر محقق لإرادة أمريكا وكفار الأرض بأن لا يقف في وجهها ولا يعارضها قي غيّها وطغيانها ، وإلاّ فما حجته عند الله؟

إن التبريرات التي يبررون للمسلمين بها فعل أمريكا ودول الكفر من محاربة للإرهاب ، وعدم جواز قتل الأبرياء، وأن الكفار منهم المؤمنون ومنهم المعتدون ، وأن إيماننا بالله يجمعنا وإياهم ،،، كل هذا مردود على قائله الذي لا يخدم فيما يقول مسلما ، ولا يرفع به ضيما ، ولا يعيد به عزة ولا كرامة ، بل هو زيادة في امتهان نفسه وامتهان واحتقار المسلمين ، وإمعان في التعدي على أوامر الله تبارك وتعالى ، الذي أعطى لمن كان غير مسلما وصفا واحدا لا ثاني له: أنّه

كافر ، فلماذا لا يقبل أؤلئك الحكام الأنذال أن يصفوا الكفار بوصفهم الذي وصفهم الله به؟؟ ولماذا يفعل ذلك أيضا بعض علماء السوء؟

هل يستحون من وصف الله تبارك وتعالى ؟؟ أم يرونه لا ينطبق على أوليائهم أولياء الشيطان؟؟؟

حاشا لله أن يصف مسلم صحّت عقيدته وسلم عقله الكفار إلا بوصفهم كفارا، هكذا بيّن الله ورسوله وهنا حد المسلم الذي يقف عنده في هذا الأمر ، ومن يتعدى ذلك فان الله عز وجل ملاقيهم حيثما شاء وكيفما شاء ولا يظلم عند الله

يقول الحق تبارك وتعالى:

(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَـافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَىْء إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)

وما نراه اليوم هو خلاف ذلك تماما ، حيث نرى المتخاذلين الجبناء الذي يحكمون المسلمين أولياؤهم الطاغوت رأس الكفر أمريكا ، ولا

يهمنا أكان ولاؤهم خوفا أو طمعا ، بل التحريم هو للولاء ابتداء فلا يحتاج إلى معاذير منهم ، فمجرد ولائهم لهم دخلوا في حلف الشيطان ضد المسلمين فوجبت البراءة منهم ومما يصنعون، كي لا يلحق من يسكت عن كفرهم وظلمهم ما يلحقهم من لعنة وغضب الله عليهم،

فهذا أمر الله تعالى لمن آمن به واضح لكي لا يكون لأحد منا حجة يوم نلقاه ، يقول تعالى:

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الْحَقّ)

ويبين العاقبة لمن يفعل ذلك فيقول:

وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ

إنّ أمريكا ومن شايعها ومن قبل بها هم أعداؤكم وأعداء الله تعالى، ولا يجوز أن تكون معهم علاقة إلا هذه العلاقة فقط، علاقة العداء والمحاربة لكونهم أعداء ومحاربون لدين الله ولمن آمن بالله تعالى، فلا مودّة ولا صداقة ولا محبة لأمريكا ولا لحكام المسلمين الذين باتوا عبيدا تحت أقدامها ،،، فمن أطاعهم وسمع لهم فقط أطاع ولبى نداء دعاة على أبواب جهنم فدخل فيها معهم.

طال زمن سكوت المسلمين دون أن يحددوا علاقتهم مع الكفر وأهله،

فعلى كل من آمن بالله ربا وبمحمد (ص) نبيا أن :

يغيّر منكر هؤلاء الحكام

وأن لا يطيعهم ، ولا يحتكم إلى شرائعهم شرائع الكفر

وأن ينبذهم هم وأعوانهم ومن يعينهم على باطلهم

وأن يعمل على إزالة منكرهم بإزالتهم

وأن يعمل من دعاة الحق المخلصين لإقامة شرع الله في الأرض،وينصّب على المسلمين حاكما واحدا يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه،،،، هذا لمن آثر النجاة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.

اللهم إنا قد بلّغنا ، اللهم فاشهد ، اللهم فاشهد، اللهم فاشهد

"يا أيّها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"

وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الثلاثاء، 23 فبراير 2010

غياب الساسة, وانحطاط السياسة


في ظلّ غياب الساسة في سدّة الحكم في بلاد المسلمين تأبى السياسة إلا أن تصل إلى أدنى وأوضع
حالاتها.
من يسوس المسلمين يجب عليه أن يكون أهلا لهذا العمل الجلل
وأن يكون مدركاً لحال أمة الإسلام، واعياً على قضاياها، مبصراً طريق خلاصها
أما أن يكون سقف الساسة، وغاية السياسة عندهم اللعب على وتر مشاعر المسلمين، ومحاولة تحريك عواطفهم
وإيهامهم أنّ قضيتهم تكمن في حلّ جزئيات هنا وهناك بعيداً عن التلميح فضلا عن التصريح أنّ سرّ البلاء، وسبب
 معاناة الأمة يكمن في غياب شرع ربها عنها.

ففي فلسطين، عمل بنو يهود على ضمّ المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة الأماكن الأثرية التي تخصّهم!!
فاستشاط ساسة فلسطين غضباً وطلبوا تحريك الناس لانتفاضة جديدة رداً على سياسة بني يهود تلك
ومع أن الأمر جلل، إلا أنه يندرج تحت كلّ ممارسات القمع والتقتيل والتشريد التي لم ينفكّ بنو يهود يمارسونها كلّ يوم وكلّ ساعة
فهل قرارهم ذاك يستدعي اتخاذ اجراء عملي واضح فوري وشنيع فعالهم الأخرى يُسكت عنها، ويسعى الساسة في ظلها للقاء وحوار واتفاق وهدنة؟؟
عندما يفقد من جعلوا من أنفسهم ساسة للمسلمين في فلسطين بوصلة قضيتهم، والباعث الشرعي لأعمالهم وأقوالهم فإن درك سياستهم ينحط إلى أن يلامس الأرض فيدفعهم إلى مخاطبة المشاعر والعواطف.
إن أي شبر من بلاد المسلمين قاطبة لايقل أهمية عن الحرم الإبراهيمي أو الكعبة المشرفة أو مسجد نبي الله صلوات الله عليه
غير أنه لا يدرك هذا إلا من اتخذ من الإسلام قضية له يعيش لأجلها ويموت دونها

أما من اتخذ من المصالح قضية، أو اتخذ من الكرسي هدفاً، فإنه يكون قد ضاع وأضاع، وفقد الرؤية وانعدمت عنده معاني السياسة
الأمة بحاجة إلى من يلامس شغاف قلوبها حقاً وحقيقة، ولا يكون ذلك إلا إن لامس أصل بلائها، وسبب غياب كرامتها، وهو تطبيق أحكام الضلال عليها لا أحكام الله وشريعته.
لأن حال من فقد بوصلة الحقّ تتغاير عنده المعاني، وتتفاوت القضايا، وتنقلب الأولويات، وتنعدم الثوايت

فمرة تجده يدعو إلى الجهاد ومرة يقاتل الداعين له
ويوماً تراه يقول أن سلاح المقاومة مقدس، ثم ينقلب على كلّ من يحمل هذا المقدس من السلاح

قضية فلسطين، وقضية الأمة كلها هي غياب شرع الله عنها
وأي أصبع يشير إلى غير هذا السبب هو إصبع فصاحبه موتور مأزوم
هدفه غير هدفنا، وغاياته غير غاياتنا، ومصالحه غير مصالحنا

تعبت الأمة وملّت من سياسات التلاعب بها وبعواطفها
وأصبح الاشمئزاز بادياً على وجوه من يسمع ذاك التهريج الذي يسمى سياسة
حتى إني أكاد أجزم أن اولئك الساسة، أصحاب تلك السياسات الهابطة باتوا لا يصدقون كلمة مما يقولون.

الأحد، 7 فبراير 2010

حكامكم ليسوا عاجزين ولا هم أموات أيها المسلمون


في أثناء وبعد كلّ مصيبة تنزل بأمة محمد صلوات ربي وسلامه عليه نسمع كلاما من أبناء الأمة، عامتهم ومفكريهم، وحتى من بعض علماء الشريعة الإسلامية، مفاد هذا الكلام هو أنّ الحكام في بلاد المسلمين المحكّمين على رقابنا هم أموات لا يرجى منهم خير، أو عاجزون لا يقدرون على شيء، ولا يستطيعون فعل شيء مما تطالبهم به شريحة عريضة من المسلمين

الميّت هو من لا حياة فيه ولا روح، والعاجز هو من فقد عضوا أو جزء من بدنه فأعاقه عن القيام ببعض أو جلّ ما يستطيع كامل الجسم أن يقوم به
هذا بشيء من الاختصار، وبما يتعلق بالمسألة وليس من ناحية طبية وفسيولوجية عامة

أما أنّ الحكام أموات: فهم ليسوا أمواتا، بل أحياء يُرزقون، تدبّ فيهم الحياة كأي ( مخلوق) وفيهم الروح مثل أيّ كائن حي

أما أنهم عاجزون، فهم أيضا - من ناحية بدنية وصحية- ليسوا كذلك، بشكل عام، ذلك أنهم أصحاء في أجسادهم عموما، غير أنّ النقص والعجز هو في شخصياتهم، نفسياتهم وعقولهم
أي أنّ عقلياتهم لا تنسجم ولا تتوافق من قريب ولا من بعيد مع عقيدة المسلمين حملا ولا تطبيقا
فعقلياتهم، وعقولهم موجهة مبرمجة ذات بوصلة لا تمتّ إلى شرع الله بصلة، فهم يفكرون، ويحكمون، ويتعاملون مع القضايا بعمومها من خلال وجهة نظر ليست هي العقيدة الاسلامية، فقد انسلخوا وسُلخوا عنها ومنها
وأصبحوا يتعاملون مع أبناء جلدتهم من المسلمين بما يمليه عليهم من هم تبع له من فكر غريب عن عقيدتنا، ومن أنظمة غربية غريبة أقل ما يُقال فيها أنها ليست منّا ولسنا منها، علمانية غربية لا يراعي أصحابها إلا مصالحهم وشعوبهم. فحين يستقي حكام المسلمين أنظمتهم وقوانينهم من تلك الإنظمة والقوانين فانهم حينها يطبقون على المسلمين ما لا يصلح لهم، بل قد يصلح للغرب فقط وليس لنا، وحين يتعاملون مع قضايانا فانهم يتعاملون معها وفق وجهة النظر الغربية، وحين يريدون التعامل مع أيّ من قضايانا فانهم ان استدعوا أحكام عقيدتنا لحلها فلن يجدوها، كونهم لا يحملونها ولا يعلمون كيف تكون حملا ولا تطبيقا، فيستدعون أحكام وقوانين الغرب، فيجدونها لا تنطبق على قضايانا

فهم اذن لا إلى هؤلاء ولا الى هؤلاء، تائهون بين اسلام كان الأصل فيهم ان يعتنقوه ويطبقوه غير أنهم لم يفعلوا، وبين انظمة غربية لا علاقة لها بدين الله

لذا تراهم مصابون بانفصام في شخصياتهم، مذبذبين بين شعوبهم وبين من يتبعون لهم في ولاءاتهم

فالميّت أو العاجز أيها المسلمون لا يجلب لنفسه ضرا ولا نفعا
أما هؤلاء فانهم بالقطع لا يجلبون لشعوبهم نفعا
الا أنهم، وبالقطع أيضا، يجلبون للأمة الضرر العظيم، والبلاء الجسيم
فلا يصح أن نقول أنهم أموات
ولا أن نقول أنهم عاجزون
وأن من يقول ذلك، وهو مدرك لمعاني الموت والعجز إطلاقا على الحكام، فانه اما أن يكون جاهلا جهلا مركبا
وإما أن يكون بإطلاقاته تلك يريد أن يُبعد أذهان الناس عن الحكام وتحميلهم مسؤولية ضياع الأمة وتضييعها

فان صدر ذاك القول من عامة الناس عذرناهم بعذر الجهل ( ولا أقصد بحال اساءة القول في عامة المسلمين) أما إن صدر من مفكرين وجماعات وعلماء فإن عذر الجهل غير مقبول لا عقلا ولا شرعا
والأصل البيان للناس أن هؤلاء الحكام بتقاعسهم، وتبعيتهم وعمالتهم للغرب والفكر الغربي أيّاً كان، هم الداء وسبب البلاء، ولا يمكن أن يتغير حال المسلمين وهؤلاء الأقزام جاثمين على صدورنا يمنعون الأمة من أية حركة ولو بغلبة الظنّ أنها من الممكن أن تكون في الإتجاه الصحيح

ولا يقبل عقل ولا شرع أن نحسن الظنّ بمن يتقلد أمور المسلمين، ويتحكم بهم ثمّ إن نزلت بالأمة نازلة قلنا أن حكامنا لا يقدرون على شيء من أمرنا ولا من أمرهم. هذا قول فيه ما فيه من استغفال للأمة واستغباء لعقولها، وحرف لها عن فهم أسّ الداء والبلاء وهم الحكّام المحكين والجاثمين على صدور خير أمة أخرجت للناس


اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا
وهيء لنا إماما يقودنا إلى ما فيه خير وعزّ الدنيا والآخرة
يحكمنا بكتابك وسنة نبيك الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.

دولة الخلافة العثمانية والمتآمرون عليها



في عام 923 هـ انتقلت الخلافة إلى سليم الأول بعد أن تنازل عنها المتوكل على الله آخر خليفة عباسي. وبهذا بدأت الحقبة " العثمانية " من الخلافة الإسلامية.

وقد عُرف العثمانيون بالعاطفة والحمية الإسلامية المتأججة، الممزوجة بالروح العسكرية المتأصلة فيهم، فحملوا راية الإسلام، وكانت دولة الإسلام في زمانهم أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ..

وحكمت من الزمن أربعة قرون، كان العثمانيون فيها حراساً للعقيدة، ناشرين دين الله في الأرض، فتحوا بلادا لم يعرفها الأوائل من المسلمين، ودحروا الأطماع الصليبية في بلاد المسلمين، وحقق الله على أيديهم هزائم كثيرة للصليبيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، والحاقدين على هذه الدولة التي اتسعت شرقاً وغرباً، فقد كانوا قادة عظاماً، لم يتغلغل الفساد إلى أركان حكمهم بعد، وكانت غيرتهم على الإسلام دافعاً قويا لهم، ولم ينغمسوا في مفاسد الحضارات المضمحلة في البلاد التي فتحوها، فقد أتقنوا فنّ التحكم والقيادة والفتوحات، وأتقنوا نظام الحكم خاصة في عصر الفاتح، وكان العثمانيون إجمالا يحبون سلاطينهم وقادتهم، لما وجدوا فيهم من صلاح وقوة وعزم، وحرص على الإسلام، وحماية للمسلمين، كما احترمهم غير العثمانيين من المسلمين، واطمأنوا تحت رايتهم وقيادتهم لهم.

استمرت دولتُهم الحارس الأمين للإسلام مدة أربعة قرون ( 699-1343) هـ.، وأطلق على الدولة حينئذ اسم "بلاد الإسلام" وعلى الخليفة اسم "سلطان" و "الغازي" أي: المجاهد

استمرت دولة الخلافة العثمانية قوية منيعة في وجه أعدائها طول الفترة التي كان عامل الدين ورابطة العقيدة هما السائدان، وهما الأساس الذي يجمع المسلمين في ذلك الكيان العظيم.
فقد استطاعت تلك الرابطة أن تجمع بين الترك والعرب والشيشان والشركس والداغستان بتناغم لم تشهد له دولة أو كيان آخر مثيلاً.

صحيح أن دولة الخلافة العثمانية لم تستمر على حالها من القوّة كما كانت في بداياتها وصولا إلى المائة الثالثة من حكمها، حيث اعتراها الضعف، وأصابها الوهن نتيجة عوامل كثيرة، ونتيجةً للمؤامرات التي حيكت ضدّها من قبل عدة أطراف منها:

* الصليبيين وما قاموا به من محاولات لضعضعة نظام حكم الخلافة، ودعوات الانفصال التي تبنوها وتبنوا دعاتها من قوميين ووطنيين وعلمانيين. ثمّ ما قاموا هم به مباشرة من احتلال لأجزاء من دولة الخلافة تحت ذريعة " حماية الأقليات التابعة لهم " بعد أن جعلوهم يتمردوا على دولة الخلافة ويختلقوا الذرائع لإيجاد القلاقل في ولايات الدولة...وهذا ذُكر عند المؤرخين فيما عرف ب " المسألة الشرقية " .

* اليهود وتحالفاتهم مع ذوي نفوذ زرعوهم في جسم الدولة وأوصلوهم إلى أعلى مراتب السياسة والنفوذ.

* الماسونية ومحافلها التي ثبتت علاقات اليهود بها، وكانوا على رأسها.

* الحركات والجمعيات التي كانت علاقاتهم مع اليهود والصليبيين واضحة واتفق أن كان هدفهم واحد وهو القضاء على دولة الخلافة، ومن أهم وأبرز تلك الحركات والجمعيات جمعية تركيا الفتاة، والإتحاد والترقي...الذين كان المتنفذين فيهما من يهود الدونمة والماسونيين في الأغلب الأعم.

في كتابه ( العبر وديوان المبتدأ والخبر) يقول العلامة عبد الرحمن بن خلدون:
أن الدول المستقرة يفنيها شيئان:
الأول: أن تنشأ مطالبة من الأطراف، وهذه الولايات التي تطالب بالاستقرار لا تبدأ بمطالبها إلا إذا تقلص ظلّ الدولة عنهم وانحسر تيارها.
الثاني: يأتي من دعاة وخارج في داخل تلك الدولة المستقرة، فيبدؤون بمطالب صغيرة ثم تنتهي إلى مقصد هيبة الدولة ونظامها.

وهذا ما كان، حيث رعى اليهود والماسونيون والصليبيين وعملاؤهم من العلمانيين العرب والقوميين والوطنيين دعاة الإنفصال عن جسد الخلافة وقوّوهم بالمال والسلاح ومن أمثالهم الوهابيين والشريف حسين.

وفي ذات الوقت، وُجد داخل الدولة من يتهمها بالتقصير والقمع والتمييز بين رعاياها على أساس قومي وعرقي فبدأت مطالباتهم ترتقي إلى أن وصلت إلى رأس الهرم السياسي عن طريق دسّ أناس ارتقوا سلّم السياسة إلى أن وصلوا إلى مناصب اتخاذ القرار أو التأثير فيه.
ومثال ذلك ما حصل مع الخليفة سليم الثالث حين قتله بعض أفراد جيشه القديم بعد أن رأي الوهن والضعف يدب في أوصال جيشه فكوّن جيشاً جديداً مما أدى إلى أن ينقلب عليه رجاله القدماء فقتلوه،
ومن المشهود المعروف عن سليم الثالث سعة علمه حيث أنشأ المدارس ورعاها، وكان هو ذاته يدرّس في مدرسة الهندسة.

وقد استطاعت الخلافة العثمانية أن تدافع عن الشرق العربي ضد الاستعمار الأوربي، وتوقف المد الصليبي الغربي أربعة قرون، فقد كان من اللازم أن يتحول الوطن الإسلامي كله إلى قوة عسكرية لتواجه الموجة الصليبية العاتية.
صحيح أن الدولة العثمانية لم تستطع أن توقف هذا المد إلى النهاية، ومع.
ذلك يبقى لها فضل الصمود المشرف، وإلحاق هزائم متقدمة بالدول الأوربية تعد نقطة مضيئة في سجل التاريخ الإسلامي.

وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها الكتاب اليهود والماسونيين والعلمانيين من عرب وعجم، إلا أن الشعوب العربية والإسلامية لم تكن تنظر إلى الدولة العثمانية كدولة استعمارية متسلطة كما كانت تنظر فيما بعد إلى فرنسا وانجلترا واسبانيا ، بل كانت تنظر إلى الخلافة التركية كضرورة يجب أن تظل وتبقى في مواجهة عالم غربي صليبي نهم يتطلع إلى خيرات المسلمين ، وهناك أدلة كثيرة تؤيد هذه النظرة ، منها : أن الجزائر قد دخلت باختيارها في الدولة العثمانية ، وكذلك أمراء لبنان ، وشريف مكة ، وأن المغاربة قد رفضوا التجنيد في جيش المماليك لمقاتلة " السلطان سليم " لأنهم على حد قولهم لا يقاتلون إلا الفرنج . وكانت الشعوب العربية والإسلامية تتعاطف مع الدولة العلية وتمدها بالمؤن والرجال على اعتبار أنها دولتهم التي تجمعهم ، ويقوم الدعاة في كل مكان يحرضون الناس على الدفاع عن الإسلام حتى تبلغ دعوتهم الهند والصين .

وقد ثبت أن أغلب الجمعيات المناهضة للسلطان عبد الحميد نشأت في سالونيك
( مقدونيا ) ، وقد كان نصف سكانها تقريبا من اليهود ، كما كانت تزخر ، بالقوميات البلقانية ، وكانت أكثر اتصالا بالعالم الأوربي . ومن هذه الجمعيات جمعية ( الوطن ) التي أنشأها أتاتورك سنة 1906 م ، ثم سماها ( الوطن والحرية ) ، ومنها ( الجمعية العثمانية ) التي كان يتزعمها أنور ونيازي . كما كان هناك علاقة قوية بين حركة ( تركيا الفتاة ) والماسونية . وكان المحامي اليهودي " عمانويل كاراسوانتوس " واحدا من أربعة تقدموا إلى القصر السلطاني ليبلغوا السلطان عبد الحميد نبأ عزله .

أما جمعية تركيا الفتاة:
أو " الأتراك الشباب " فهي اتحاد لمجموعات ماسونية سعت لإثارة القومية التركية الطورانية، وكان هدفها الإطاحة بالسلطنة العثمانية عن طريق إثارة النعرات القومية.
وجميع قادة تلك الجمعية هم من الماسونيين ولم يكن فيها مسلم واحد. بدايات نشأتها كانت في صفوف الطلبة العسكريين ثم امتدت لتشمل قطاعات أخرى.

وجمعية الإتحاد والترقي:
وهي في الحقيقة " ابنة " جمعية تركيا الفتاة، حيث أنه حصل انشقاق في تركيا الفتاة نتيجة اختلافات لأسباب عديدة، فكان قادة جمعية الاتحاد والترقي هم من قادة تركيا الفتاة، فكانوا من الماسون، تأسست عام 1894 للميلاد، انقلبت على السلطان عبد الحميد في 27 نيسان 1909، وتحمل ذات أهداف جمعية تركيا الفتاة من حيث الإطاحة بنظام الحكم في تركيا وإلغاء نظام الخلافة الإسلامية. وإنشاء كيان ليهود في فلسطين.
ولم يكن من أعضائها مسلم واحد، فأنور بولندي وجاويد: من يهود الدونمة
وكراسو: يهودي اسباني

وجمعية العربية الفتاة:
تقابل جمعية تركيا الفتاة
نشأت هذه الجمعية رداً على الجمعيات السابقة الذكر، للدعوة إلى القومية العربية، ومن ثم طلب الاستقلال – استقلال العرب – عن دولة الخلافة، ودعاة هذه الجمعية هم أول من اتخذ علم " الثورة العربية الكبرى" راية لهم قبل أن يتبناه "الشريف عبد الله" ابن " الشريف حسين " في دمشق، والذي انضم إلى تلك الجمعية.
ومن المؤسسين لجمعية " العربية الفتاة":
عوني عبد الهادي من فلسطين
رفيق التميمي من فلسطين
محمد البعلبكي من لبنان
محمد عزة دروزة من العراق
جميل مردم بك من سوريا
توفيق السويدي من العراق
محمد رستم حيدر من لبنان
وبالطبع هناك جمعيات أخرى نشأت غير أنها ذات تاثير أقل من الجمعيات المذكورة، بيد أنها تحمل كلّها بذور الانفصال عن جسد دولة الخلافة وإنهاء حكمها.
ولم تخلُ الساحةُ من غربيين منصفين منهم " فمبري المجري " وقد شهد لعبد الحميد بالتواضع والبعد عن الإسراف والبذخ، وأن ما ذكر بقصد تشويه سمعته فيه مبالغة شديدة، وغلو مرفوض.

واليوم، على عكس السنوات التي خلت، تظهر من الحقائق الكثيرة التي تدل دلالة واضحة جلية على تواطؤ مصطفى كمال مع الصليبيين الانجليز في سعيهم لهدم دولة الخلافة، ومن هذه الدلالات:
نشرت جريدة الأهرام القاهرية في يوم الخميس ( 16 من ذي القعدة 1387 هـ، 15 من فبراير 1968 م ) تحت عنوان:
« كمال أتاتورك رشح سفير بريطانيا ليخلفه في رئاسة الجمهورية التركية »
وذلك نقلا عن صحيفة " صنداي تايمز " . قالت التايمز إنه : في نوفمبر سنة 1938 كان كمال أتاتورك يرقد على فراش الموت ، وعلى امتداد 15 سنة حاول بدكتاتورية صارمة أن يجرجر تركيا رغم أنفها ، ويدخلها إلى القرن العشرين .
واستدعى وهو على فراش الموت السفير البريطاني " برسي لورن " إلى قصر الرئاسة ، واختلى به ، وظل ما دار بينهما سرا لمدة 30 سنة ، إلى أن عثر الابن " بيرز ديكسون " بين أوراق والده على برقية بعث بها بيرسي لورن إلى " اللورد هاليناكس " وزير الخارجية ، وفيها يروي السفير أن أتاتورك أظهر له أخلص رغبة في أن يخلفه في منصب الرئيس . فلما رفض السفير ظهرت على مصطفى علامات التأثر الشديد ، ومال برأسه إلى الوسائد ، ودق الجرس للممرضات اللواتي أعطينه دواء مهدئا ، مما اضطره إلى أن يعين " عصمت إينونو " بدلا منه .
ومنها كذلك:
يقول أتاتورك في مذكراته ص 32 – 33 " منذ صغري وأنا أحمل طبعا معينا ففي البيت الذي كنت أسكنه لم أكن أرتاح للوجود مع أمي ، أو مع أختي أو مع صديق ... الخ "
- كان في المجلس الوطني جناح معارضة، وكان على رأس هذا الجناح السيد على شكري الذي كان ضابط ركن في البحرية... ولم يُرض هذا أتاتورك ، فدعاه بواسطة رئيس الحرس الشعبي " توبال عثمان " حيث خنقه وألقى بجسده في إحدى الحفر .
- أما توبال عثمان فقد كانت مكافأته رصاصات اخترقت جسده من الخلف .
- وكتب عنه رضا نور ( 3/ 619 ): كان يشرب باستمرار، حتى الصباح، إلى أن يسقط من السكر.
- ويقول ( 3 / 869 ) بعد انتصار الأتراك في معركة صقاريا رجع مصطفى كمال إلى أنقرة ، فاستقبل استقبالا حافلا ... لقد مات الآلاف ، والرجل الذي صنع النصر . أما مصطفى الذي أصدر أوامره بالتقهقر فقد نال مجدا لا يستحقه.

وأيضاً:
يقول مصطفى كمال في كتابه الخطابة ص 42: لقد برهنت مستندا على التاريخ التركي والإسلامي على إمكانية فصل السلطنة عن الخلافة، وإمكانية فصل الخلافة عن السلطنة... وقلت بإن الخلافة انتهت في الدنيا عندما قام هولاكو بإعدام الخليفة المستعصم .
- وقال في أعضاء مجلس الأمة التركي : إنني أرى أن من المستحسن أن يوافق المجتمعون على اعتبار هذه قضية طبيعية ، ولكن إذا حدث العكس فإن هذا الآمر سينفذ أيضا وفي إطار المجرى الطبيعي ، ولكن من المحتمل أن بعض الرؤوس ستقطع .

- ثم ألغيت السلطنة وبعد إلغائها عقد مؤتمر الصلح في لوزان في سويسرا ، وكان في المؤتمر ثماني دول تسيطر عليها انجلترا زيادة على تركيا ، وكان الإنجليز يحرصون على أمرين هما :
 1- إلغاء الخلافة،
2- بعد اقتطاع البلدان العربية من جسم الإمبراطورية ، وظهور منابع النفط ، إقتطاع لواء الموصل ومنابع النفط فيها من تركيا

- انقطعت المفاوضات في مؤتمر لوزان لعدم الوصول إلى اتفاقات حاسمة ، فتتدخل الشخصية اليهودية المعروفة " حاييم ناعوم " كبير حاخامي اليهود ، ويتصل بمصطفي أتاتورك ليقدم له الخطة أو الأمر التالي :

إن إلغاء الخلافة وترك الموصل للإنجليز شرطان ضروريان للاعتراف باستقلال تركيا وحقها في الحياة.

- وبعد هذه الرشوة أعلن المجلس القومي الأعلى الجمهورية، وانتخب مصطفى كمال بالإجماع رئيسا لها. وصدر من المجلس القوانين 429، 430، 431، القوانين الآتية
1- تلغى الخلافة ، كما يتقرر إخراج الخليفة مع جميع أفراد عائلته من البلاد .
2- تلغى وزارة الأوقاف ووزارة الشرعية .
3- تربط جميع المؤسسات العلمية والدينية في تركيا بوزارة المعارف، أي تلغى المدارس الدينية.
وقد ظهرت بعد موته وثائق متعددة وكلها تدينه أخلاقيا وسلوكيا ودينيا بل إن بعضها يضعه في صف مرتكبي الخيانة العظمى. ونكتفي بوثيقتين .
- الوثيقة رقم 7 : اخترق الإنجليز جبهة الجيش التركي الذي يقوده مصطفى كمال ... اخترقوه بواسطة وحداتهم من الخيالة، حيث وصلوا إلى مؤخرة أربعة جيوش تركية، وقد وقعت هذه الجيوش في يد الأعداء بكل أفرادها: جنودهم وضباطهم ولوازمهم وجميع أسلحتهم. وكان قائد الجيش الرابع " كوجك جمال باشا " يرى على الدوام أن مصطفى كمال هو المسئول عن هذه الهزيمة ، فليس بإمكان وحدة من الخيالة أن تخترق جبهة جيش ، وأن تقوم بأسر هذه القوات.

- الوثيقة رقم 6 : وتمت الكارثة التي لا يتحملها العقل ولا الخيال ، وهي أن مصطفى كمال انسحب إلى " أدرنة " و " قونية " ، لكي ينقذ نفسه .
وتلك بعض دلالات خياناته لدولة الخلافة، ومدى سيطرة الانجليز عليه كما على غيره ممن جندوهم للقضاء على دولة الخلافة العثمانية.
فأرادوا وضع حد~ لدولة حكمت المسلمين ونشرت الإسلام في ربوع الأرض
هذه الدولة التي عمرت ما يقارب الثلاثة عشر قرنا من الزمان، والتي تفيّأ المسلمون في ظلالها، وعاشوا تحت حكمها، فكانت لهم الأب الحاني والأم الرؤوم، فعاشوا فيها حياة العزة والكرامة، حتى أهل الذمة الذين عاشوا في كنفها، فقد نعموا بهذه الدولة أيضا، فقد حفظت لهم حقوقهم وحمتهم ورعتهم حق الرعاية، فقد عرفوا ما لهم وما عليهم
فصارت نهبا لكل ناهب، وحمىً مهدوراً، وهدفا يرمى وساحة مستباحة في البلاد والعباد، وتبين للمسلمين أن القادة الذين وصلوا إلى سدة الحكم، في تركيا والحجاز ومصر في آخر عهد الدولة كانوا خونة عملاء متآمرين مع الإنجليز الكفار الصليبين الحاقدين، والماسونيين واليهود، وعملوا معهم يداً بيد للقضاء على حاضنة المسلمين – دولة الخلافة العثمانية.

وفي النهاية أذكركم بحدث واحد حصل في ظلّ دولة عزّتكم وكرامتكم، دولة الخلافة، لنشم منه عبق القوة والمكانة الرائدة لتلك الدولة التي نسأل الله أن يكون يوم عودتها قريباً وأن يمكّن أميرنا حفظه ربي ورعاه من أن يكون هو باعث عزّتهم ومجدهم من جديد وخليفتهم الذي يطبق شرع الله وينشر العدل في ربوع الأرض وما ذلك على الله بعزيز.

واليكم هذا الموقف وهو من كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية ( لفريد بك المحامي)
لما أسر ملك فرنسا فرنسوا الأول في معركة بافيا، إحدى المعارك الأوربية، شعرت فرنسا أنها أهينت بأسر ملكها، ولم يكن بمقدور جيشها أن ينقذ ملكها المأسور، فلجأت فرنسا إلى دولة الخلافة العثمانية، وأرسلت فرنسا رسولا تستغيث بخليفة المسلمين للمساعدة في فك أسر الملك، فأجاب استغاثته وأرسل إليه مع الرسول كتاباً جاء فيه :-
بسم الله العلي المعطي، المغني المعين، بعناية حضرة عزة الله جلت قدرته، وعلت كلمته، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء، وقدوة فرقة الأصفياء، محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثيرة البركات، وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وجميع أولياء الله.
أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين متوج الملوك ظل الله في الأرضين سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والأناضول والروملي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام وحلب ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب واليمن وممالك كثيرة أيضا التي فتحها آبائي الكرام وأجدادي العظام بقوتهم القاهرة أنار الله براهينهم. وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها بسيف الظفر. أنا السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا: وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم فرانقبان النشيط مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفهياً وأعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم وأنكم الآن محبوسون وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدتنا الملوكانية وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل فصار بتمامه معلوما.

فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم فكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول الخاطر فإن آبائي الكرام وأجدادي العظام نوّر اللهُ مراقدهم لم يكونوا خالين من الحرب لأجل فتح البلاد ورد العدو ونحن أيضا سالكون على طريقتهم وفي كل وقت نفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة وخيولنا ليلا ونهارا مسروجة وسيوفنا مسلولة فالحق سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور فليكن معلومكم هذا.

اللهم عجّل لنا بنصر من عندك مؤزّر، يعزّ به أولياؤك، ويذلّ به أعداؤك









والحمد لله ربّ العالمين

الجمعة، 5 فبراير 2010

"تجفيف منابع التديّن" مشروع قديم متجدّد



لا يختلف اثنان من الباحثين في قضايا " الإسلام السياسي"  أن مؤسسات الفكر الغربية بذلت وتبذل مجهودات هائلةً في إثارة هذه المسألة ووضعها على رأس أجندة أعمالها، بحثاً وتمحيصاُ وخروجاً بتوصيات وإرشادات سواء لمراكز القرار في بلادها أو للأنظمة في بلاد المسلمين، لكي يولوا هذه المسألة الحساسة أهمية بالغة، وقد صاغت مؤسسات الفكر هذه (Think Tanks ) كيفية التعاطي مع العالم والأحداث لمدة تزيد عن المائة عام. http://www.venusproject.com/ecs/world_news/think_tank_list.html 

وبالرغم من أنّ هذه المؤسسات لا تقع تحت أضواء الإعلام بشكل يُظهرُ فيه عملها وخطورتها، إلا انها تؤثر وبشكل قوي على صانعي السياسة الأمريكية من خلال عدة طرق أهمها:

1- توليد أفكار وخيارات مبتكرة في السياسة الخارجية:
وقد كانت أكثر الأمثلة شهرة على هذا ما حدث بعد انتخابات عام1980، عندما تبنت حكومة رونالد ريجان مطبوعة مؤسسة هيرتيج (Heritage Foundation) عنوانها "تفويض للتغيير" كبرنامج عمل للحكم. و هناك حالة ثانية أكثر حداثة تمثلت في صدور تقرير سنة 1992 أعده معهد الاقتصاديات الدولية و مؤسسة كارينجي للسلام الدولي (Carnegie Endowment For International Peace) يقترح إنشاء مجلس امن اقتصادي و قد وضعت إدارة كلينتون التي تسلمت الحكم فيما بعد هذا الاقتراح موضع التنفيذ بإنشائها المجلس الاقتصادي (هذا الجهاز مازال يعمل الي يومنا هذا).

2- تأمين مجموعة جاهزة من الاختصاصيين للعمل في الحكومة:
فقد قام عل سبيل المثال الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بعد انتخابه في عام 1976 بتعيين الكثير من خبراء مؤسسة بروكنجز و مجلس العلاقات الخارجية في حكومته، و بعدها بأربع سنوات توجه رونالد ريجان الي مؤسسات أخري لتشكيل هيئة خبرته و مستشاريه. فقد استعان خلال فترتيه الرئاستين بمائة و خمسين شخصاً من مؤسسة هيرتيج و مؤسسة هوفر و معهد انتربرايز الامريكي. كما اتبع الرئيس الأمريكي الحالي (بوش الابن) في تعين الخبراء و المستشارين في حكومته السابقة و الحالية نفس النمط.

3- رعاية الحوارات والنقاشات والتوسط بين الحكومة والإطراف المعنية لتسهيل تمرير السياسات الأمريكية تحت مسميات من مثل: مؤسسات حل النزاعات والصراعات.

مؤسسات من مثل " كارنيجي" و " مركز نيكسون" من المؤسسات التي كان لها دور بارز في تناول قضايا حساسة في عالمنا الاسلامي مثل قضية مناهج التعليم والمواضيع المقررة فيه، ما دعا الحكومات الغربية منذ زمن وإلى أيامنا هذه للتركيز على أن هذه المناهج تشكل منبعاً من منابع الكراهية وتأصيل العداوة فبالتالي يلزم النظر فيها وإعادة صياغتها لتلائم العصر والانفتاح الحضاري بين دول العالم!!
ما حدا بالأنظمة في عالمنا الإسلامي أن يهرعوا ملبين ذاك الطلب، فعملوا على تغيير ملحوظ في المناهج المدرسية والجامعية طال آيات من القرآن الكريم حذفاً أو اختصاراً كما طال أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأعيدت صياغة بعض المواد المنهجية لتلائم ذاك الأمر الصادر إليهم سؤاء في القضايا التاريخية أو الجغرافية وبالطبع القضايا السياسية.

الإسلام المعتدل من ضمن طروحات مراكز الفكر:

  نشرت مجلة Commentary الأمريكية في عدد شباط  2008 وتحت عنوان "In Search of Moderate Islam" في سبيل البحث عن إسلام معتدل- الأولى من نوعها التي تبحث في سبيل إيجاد تيار إسلامي معتدل، بل تعددت الدراسات وتنوعت في هذا الاتجاه، وخاصة خلال الفترة القليلة الماضية، فقد أصدرت مؤسسة Rand Corporation -التي تعد واحدة من أهم مراكز الأفكار في العالم وأحد أهم المؤسسات الفكرية المؤثرة في صناعة القرار في الإدارة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط- دراسة في نهاية آذار 2007 تحت عنوان: "بناء شبكات إسلامية معتدلة" "Building Moderate Muslim Networks" والتي كانت عبارة عن تقرير متمم لسلسلة التقارير التي بدأ بإصدارها هذا المركز في إطار تحديد الأسس الفكرية للمواجهة مع العالم الإسلامي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
حاول الكاتبان ( جوشوا مورافشيك وشارلزبي سزروم) جاهدين تفسير مفهوم الاعتدال على أن كلمة معتدل تشير إلى كمية أو درجة أقل من الشيء، وهو تعريف غامض ولا يستقيم أصلا مع سياق الموضوع هذا؛ وذلك لأن الاعتدال مفهوم في هذا السياق يعني "الوسطية"، لا كما أراده الكاتبان والذي يشير مباشرة إلى أن الاعتدال هو التخفيف من درجة الشيء.

وللحكم على الأفراد أو الجماعات بأنهم معتدلين أم غير معتدلين، وضعت الدراسة عدة معايير على شكل أسئلة:

هل تعتنق هذه الجماعة الديمقراطية وتمارسها في هياكلها الداخلية؟
هل تنبذ العنف في سعيها لتحقيق أهدافها؟
هل تدين الإرهاب؟
هل تدافع عن حقوق متساوية للأقليات؟
هل تدافع عن حقوق متساوية للمرأة؟
هل تقبل تعددية التفسيرات داخل الإسلام؟

وبالطبع فان تلك المصطلحات من ديمقراطية وعنف وإرهاب وحقوق إنسان وتعددية إنما تخضع لمفاهيمهم هم لا إلى مفاهيمنا نحن في العالم الإسلامي، وبناء عليها يتم تصنيف الجماعات ووضعها في خانتها للتعامل معها وفق ما وُضع لها من سياسة تعامل عند أمريكا والغرب.

وقد لبى - للأسف - عدد لا بأس به  من الكتّاب والمثقفين والعلماء والشيوخ كثيراّ من تلك المتطلبات حتى لا يُصنّفوا بأنهم إرهابيون أو غير حضاريين !!
الأمر الذي زاد عندنا في بلادنا أعداد المحرفين والمزيفين للتاريخ والحضارة و...الدين.
ومن نماذج الإسلاميين المعتدلين - وهي كثيرة - هناك جماعة حزب الوسطية الجديدة في الأراضي الفلسطينية الذي أسسه محمد دجاني مدير مركز الدراسات الأمريكية في جامعة القدس برام الله والذي كان عضوًا سابقًا في حركة فتح، ويمثل هذا الحزب محاولة لخلق بديل لكل من فتح وحماس، فيدعو دجاني إلى حل الدولتين والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، وبالنسبة لحق العودة يقول: "لماذا نضع كل هذه العقبات في طريق السلام؟"

تجفيف منابع التديّن :
أو قل: تجفيف منابع الدّين
تلك خطة معمول بها بكل جدّ وحزم ومنهجية
هدفها إبعاد المسلمين عن أصل دينهم ومحو حضارتهم من أذهانهم
وجعل المنهجية الفكرية عند المسلمين تُبنى على أساس من الثقافة الغربية والقناعات والمفاهيم الغربية
واستبعاد نصوص الشرع القطعية منها قبل الظنية من أن تكون مرجعاً بين الناس

ومن أسباب وجود هذه الخطّة: شعور الغرب بتهديد الإسلام السياسي ونموه المضطرد المتنامي بين المسلمين، ذلك أنه تناول ويتناول القضايا الحساسة والمصيرية والتي تلامس حياة الناس بشكل واضح جلي، واضعاً الإصبع - الإسلام السياسي- على المرض الذي تعاني منه الأمة، وواضعاً في ذات الوقت الحلول الكفيلة بتخليصهم مما هم فيه
صحيح أن مصطلح الإسلام السياسي يحتمل معان عدة في أذهان الناس، إلا ان المقصود منه عند من يحاربون هم المسلمون الذي يحملون همّ الأمة الإسلامية - كلّ الأمة - ويعملون على تخليصها من براثن الغرب دون أن يعيروا المكان أي اهتمام، أي دون أن يقتصر عمل " المسلمين السياسيين " على بؤرة دون غيرها أو على بلد دون غيره، بمعنى آخر: هم المسلمون الذين لا تقوم دعوتهم على أساس من الوطنية أو القومية
ولا أرى جماعة ينطبق عليها هذا التوصيف غير " حزب التحرير " الذي يقوم على منطلقات شرعية لا تخفى على الباحث النزيه خالي الشهوة متحري الحقيقة والدقّة، ولا أقصد من هذا أنه لا يوجد من المسلمين من يحمل هذا الهمّ بفرديته، إنما الحديث عن جماعة وحزب، لذا فإن الإنطباق أراه لا يتنزّل إلا على حزب عالمي ذو رؤية واضحة جلية، وهدف مرسوم مخطوط بوضوح لا يعتريه فيه شك، ولا يُبنى في كلياته وجزئياته إلا على أساس شرع الله تبارك في علاه.


ومن أبرز الأنظمة في العالم الإسلامي التي وضعت أجندة واضحة لمسألة " تجفيف منابع التديّن" هي تونس
حيث بدأت العمل في هذه الخطة منذ العام 1989 م.

ركزت فيها على الأسباب والأهداف والغايات
وعلمت أهمية المدارس والمساجد والجامعات في التوعية وبثّ روح الإسلام، فحرصت كلّ الحرص على إفراغها من مضمونها، ووضعت لذلك خطة وحشدت لها جيوشاً من المدرسين والكتاب والعلماء والأئم الذين رضوا بأن يكونوا أداتها في محارية الدين والتدين ودعاة التغيير والنهضة

كماتحذوا حذوها اليوم " السلطة الفلسطينية " التي لم تنعتق بعدُ من احتلال بني يهود لها
فهم - بنو يهود - لا يحتلون الأرض فقط، بل أصبحوا يحتلون عقول وقلوب رموز السلطة وأعوانها، ويملؤون منهم العقول والعيون، بحيث أصبحوا ساعدهم في محاولة تجفيف منابع التدين والتصدي لدعاة الحق، في المساجد والمدارس والجامعات، سناً للقوانين، ومنعاً لاعتلاء المنابر إلا لمن رضخ لهم وقبل بهم وأخلص لمنهجهم في الوقوف في وجه الدعاة إلى الله تعالى.

إنّ مسألة " تجفيف منابع التدين " لكي تنجح وتؤتي ثمارها كما يريدها الغرب والأنظمة العميلة له في بلاد المسلمين، يجب أن ينجحوا  في التخلص من القرآن الكريم كمنهج ومرجعية للمسلمين
والتخلص من السنة النبوية المطهرة كحادية لدرب المخلصين
فأن قدروا على ذلك كان لهم ما أرادوا هم وأعوانهم
ولكي يقدروا على ذلك يلزمهم أن يعلموا أن من يتحدونه ويحاربونه ويقفون في وججه في هكذا خطة هو الله تبارك في علاه
فهذا قرآنه
وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه هي وحي من عنده
والمسلمون الحقّ يُشكلّ قرآن الله تعالى وسنة نبيه سرّ حياتهم وغاية وجودهم
وطالما أن الحال كذلك فإنهم لن يقدروا على شيء
ولن يُفلح كيدُ الكافرين ولا كيدُ أعوانهم
والغلبة بإذن الله تبارك في علاه هي لعباد الله ولدين الله











الاثنين، 25 يناير 2010

لا ينزلنّ الذليلُ بأرضنا, ولا يقعدنّ الوضيعُ مقاعد الكرام


مذ خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وهو يختار للناس خيارهم ليكونوا قوّامين عليهم، هداة لهم بعد أن صقلهم ربّهم بأحسن الصفات، وأرفع الأخلاق، وأنشأهم على عين بصيرة، ليكونوا مهديين ثمّ للعالمين هداة.


صنع آدم عليه السلام على عينه، فكان أول البشر الّداعين إلى الله، ثمّ توالت الأيام وانقلبت السنون، وتلاحقت القرون، فلم يخلُ قرنُ ُ من الهداة المهديين، الداعين إلى الله على عين بصيرة، الذين يُصلحون ما أفسد الناس، يقوّمون المعتقد، ويحيون الموات من القيم الرفيعة، والشيم الحميدة، والأخلاق الكريمة.

كما لم يخلُ زمانُ ُ من أراذل الناس، الوضيعين فكراً ومعتقداً وأخلاقاً
الذين حادوا عن السويّة، واختاروا من مقامات العيش الدونية، وأوغلوا في العميّة، فكانت أنفاسهم فجوراً، وطعامهم الرذيلة، سكناتهم إغواءات شياطين، وكلماتهم نكيرُ ُ على كلّ ما هو خيّرُ ُ كريم.
فكانت الأرض هي معترك الصرع بين الطرفين، بين الهداة المهديين، وشياطين الإنس الضالين المضلين

اختلفت الأسماء، وتقلبت في العيون الأشكال، غير أن المضمون هو المضمون، والصراع هو ذاته مع تغيّر وتغيير في مسمياته وألفاظه
طوت الأرض ما طوت من مصلحين ومفسدين، طوت أجسادا وسطر التاريخ أسماءً وفعالاً.
ولولا أنّ الأرض من شانها أن تضمّ من مات من البشر، للفظت من بطنها أناساً لا يستحقون أن تكون لهم كرامة حتى في بطنها، كما لفظ البحر فرعون ليكون للناس عبرة ومثلا.
فالتاريخ المسطّر في الكتب، سُطّر أيضاً في موروث البشر وذاكرتهم، ذلك أن فعال العابثين المفسدين لها نتائج وثمرات، كما فعال المصلحين الدّاعين إلى الخير لهم ثمرات ونتائج

فئة منهم تلعنهم الألسنة في كلّ ساعة وكلّ حين، من مثل من تذكرهم السنة المؤمنين في صلواتهم تبّوا وتبّت أيديهم، فكانوا من خاسري الدنيا، والمقيمين في عذابات الآخرة!
يُنزلُ الناسُ بعضهم منازل الوقار والاحترام والتبجيل، وينزلون بعضهم الآخر منازل الخزي والعار والشنار.

إبراهيم عليه السلام، غلام لا يأبه له أحد من الناس، ولا يقيمون له وزناً، ولا يلتفت إليه أصحاب البأس والقوة الذين كانت أنظارهم تتطلع إلي ملكهم، وألسنتهم تلهج بحمده والثناء عليه... وهم مع ملكهم يدنسون كرامة بشريتهم وإنسانيتهم بسجودهم لحجارة يعبدونها من دون الله، يرومون رضاها، ويسعون لطلب الغفران منها، يبنون لها بيوتاً ويقيمون لها عروشاً
حطّمها معول شاب يافع، صغير السن عظيم الفعال، ارتقت أقدامه فوق رؤوسهم وما يعبدون من دون الله، فنزل منزلة عجزت الملوك أن تنزلها، وحصّل شاناً ما استطاعت كنوزهم أن تحصّل منه طرفاً. فمن منهم الذي يذكُرُهُ التاريخ ذكراً طيباً، ومن الذي تلعنه الألسن وتستعيذ منه ومن فعاله؟
وذاك الغلام صاحبُ الكاهن بعد الساحر، عرف الحقّ ونزل من نفسه منزلة عظيمة، جعلته يتحدى كلّ من كانوا حوله، ومعتقدهم، ويعاكس مفاهيمهم، ويُخطّيء أفعالهم وعبادتهم
حتى أنطق اللهُ الملك بالحقّ فانقلب حالُ الناس من أتباع للعباد من دون الله إلى أتباع لله وللحق الذي كان ثمن ظهوره وانبعاثه دمُ الغلام ومن ثمّ أجسادُ من حُرّقوا ممن آمنوا بالله.
وأيّ المنازل هي منزلة إبراهيم الغلام؟ وأيّ المنازل هي منزلة الأسياد والملوك في قومهما؟
وشتان شتان بين المنزلين والمنزلتين.

وتتعاقب القرون، وتتغير الأسماء والكنى، وتختلف الوجوه
غير أن الوجود ليس فيه إلا وجهان: وجه الحقّ الذي له جنوده، ووجه الباطل الذي له أيضاّ جنوده
وطالما أن الحديث عن حقّ وعن باطل، فإنّ قانونهما ليس بشرياّ أبداّ، بل قانون رباني وإن جهل الجاهلون وغوى الغاوون
والهدف والغاية التي يسعى إليها الحق متمثلاً بأهله هو " تركيع " الكافرين لله من دون البشر، وللكفر ذاته للنيل منه والقضاء عليه ليكون عيش الناس كلهم خالصاً لخالقهم لا ينازعه فيه منازع إلا قُصم وذل.

فأهل الحقّ أنجاد أمجاد، ورثوه كابراً عن كابر، ذلك أنهم ورثوا الحق وقبضوه بأيديهم فرفعوا راية الأنبياء أصحاب هذا الإرث ولزموا غرزهم وحذوا حذوهم واستعدوا له بكل غال وثمين

فكما قالها علي رضوان الله عليه: أما نحن بنوا هاشم، فابذل لما في أيدينا وأسخى بأنفسنا عند الموت.

وكذا الأصل في المسلمين ورافعي لواء الحق، أبذل لما في أيديهم وأسخى بأنفسهم عند الموت، وفي مقدمتهم الثلة التي أخذت على عاتقها حراسة الدين والذود عن حياضه، وهداية الناس وتعبيدهم لله، ومن ثمّ الدّوس على أعناق المعاندين الفاسدين المفسدين، وإخضاعهم لربّ العالمين طوعاّ أو كرها، المفسدين ممن ادعوا بهتانا وزوراً أنهم أهل الله وهم أعداؤه، وادّعوا بأنهم حملة راية دينه وهم من وطئوها بأقدامهم وانزلوها منازل لا تليق بدعوة الله ولا دينه: تحت أقدام أسيادهم من ملوك ورؤساء، ليرضوهم بغضب الله، ويطلبوا ودهم بسخط ربّ العباد، ويلتمسوا عندهم الحظوة والجاه والمال ضاربين بالمسلمين ومصالح المسلمين عرض الحائط لا يلتفتون إلى معاناة الناس، ولا إلى سلب أموالهم، وهتك إعراضهم إلا ليقولوا لهم: هذا ما اقترفت أيديكم بمخالفتكم أوامر ولاة أموركم!
 
فمن يأكل من صحن السلطان يضرب بعصاه، تلك سنّة سنوها لأنفسهم، حتى لو كان السلطان فاجراّ وصحنه مليء بأجساد المسلمين ودمائهم، وقهرهم ومعاناتهم، وذلهم وخضوعهم


وحتى لو كانت عصاته لا تجلد إلا كلّ ورع تقي نقي، ولا تعتقل إلا كلّ منافح عن دين الله صادع بالحق، ولا تنزل على الأجساد الطاهرة المؤمنة إلا كأسباط من لهب ونار
رغم كلّ ذلك فإن من يأكل من صحن السلطان فلا بدّ أن يضرب بعصاه ! ألا ساء ما تحكمون
ألا شاهت وجوهُ ُ مسودّة مكفهرة من إسخاطها لله وتعديها على حرماته وحرمات عباده
ألا شاهت وجوه أصبحت ترى دماء المسلمين ماء، وترى دماء أعدائهم دما
هل دمُنا ماءُ ُ وهل دمُهُم دمُ ؟
هل نحن أشياء وهل بشرُ ُ هُمُ ؟

إنّ من يتألى على الله ليس كمن يبذلُ نفسه وماله ووقته لله وفي طاعته
إنّ من جعل من نفسه خادماً للسلطان واضعاً على الرأس عمامة يدعي بها الوقار والدين والحكمة، ليس كمن تجرّد لله وباع دنياه ليشتري رضي الله وآخرته

إن من اختار لنفسه منازل الذلّ بتبعيته لحكام الذلة والمهانة فأصبح " شيخاً " تحت أقدامهم يمسح بلاطهم وما تناثر عليه من آثار تبعية وانقياد لأعداء الله، ليس كمن أوقف نفسه وكلّ ما يملك لحراسة الدين وتبليغ شريعة الله

تلكما المنزلتين منازل
ولكن شتان بين منزلة لا تجلب لصاحبها إلا ذلا وهوانا وتبعية وانقيادا لمن يحاربون الله ورسوله، ويصلون ليلهم بنهارهم تفكيراً وتدبيراً ورسم خطط لاعتقال وتعذيب وتحقير وإهانة أولياء الله
وبين منزلة ورثة الأنبياء، المخلصين لله ولدينه ولرسوله الكريم وللمؤمنين، أعينهم تفيض من الدمع من خشية الله والتضرع إليه والعمل وفق شرعه لإعزاز الدين وأهله ورفع لواء الحق ليغطي على كل رايات الفجور والحرب على الله ودين الله

فأصحاب المنزلة الأولى، أهل الذلة والهوان، وتضييع الحرمات والكرامات، يجب أن يوضعوا موضعهم، ويُنزّلوا منازلهم، ولا يُمكّنوا من أن يتطاولوا على مقامات أهل الحق، الأنقياء الأتقياء
ليعرف الذليلُ منهم موقعه والوضيعُ مكانه.
الحكام منهم، وعناوين الخصاء الفكري من مثقفيهم وكتابهم، والذليلين بائعي الدين بثمن بخس ومحرفيه ممن يحبون أن يسميهم الناس شيوخاً وعلماء ومفتين
مزوري الدين، المختصين بفنً ليّ أعناق نصوص دين الله ليتمكنوا من إدخالها من أبواب الحكام ونوافذ قصورهم ليرضوهم ويستجدوا عندهم الحظوات كما كنّ بائعات الهوى في عصور غابرة.

هؤلاء وأمثالهم، الذين بلغهم دين الله ودعوات أولياء الله ونصائحهم ولم تجد في قلوبهم مقعدا ولا في عقولهم حظاً من الفهم والإتباع والانقياد

لا بدّ أن يعلموا وأن يُسمعهم أولياء الله في أنفسهم قولاً بليغاً يُذهبون به عنهم وساوس شياطينهم، ليُبعدوهم عن ضلالهم وفجورهم، ويُخرجوهم من سطوة حكام الجور والضلال، ويُبعدوا  بينهم وبين بلاط السلطان و " فراش " الحاكم الذي يشاركونه إياه والمخصص لعملية تلقيح وتنقيح الأفكار الشيطانية التي يخرجون بها لكيفية التصدي لكل من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله رافعاً لواء الحق في وجه ألوية الطاغوت.


(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)