الجمعة، 4 ديسمبر 2009

منهج حزب التحرير في التغيير



اقرأ في هذا الكتاب:


إقامة الخلافة: قضية المسلمين المصيرية في العالم أجمع

إن القضية المصـيرية للمسـلمين في العالم أجـمع هي إعادة الحكم بما أنزل الله، عن طريق إقامة الخلافة، ونصب خليفة للمسـلمين يبايعُ على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، ليهدم أنظمة الكفر، ويضع أحكام الإسلام مكانها موضع التطبيق والتنفيذ، ويحوّل البلاد الإسلامية إلى دار إسلام، والمجتمع فيها إلى مجتمع إسلامي، ويحمل الإسلام رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد.

وبتحديد القضية المصيرية للمسلمين يتحدد الهدف الذي يجب أن يعمل حَمَلَة الدعوة الإسلامية، كُتلاً وأحزاباً وجماعات، لتحقيقه، وبالتالي تتحدد الطريقة التي يجب أن يسلكوها للوصول إلى تحقيق هذا الهدف.

ولإدراك ذلك ينبغي معرفة واقع المسلمين اليوم، وواقع البلاد الإسلامية، وواقع الدار في البلاد الإسلامية، وواقع المجتمع الذي يعيش فيه المسلمون هذه الأيام، ومن ثم معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بكل ذلك، ومعرفة الحكم الشرعي المتعلق بالإجراء الذي يجب اتخاذه حيال هذه القضية المصيرية:



وإنه من فضل الله علينا وعلى الناس أن أصبح للإسلام رأي عام، وأصبح هو أمل الأمة في الخلاص، وأصبحت الخلافة تتردد على كل لسان بعد أن لم تكن، وأصبحت إقامتها وإعادة الحكم بما أنزل الله هي أمنية المسلمين جميعاً.

والله نسأل أن يسدد خطانا، وأن يمدنا برَوْح من عنده، وأن يشد أزرنا بملائكته ويُخلّص المؤمنين، وأن يكرمنا بنصر عزيز مؤزر من عنده، وأن يمكننا من إقامة الخلافة ومن تنصيب خليفة للمسلمين نبايعه على السمع والطاعة على أن يحكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله، ويقضي على أنظمة الكفر القائمة في بلاد المسلمين، ويجمع المسلمين تحت راية الخلافة، ويوحد بلاد المسلمين في دولة الخلافة. إنه على ما يشاء قدير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لتحميل الكتاب:
http://www.alokab.com/forums/index.php?s=d3263c46d8bcc9aa8befef60b1b4f391&showtopic=46979



الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

ردّ " جبهة علماء الأزهر " على رسالة سيف الدّين عابد المؤرخة بتاريخ 13\5\2009 م.





وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ونسأل الله رب العالمين أن يبارك في الخير وللحق جمعنا، وان يؤلف بين قلوبنا، وأن يجمع علينا ما تفرق من همم وعزائم أمتنا، وان يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وبعد:

اطلعنا بكل التقدير على ما أرسلتم به إلينا مما يفيض غيرة وحرقة على ما آلت إليه الأحوال، وإن أمة فيها أمثالكم لن يخذلها الله إن شاء الله أبدا، (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لامولى لهم)
و صدق الله العظيم ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) واعلموا أن من فضل الله علينا وعليكم استخدامه لنا ولكم في طاعته، وفي هذه الأحوال التي اختارها لنا ،نحمده تعالى على كل حا ل، ونعوذ به من حال أهل النار،( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض)( وما انصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين) إن شاء الله عن قريب .

ثبتنا الله وإياكم على ما أقامنا فيه، وأعاننا وإياكم على ما ختاره لنا من حال ومكان، وأقر أعيننا جميعا برفعة راية الإسلام التي هي على الدوام عالية مرفوعة وإن سقط من حولها الساقطون ( فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

اثبتوا، واصبروا، وأيقنوا بنصر الله القريب( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا) ( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لايوقنون).

رسالة إلى علماء المسلمين عامة، وعلماء الأزهر الشريف خاصة





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

عن تميم بن أوس الداري، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدّين النصيحة –ثلاثاً- قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم.

عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على اقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . متفق عليه

السادة العلماء الكرام
أيها العلماء الأفاضل في الأزهر الشريف
إنه من أوجب الواجبات الآكدة أن يتناصح المسلمون فيما بينهم، خاصة فيما كان فيه محافظة على الشريعة، وأن يكون المسلم مرآةً لأخيه ينصحه ويرشده ويذبّ عنه فيما هو مشروع، فلا يعينه على ظلم ولا يورده المهالك ولا يسلمه.

وأنتم العلماء الأفاضل، قد رفع الله مقامكم ، وأعلى مناركم ، وجعلكم مشاعل الهدى في دياجير الظلمات ، والنور للورى إذا ادلهمت عظائم الملمات ، وبيّن فضائلكم في كثير من الآيات البينات ، وجعل ما اختصكم به من العلم نوراً يلتف الناس حوله ، وبلسماً يقبلون عليكم من أجله.
فقال عز وجل ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، إنَّ الدين عند الله الإسلام)
فكذا كانت مكانتكم؛ مكانة العلماء الربانيين، الذين يعلم الناسُ عظيم قدرهم، وينزلونهم منازلهم ويرفعون لهم من قدرهم بما حباهم الله من الفضل والكرامة، وبما التزموا من دين الله وشرعه. فالربّانيّون من العلماء هم الذين يحفظون لله دينه وتُعظّمون شعائره، ويزيلون اللُبس عمّا غشي على الناس، فيستقيم أهل الحقّ على الحق، ويميزُ اللهُ بهم الباطل وأهله ودُعاته.

نعلمُ أيها العلماء الكرام، أن دين الله لا يمكن أن يستقيم حالُ تمام الالتزام به حملا وتطبيقا إلا بإمام واحد مطاع على رأس دولة واحدة تجمع شتات المسلمين فيعزّوا بدين الله ويستعيدوا كرامة فقدوها حين هانت عليهم شريعة ربّهم وسكوتهم عن غياب دولة العزّة والكرامة، دولة الخلافة التي عزّ في ربوعها الأوائل من المسلمين الذين سبقونا بإحسان، والذين تبوؤا مراتب العلا وصدارة الأمم حين استظلوا بظلها لقرون وقرون..
فإنكم تعلمون – وأنتم من يعلم – أنّ المسلمين اليوم لا يمكن أن يعودوا أعزّة إلا بما عزّ به أوائلهم.
فأنتم يا من حباكم الله بما شحّ عند المسلمين اليوم – العلم الربانيّ – تدركون الغثّ من السمين، وأنتم على يقين بأن الدائرة التي دارت على المسلمين بفعل فاعلين، قد جرّدتهم من الإرادة والسيادة، وكما أفقدتهم – إلا من رحم ربي منهم- الجوّ الإيماني الذي به فقط يكون ربط الدنيا بالآخرة ربطا يرضى عنه الله ويرضى عنه ساكن الأرض والسماء، فما عادت أحكام الله تسيّر أعمالنا، ولا توجه أفعالنا، وفقدنا بوصلة الأيمان فتاهت بنا السبل عن سبيل الله، فتفرقنا شيعا وأحزابا كلّ حزب بما لديهم فرحين، في حين أن درب الحقّ واحدة لا تتعدد، وطريق الإيمان بالله وبما أنزل من الحق لا ثاني لها، وأحكام الله منبتها واحد لا منابت متعددة تلك شرقية وهذه غربية!!
وأصبح دينّ الله سلعة يتاجرُ بها من لا خلاق له، فهذا لمصلحة يقول بشرع الله ما لم يقل الله تبارك في علاه، وذاك من باب جهل يتقولّ على الله، وآخر سيطر عليه الخوف من المخلوق على حساب الخوف من الله، وغيره تجمّلت الدنيا في عينيه فاستحسنها واستحسن جمالها المتوهّم فتبعها اتّباع المغتر المفتون فضلّ وما اهتدى!!

والعلم دين أيها الكرام، والواجب الذي أوجبه الله عليّ كمسلم أن أُحسن منابع ديني فلا أستقيه إلا من أصوله، فلا آخذ بظنّ في الاعتقاد، ولا أتيه على غير هدى وبصيرة غير متخذ حكم الله قائدا ومرشدا، ذلك أن المسلم لن يُحاسب إلا عمّا اقترفت يداه، وبما قدّم من أعمال يوم لا ينفع مالُ ُ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والأمر كما قرّر الله تبارك في علاه : ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) صدق ربي في علاه.

ودين الله أيها الكرام أمرُ ُ عظيم عجزت الأراضين والجبال عن حمل أمانته، فمسؤولية حمله وتبليغه بعد الأنبياء هي للعلماء أمثالكم، أمانة عظيمة تحملونها على كاهلكم، وتلك الأمانة – أيها الأفاضل- لها صاحب سيسألكم عنها وعن مواضعها التي وضعتموها فيها، وعمّا فعلتم فيها، وهل أحدثتم فيها من غيرها أم بقيت عندكم صافية صفاءها الذي كان من أصلها ونبعها؟
وسائلُكُم عنها هو ربّي وربّكم، قيّوم السماوات والأرض، من إليه المعاد وبيده مصير العباد.

السادة العلماء الكرام بما كرّمهم الله من علم وحرص على شريعته،
لا يخفى عليكم أن من ( العلماء) من يتقوّل على الله، ويتجرأ على دينه وأحكامه، ويستهزئ بها، ويأتي بما لم تأت بها الأوائل فيما يحمّل فيه أحكام الله ما لا تحتمله.
ومنهم من ( استمرأ) هذا الحال فلم يعد يعير شريعة الله أيّ اهتمام بما يفتي به، وعيوننا إليكم ناظرة، وبالعلماء الربانيين تستنجد وتنادي: هل للخلاص من الافتراء على دين الله من سبيل؟
وهل للحقّ دعاة لا يزالون بيننا يصدعون لا يخافون في الله لومة لائم؟
وهل للعلم حُماة يبعدون عن حماه كلّ مندس مفتر مدنّس مُدخل على دين الله ما ليس منه؟

أيها العلماء الكرام:
هل لي كمسلم يغار على دين الله أن يناديكم ويستصرخكم أن هبّوا لحماية شريعة الله من التحريف والتزييف؟
ولوقف التضليل الذي يوقعُهُ علينا دعاة على أبواب جهنّم لا يُحرّمون ما حرّم الله ولا يحللون ما أحلّ؟
من بين ظهرانيكم، يا علماء الأزهر تخرج أصوات منكرة، نُنكرُها كمسلمين، ولا تستقيم مع عقل سليم ولا فطرة فطرنا الله عليها !!
أيها الكرام: ما كنت لأبعث لكم برسالتي هذه لولا أنّ الخير فيكم ملموسُ ُ
والغيرة عندكم على دين الله نراها عندكم
والحرص على شريعة الله من التغيير والتبديل غير مستبعد ولاغريب عنكم.
تزلزلُ الأرض من تحت أقدامنا فتاوى سمعناها ونسمعها من قبل مفتي الديار عندكم ومن شيخ الأزهر
ذاك الأزهر الذي أنتم منه وهو منكم، منبر العلم، ومُخرّج العلماء الذين كانت لهم في التاريخ بصمات يُحمدون عليها ويذكرهم الله تبارك في علاه عنده بسببها.

لن أخوض في الفتاوى التي سمعنا ولا زلنا نسمع بها، فأنتم مثلنا تسمعون ما نسمع،
غير أنني أكرر النداء لكم أيها الكرام:
إن حال المسلمين – كلّ المسلمين – هو كما ترون وتسمعون؛ تشرذم، وهوان وذلّ وانتهاك أعراض وسلب أموال وتضييع حقوق، وللكافرين على المسلمين كلّ السبل وليس سبيلا واحدا فقط!!
فهل منكم من يعيد للمسلمين سيرتهم الأولى؟
ويكون فيهم مثلما كان العزّ بن عبد السلام؟
ويطالب بجمع كلمة المسلمين على إمام واحد يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه؟
ويتسربل بلباس القوة، قوة الحقّ، قوة الدّين الذي ما عزّ الأوائل وما سادوا العالم إلا به؟
وينبذّ عن كاهله أعباء الحكام الفسقة الفجرة ويصدع بالحق لا يخاف لومة لائم؟

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه
من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث ، من إذا حدثهم صدقهم ، وإذا ائتمنوه لم يخنهم ، وإذا وعدهم وفى لهم ، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم ، وتظهر له معونتهم ".

أيها العلماء الكرام:
لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله أحبار أهل الكتابولو نفع العمل بلا أخلاص لما ذم الله المنافقين .
العلماء الأفاضل: اعلموا أنّ الله منجز ما وعد المؤمنين حين قال:

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
[النور: 55]
وبشارة نبي الله صلوات ربي وسلامه عليه :
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت)

واعلموا أنّ أمة خير الخلق محمد، الأمة التي فيها الخير إلى يوم القيامة تعرف الغثّ من السمين، وتميز بين الحق والباطل، وتفرّق بين العلماء الربانيين من غيرهم، وأنها لا ولن تنسى من خدمها وخدم دين الله، كما لا تنسى من خذلها وخذل دين الله

فاختاروا لأنفسكم يرحمنا ويرحمكم الله، ودوّنوا أسماءكم بأحرف من نور بما تخدمون دين الله لا تخافون فيه لومة لائم، فكلّ إلى زوال، وهي من ثمّ إلى جنّة أو إلى نار، فاقتعدوا لأنفسكم عند بارئكم مقاعد صدق تفوزون بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

قال الله تعالى‏:‏ ‏ «‏يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون» ‏الأنفال‏:‏ 24‏‏

والحمد لله ربّ العالمين.
سيف الدّين عابد
13/5/2009م.

أدبُ الإختلاف...وقفة وتأمّل



إنّ من لا يريد من الناس - أو ممن يخالفونه الرأي في مسألة ما- أن يواجهوه برأيهم المخالف فيناقشونه ويحاورونه ويجادلونه، أقول أن من لا يريد ذلك من حملة الدعوة أو يستعظمه فهو لا يدري حقيقة ما يحمل للناس من فكر ورأي.

إن أحدنا، أيها الأفاضل، إن جلس مع نفسه وأغلق عليه باب بيته، وتأمل فيما يحمل من فكر ويدعو اليه فسرعان ما ستطفو على السطح بعض المسائل أو التساؤلات التي تستفز عقله فيبدأ بالتفكير ليجد إجابة عليها ليُقنع عقله ولتطمئن نفسُهُ.

من منا يُنكر هكذا أمر أيها الكرام؟
من منا لا تخطر على قلبه خواطر من هذا النوع أو غيره؟
إن من يُنكر على الناس أن يختلفوا معه، ويحتدّ حين يجادلونه بما عنده وعندهم
فإني لا أستبعد أن يكون هذا الشخص على استعداد أن يصارع عقله، ويختلف مع نفسه، ويحتدّ على عقله

للسبب الذي ذكرتُه آنفا، وهو أن من طبع الانسان أن تطفو عنده تساؤلات واستفسارات

فهل يُنكر على الناس أن يختلفوا معه؟؟!!
لا يُمكن أن يأتي إنسان بفكر ليطرحه بين الناس إلا أن يجد الناس على ثلاثة أصناف:
منهم الموافق إن اقتنع وآمن وأدرك وفهم
ومنهم الذي لا رأي له في حينه ويحتاج أن يفكر ويتمعن فيما يسمع ليحدد مكانه مما سمع.
ومنهم من يخالف ويشاكس ويستخفّ ويستسخف ويستهزيء....بما يسمع.
وهذا كله طبيعي ومتوقع ولا يُنكر مثله.
وذلك لاختلاف الناس وأحوالهم
ولتنوع قناعاتهم وأفهامهم
ولتباين قدراتهم العقلية .

فالصنف الأول قد أراحك من عناء الجدل والنقاش والإقناع
والثاني قطع شوطا جيدا كونه أعطى نفسه مهلة ليفكر، وهذا يكون الأمل فيه كبير
وقد يكون صعبا نقاشه فيما بعد تفكيره وتأنّيه في الردّ...لكن ان كان ممن يحترم عقله وعقل من يحاوره فلن يكون البون شاسعا بين الطرفين وفي النهاية سيتوصل الطرفان الى نوع من التفاهم.
أما الصنف الثالث:
فيا حامل الدعوة احذر، وتفكر، وخذ نفسا عميقا قبله أن تُظهر ردّة فعل متسرعة معه
فانه حين يخالفك، أو يطرح من التساؤلات ما قد تجد أنها مستفزة أو بعيدة عن الفهم السليم
فلا تحتدّ!!
ولا تتسرع في الرد!!
ولا تجعل اسلوب ردّك فيه انتقام لنفسك!!
ولا تضطرب، فان اضطرابك سيزيد من خفقان قلبك، فيزداد ضخّ الدم في جسمك، فيظهر هذا لصاحبك في جحوظ عينيك!!
وقد يزداد افراز الأدرينالين في جسمك فيؤدي الى ارسال اشارات الى جهازك العصبي فتكون ردة فعلك وكأنك تستعد لمواجهة عدو!!
وهذه كلها علامات ضعف فاحذرها.

والوضع السليم الصحيّ هو أن تسعد بمن يخالفك، وتبتهج أنه يناقشك، بغضّ النظر عن الاسلوب الذي يستخدمه في مخالفتك، سواء كان وديعا أو عدوانيا، هادئا أو عنفوانيا.....فلا تجعل من تلك الأوضاع حاجزا أمام عقلك فيضطرب ولا يستقيم
بل امتص تلك الحالات والأحوال واستثمرها لصالح دعوتك واجعل من تلك الاشارات التي تصدر عن الذي يخالفك رأيك مداخل لك لتفهم شخصيته وأسلوب تفكيره لتعرف مداخله ومخارجه وكيف توصل ما تريد ايصاله بأجمل حلّة

القضية هي أن نعرف إلى ماذا نريد أن نصل كحملة دعوة

أن نفهم هدفنا، وأن يكون واضحا لا تشوبه شائبة
فإن فهمنا وعرفنا سهلُ علينا كلّ صعب
وتلاشت العوائق والعقبات من الطرقات
وإن استمر وجودها فسرعان ما ستتحول الى تراب تُمهّد به الطريق

كيف؟ وهل الأمر بتلك البساطة؟

حتما ليست ببساطة الكلمات، غير ان الكلمات ما كانت إلا بعد أو وضُحت الطريق، وأشرقت الأهداف من بعيد فأنارت السبيل وأظهرت معالمه ومفاصله
هدفنا هو أن نرجع ويرجع معنا كلّ المسلمين إلى دينهم النقي الصافي المبلور
وأن نعبد الله على بصيرة
وأن يحكمنا كتابُ الله وسنة نبيه
وأن نزيل كل شائبة تعلقت بأهداب شريعتنا ممن أرادوا حرف المسلمين عن سبيلهم وجعلهم يسلكون دروبا شتى لا توصلهم الا إلى المزيد من الغبش والتيه والضياع والبعد عن دين الله
كل ما ذكرته واضح، فماذا بقي؟؟
بقي أن نحدد الخبث، والعالق من غير شريعتنا فيها لنزيله
وأن نبينه للناس بسهولة ويسر وبساطة ترتقي بهم ولا تنزل بشريعتنا الى ما هو دون مستواها
أنا لا أريد تحقيق الوعي الخاص عند جميع المسلمين
يكفي أن يتحقق عند روّاد عملية التغيير، وقد حصل
أما باقي المسلمين فيكفيهم ويكفينا أن يصبحوا قادرين على التمييز بين ما هو من الشرع وما هو مما سوى شرع الله
وأن يكون الحلال والحرام مقياسهم
وأن نشترك بالهموم جميعا، ليكون همّ المسلم في أفغانستان هو همه في فلسطين، في السودان، في أندونيسيا، في....في...في
رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه كانت تقوده أمة وعجوز في أسواق المدينة ممسكة يدها لا يتركها حتى تتركه
من هو؟؟
هو رســــــــول الله !!! صلوات ربي وسلامه عليه
قمة في الخلق والتواضع
وهو النبي المرسل، وهو الهادي المهدي حبيب الله الذي اصطفاه من دون البشر!!
وذاك الأمير الذي داس على رجل رجل وهو يطوف فقال له الرجل: هل أنت حمار؟؟
فأجابه الأمير: لا.
وانتهى الموضوع
هل قطع رأسه؟
هل استنفر جيشه؟؟
هل شحذ سيّافُه سيفه ليقطع عنق الرجل؟؟؟
لا....وانتهى الأمر

كأس الماء الزلال الذي نحمله ليشرب منه الناس ليذهبوا به عطشهم لا يجوز أن يكدّره مكدّر!!
فتعافه النفوس ليس لأنه لا يروي، بل لأن وعاء تقديمه للناس فيه شيء من الكدر والغبش مما أخفى حقيقة نقائه وصفائه.

نحن ( خدم) للمسلمين، وأكررها مليون مرة قبل أن أقول أننا نعمل لأجلهم ولصالحهم بإخراجهم مما أوقعهم فيه الضالون المضلون.
والخادم ذكرتُهُ لآخذ منه صفة التواضع، والسعي الجاد لخدمة مخدومه، ولإخلاصه في التعامل معه، ولحرصه على من يعمل في خدمته، ولأمانته، وليس لضعفه ولا لدونيته....

ربّنا اجعل كلّ أعمالنا خالصة لوجهك الكريم

الاثنين، 30 نوفمبر 2009

لا نعبُدُ رمضان

رمضان 2009م.
إلى من صام وقام من المسلمين في شهر الخير، شهر رمضان الفضيل

يا من رمتم من صيامكم وقيامكم عبادة خالقكم
يا من امتنعتم عن شرابكم وطعامكم امتثالاً لأمر ربكم
هذا شهر يزورنا كلّ عام مرة
فنلتمس فيه الطاعة وتجنّب المعصية
نرجو فيه رحمة ربنا ونخاف عذابه وغضبه

فكيف أنتم والمسلمون من أقصى الأرض يهانون في كل يوم مرة أو مرتين؟؟
ولا أقول مرة في العام أو مرتين
كيف أنتم من باقي أحكام ربكم جلّ في علاه؟؟
هل خاطبكم خالقكم بالصوم ولم يخاطبكم بغيره من فرائضه؟؟
هل أمركم الله بفرض الصوم فنراكم تصومون وتقومون طائعين متذللين له
ولم يخاطبكم بفرض الحكم بما أنزل؟؟
هل قال لكم خالقكم " كتب عليكم الصيام..."
ولم يقل لكم " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " ؟؟
هل قال لكم نبيكم صلوات الله عليه " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"
ولم يقل لكم " من مات ولم تكن في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" ؟؟
ولم يقل لكم " من جاءكم وأمركم على رجل واحد ، يريد أن يفرق جماعتكم ، فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان

هل رسخ في عقولكم وبواطن نفوسكم أن طاعة الله وطاعة الحكام الذين يحكمون المسلمين بغير ما أنزل الله – وكلهم كذلك – سيّان؟؟
هل صوم شهركم هذا أعظم حرمة عند الله من دماء المسلمين التي تُراق ليل نهار في أقطار الأرض؟؟
هل حكم الصيام والقيام أتيا من الله سبحانه، أما تطبيق الحدود والذود عن حرمات المسلمين وأعراضهم ليس من عند الله؟ لنأخذ بذاك ونعمل به ونترك هذا ونتجاهله ؟؟
يا من عبدتم الله في هذا الشهر العظيم:
أيصح أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه؟
والكفر ببعض الكتاب باب من أبوابه عدم العمل به، والتقصير فيه مع القدرة عليه، وعدم التلبس بمتطلبات إنزاله على الأرض واقعاً مطبقا.

أيها المسلمون:
دين الله لا يتجزأ
ولا يخضع للعقل أخذاً ولا تركا.
فالصوم كالصلاة وكالجهاد وكالزكاة.... من فاضل بين فرض وفرض عن غير بينة من عند الله فقد ارتكب إثماً عظيماً.
ومن كان التزامه بفرض على حساب فرض – تقصيراّ أو إنكاراً – فقد أوقع نفسه فيما لا تحمد عقباه عند الله.
فعلى من نفتري؟ وعلى من نضحك؟ وأمام من نتغافل حين نعبد الله هنا ونعصيه هناك؟؟

صمتّم في هذا الشهر، وأسأل الله القبول والثواب، لكن: ماذا فعلتم لمئات المسلمات اللائي انتهكت أعراضهن في هذا الشهر من أقصى الأرض إلى أقصاها؟؟
قد يقول قائل: لا نعلم بهذا
فان قالها عاقل فهي المصيبة التي توضع فوق الطامة!!
هل بقي مسلم عاقل ذو لبّ لا يعلم ما يجري للمسلمين على أيدي جلاوزة الحكم في بلاد المسلمين وبلاد العجم؟؟
ترى، هل يوجد مسلمين لا يعلمون؟؟ فوالله إن مصيبتهم مركبة إن وُجدوا!!

وهل من صام هذا الشهر أيها الكرام يكون التزم أمر ربّه وقد نسي ما فرضه الله من فوق سبع سماوات من " إن الحكم إلا لله" ؟؟ ونحن نرى ونسمع ونعيش تضييع أحكام الله من قبل من مُلّكوا على رقاب المسلمين ويطبقون شرائع الطاغوت على اختلاف منابتها؟؟
فهل يظن الصائم هذا أنه قام بواجبه تجاه ربّه ودينه وانقضت بصومه التزاماته الشرعية أمام ربّه تبارك في علاه؟؟

يا من صمتّم نهاركم وقمتم ليلكم:
حين يؤذن لصلاة المغرب وتتجمعون حول موائدكم
هل فكر أحدكم برجال المسلمين
ونساء المسلمين
وأطفال المسلمين
وشيوخ المسلمين
الذي يبحثون في لحظتكم تلك بين حاويات القمامة والنفايات بحثاّ عن لقيمة تائهة يفطرون عليها؟؟
هل طاب إفطاركم وتلذذتم به وإخوة لكم هذا حالهم؟؟
ليس المراد من كلامي أن لا تتمتعوا بطيبات ما رزقكم الله
بل أن تعلموا واجبكم تجاه أبناء دينكم
وواجبكم تجاههم ليس لحظياً ولا آنيا: تشبعون به جوعة يوم أو عطش ظهيرة أو إبعاد سيف عن رقبة لمرة أو مرتين

بل واجبكم أكبر وأعظم:
أن تقوموا لله فرادى وجماعات تطالبون بتطبيق شرع الله والحكم بما أنزل...فبه يكون الحلّ ومن خلاله يحصل الخلاص
وعن طريقه تكون العزة والكرامة للمسلمين
مستذكرين قول الحبيب عمر رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فان ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله...أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه.
فالمسألة أعظم من الصوم والصلاة والزكاة
المسألة لها تعلق واضح ومباشر بسبب خلق الله لنا: أن نعبده
وعبادته لا تكون إلا كما أمر
والعبادة دون هدي ولا دليل هي عصيان لله
وعبادته لا تكون بفرض على حساب فرض
فتأملوا يرحمكم الله
ولا يظننّ أحدنا أنه ناج وهو في العذاب والجهالة والبعد عن الدين مقيم!!

الأحد، 29 نوفمبر 2009

تعذيب حلة الدعوة مؤشر على النصر

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [آل عمران:102]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً  [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً *  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].


قضت حكمة الله تبارك وتعالى أن تكون الأيام والسنون دولاً بين الناس، وأن لا تخلَّد أمةٌ من الأمم،

كما قضت سنته سبحانه أن يكون التدافع بين الناس إلى يوم القيامة. فتعلوَ أمة وتنهزم أمة، تسود فئة من البشر في حِقبة من الزمن وتُغلب أخرى .

ذلك في جانب الأمم والدول، أما في جانب الحقّ والدعوة إلى الله، فإن سنته تبارك في علاه قضت أن لا بدّ للحق الذي من عنده من رجال يحملونه ويدعون له، يعلّقون مصائرهم بذاك الحق فيصبحون والحق جزءاً لا يتجزأ، يذودون عنه وينشرونه بين الخلق، تتعادل في هذا الميزان أرواحُهم مع هذا الحق بل إن الحق الذي يحملونه في ميزان عقيدتهم يزيد ويرجح.

وصلنا هذا الحق، هذا الدّين القيّم، هذه العقيدة، وصلتنا صافيةً نقية، لتقع في قلوب نقية تقية، تحملها كما حملها خير الناس وسيّد البشر محمد صلوات ربي وسلامه عليه، وكما حملها وذاد عنها صحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان،

بذلوا كل غال ونفيس وقدّموا الأرواح والأموال والأولاد ليجعلوا دين الله دينا يسمع به القاصي والداني من أقصى الأرض إلى أقصاها، دينا يدينون به للخالق الواحد الديّان.

مرت سنوات وعقود بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعيهم، وتغير حال المسلمين بعدهم من عزّ إلى ذل، ومن صدارة للأمم وقيادة لها إلى تبعية وانقياد بعد أن هدمت دولة القرآن، دولة الإيمان ، دولة محمد صلوات ربي وسلامه عليه….دولة الخلافة الراشدة..

وما كان هدمها إلا بعد أن كاد لها شرار الخلق، نصبوا المكائد والفخاخ ليبعدوها عن مركز الصدارة والقيادة، وأعانهم من أعانهم ممن خانوا الله ورسوله وخانوا المؤمنين، إلى أن وصلوا إلى يوم أعلنوا فيه انتهاء دولة الخلافة وغياب نورها .

وعملوا على ضمان بقاء حال المسلمين كما هو: فمزقوا دولة الخلافة إلى عدة مِزَق، ووضعوا على رأس كل مِزْقَةٍ منها حاكما يدين لهم بالطاعة والولاء ما أعطى الغرب ضمانة أكبر في منع أو محاولة منع عودة دولة الخلافة أو العاملين لها.

وكان مما انتهجه الغرب بعد بزوغ فجر حزب التحرير العامل على إعادة العزة والكرامة للمسلمين، أن أطبق عليه بحصار من التعتيم الإعلامي مصحوبا بحملات وحملات من الاعتقال والقمع والتعذيب لكل من علموا أنه من حزب التحرير أو يؤيدهم أو يعينهم بقول أو رأي..

ولا ندّعي أن الغرب الكافر وعملاءه في بلاد المسلمين لا يحاربون إلا أبناء حزب التحرير، بل هم يحاربون ويضربون بيد من حديد ونار كلَّ من علموا أنه يدعو إلى دين الله بحق من قريب أو بعيد، يحاربونهم ولو بالشبهة خوفا منهم ومما يدعون إليه، يملأ قلوبهم الحقد والجزع والخوف من عودة دين الله مطبّقا في الأرض كما كان في عهد من نقتدي بهم وبدولتهم: الخلافة الراشدة الأولى وخلفائها الراشدين.

غير أن الكافرين وأعوانهم وأذنابهم قد انتهجوا كما قلنا نهج التعتيم على الدعاة الى الله، وعدم تناول قضية حزب التحرير ولا دعوته في العلن ووسائل الإعلام خوفا من انتشار الدعوة أكثر مما هي منتشرة، فترى الإعلام يتجاهل بكل ما أوتى من أساليب خبيثة الحديث عن حزب التحرير، أو ما يدعو إليه، أو تناول فكرة الخلافة والعمل لها أو الدعوة إليها، وفوق ذلك فقد جيشوا جيوشهم ممن سَمَّوْهم مفكرين ومثقفين وعلماء ممن أخذوا على عاتقهم التصدي والوقوف في وجه دعوة الحق، دعوة حزب التحرير فتناولها تلميحا في بداية الأمر لا تصريحا بالنقد والتسفيه تارة، وبالفلسفة غير الواقعية تارة أخرى..

وتمضي الأيام والسنون، ويشاء الله تبارك في علاه أن تبدأ دعوة حزب التحرير بالتغلغل الكبير في أوساط المسلمين وبين مختلف طبقاتهم وفئاتهم، ويُفاجأ العالم أجمع بأصوات دعاة الخلافة في مشارق الأرض ومغاربها حتى إنهم رأَوْهُم وسمعوهم يدعون لها في قلب العالم الغربي فنزل عليهم الأمر كصاعقة من السماء!!

فارتفعت هامات الغيورين على دين الله، العاملين لنصرة شريعته وتطبيق سنة نبيه، متمثلين بحزب نقي تقي هو حزب التحرير، فكان بين الأمة كالنجمة الساطعة في كبد السماء، هالَهُ تضيِيعُ شرع الله، وفطر قلبَ أمرائه وشبابه الاستهانةُ بأحكام الله، وزاد الكفرُ وأهله على ذاك بأن أصبحت أعراض المسلمين هتكا مهتوكا، وأموالهم سلبا منهوبا، وبلادهم طمعا مسلوبا، وزاد عليها أن أصبح كلّ حكام المسلمين بلا استثناء عونا للكافر على المسلمين بعد أن كانوا دمى تحركهم أصابع من يكيد للأمة والدين!!

فرمانا الغرب وهؤلاء معهم عن سهم واحدة، فقتلوا واستباحوا وشرّدوا وأهانوا كلّ عامل صادق مخلص لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين،

وقاتلوا كلّ من كان ولاؤه لله ولرسوله، وهادنوا وصالحوا وقرّبوا كل من كان ولاؤه للطاغوت والكفر…

فكان القرار الواضح الذي لا يختلف عليه عاقلان: أن الحرب اليوم هي حرب عقائد وحرب صليب ضد الإسلام والمسلمين، منعا لعودة دين الله حاكما وقائدا…

فارتفعت وتيرة الملاحقات والمتابعات والاعتقالات والقتل والتنكيل بأبناء حزب التحرير في كثير من بلاد المسلمين، وفي بلاد الغرب حيث الاعتقالات والملاحقات من جهة، وحظر عمل الحزب ووضعه على لائحة المنظمات أو الحركات الإرهابية من جهة ثانية، فسمعنا ما حصل في ألمانيا وبريطانيا والدنمرك وغيرها من بلاد الغرب..

وكان الإيعاز لحكام الفجور والأنظمة الكفرية في عالمنا الإسلامي بالاعتقال والملاحقة والمطاردة لحزب التحرير وأفراده ولمن يقول برأيه أو يؤيد ما يذهب إليه حزب التحرير.

فامتلأت سجون كثيرة بشبابه، وحُملت إلى القبور الكثيرُ من أجساد أبنائه الطاهرة، وكانت المجازر ،، فتلك أوزبكستان وأنديجان وقبلها سورية والأردن والعراق ، فصار المراقب أينما نظر وتمعن يرى القتل والتنكيل في الدعاة إلى الله على حق وبصر وبصيرة، يرى أفراد حزب التحرير مستهدفين مطاردين مقموعين…وفي ذات الوقت فإن نشاطهم وتحدِّيَهم في ازدياد كبير وفي تحد عظيم يحدوهم وعدُ رب قدير.

إن الحملة المسعورة العنيفة التي يواجهها حزب التحرير وأبناؤه، مما سبق ذكره من قتل وتعذيب وسجن وابتلاءات ووصف بالإرهاب تارة وملاحقة له بوصفه ( المزوّد الفكري) للجماعات التي يصفونها بالإرهابية تارة أخرى هي أكبر مؤشر على ما آل إليه الحال في السنوات القليلة الماضية

فقد أصبح خطر حزب التحرير في عيون الغرب وأعوانه وزبانيته لا يمكن تجاهلُه بحال من الأحوال، وهذا المدّ الهائل للحزب في شتى بقاع الأرض لا يمكن أن يُغفِلُوه أو يتجاهلوه

والتعتيم الإعلامي المصحوب بحملات القتل والاعتقالات السرية غير المعلنة لم تَعُدْ تجدي نفعا.

فالمعادلة أضحت واضحة جلية: حزب التحرير ترسخت جذورُه وارتفعت أغصانه فغطّت مساحاتٍ هائلةً من الأرض والعقول والقلوب…

وطرف المعادلة الآخر: تكالب للكثير الكثير من دول العالم الغربي تعاونه الأنظمة الكفرية في العالم العربي والإسلامي بجهود متضافرة وبأعتى أساليب القمع والتقتيل والتشريد يصبون جام غضبهم بكل وسائلهم ليقمعوا ويمنعوا ويوقفوا انتشار حزب التحرير في الوقت الذي أضحى الأمر واضحا من أنهم فشلوا في الحدّ من انتشاره واحتضان المسلمين له ليعملوا معه لرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.

فلا يجدون أمامهم من خِيار غيرَ خيار العاجز الذي يستخدم آخر أسلحته: سلاح القوة والتدمير، السجن والتعذيب…. وكلها مؤشرات جلية على فشلهم في وقف هذا الزحف الهائل لحزب التحرير في بلاد المسلمين.

لا يخفى على عاقل أن ما يواجه به الغربُ ومعه كل لأنظمة في بلاد المسلمين حزبَ التحرير والعاملين لتحكيم شرع الله في الأرض واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة إنما هو بداية نهاية تلك الأنظمة، وبداية النصر المؤزر بإذن العزيز الجبار.

فذاك سيدنا إبراهيم عليه السلام، لم يظهر على قومه ولم تكن له ولدعوته الغلبة إلا بعد أن جهزوا له نارا وألقَوْه فيها.

وذاك الفتى الذي آمن بالله ربا وكفر بدين مَلِكِه وقومه فما كان نصره واتِّباع الناس له إلا بعد أن أمر الملك أن يُرمى بسهم ويُقال: باسم ربّ الغلام…فانقلب السحر على الساحر فخسر الملك وفاز الغلام بنصر ربه حتى وإن مات، فإن النصر لا يُشخّص لهذا أو ذاك من البشر، إنما النصر نصر المبدأ والمعتقد.

وذاك خير الخلق محمد صلوات ربي وسلامه عليه، عانى ما عانى من قريش وهم في أعتى صور عداوتهم له ولمن آمن به، ما انتصرت دعوته ولا غلبت كلمتُه إلا بعد أن أُدميت قدماه الشريفتان، وألقي عليه ما ألقي من القاذورات والنجاسات، وبعد أن رأى بعضا ممن آمن به يُسامون سوء العذاب من قريش، يعذبون ويُقتلون وهم في أجمل صور الثبات والصبر والاحتساب.

وهذا حزب التحرير يلاقي ما يلاقي من العذابات، فمن مجازر في آسيا إلى حملات اعتقال واسعة في أوروبا، إلى شتى صنوف العذاب والتعذيب في سجون طغاة الأرض ..كلها ما هي إلا مؤشرات على اقتراب نصر الله تبارك وتعالى وتمكينه لعباده في الأرض..

قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)

وقال (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)


فلسطين ... من يملك مفاتيح الحل؟

كلمة القيت في ندوة في فلسطين
بتاريخ
13-3-2009



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الخلق والمرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمين ومن سار على نهجهم واهتدي بهديهم إلى يوم الدين، وارض اللهم عنّا معهم يا أرحم الراحمين...

ثمّ أما بعدُ أيها الكرام،،

قبل أيام معدودات، مرّ في ذاكرة المسلمين المخلصين لدينهم وأمتهم ذكرى أليمة مفجعة، ألا وهي ذكرى هدم دولة القرآن، دولة سيد الأنام محمد صلوات ربي وسلامه عليه، والتي عّرفت بعده بدولة الخلافة الإسلامية، تلك الدولة التي استظل بظلها الوارف المسلمون ما يقربُ من ألف وأربعمائة عام

عاشوا خلالها أسيادا للعالم بعد أن كانوا في ذيل القافلة بين الأمم، أمنوا فيها على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم...ودينهم

كانوا يتسربلون رداء العزّة والكرامة، بعد أن دان لهم العرب والعجم، وحطّموا استعباد فارس والروم للناس، واستغلالهم للبشر ومقدراتهم.. فقد كانت دولة الخلافة نور عزتنا ومكمن قوتنا وحافظة ديننا

دولةُ الخلافة تلك، التي هُدمت في الثالث من آذار لعام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، بعد أن كاد لها أعداؤها، وأعانهم عليها شرارُ الخلق ممن باعوا أنفسهم للكفر وأهله بثمن بخس

تمرُّ ذكراها... غير أنه لا يُكتفى بذكرها وتذكير المسلمين بها وبأنها سبب عزتهم وكرامتهم، بل إنّ ذكراها يجب أن يكون دافعا يدفع بالعاملين لها وبمن قضى شبابه وعمره في العمل على إعادتها واقعا يعيشه المسلمون في ربوع الأرض

وفوق ذلك، فإنّ الواقع الذي يعيشه المسلمون في بقاع الأرض كلها لهو خير شاهد ودليل على ما آل إليه حالهم من ضياع، وتشرذم، ومهانة، ورخص لهم ولدمائهم، يستبيحهم أرذل الخلق، خلق بعد خلق يتناوبون على إذلالهم وهدر كرامتهم قبل وبعد هدر أموالهم وجميع مقدراتهم

ولا أدلُّ على ضياع تلك الكرامة للمسلمين من الشواهد والأصنام المحكّمة على رقابهم ممن يسمّون حكّاما، والذين لا يملكون بين أيديهم أبسط أدوات الحكم وشرائطه، فتبعيتهم وعمالتهم وخيانتهم لأمتهم تنطق بها كلّ أحوالهم ليل نهار

فقد أسلمونا لعدونا

وتآمروا معهم علينا، منفذين لتعاليم أسيادهم، مطبّقين علينا أحكاما لا صلة لشرع الله بها من قريب ولا من بعيد، ويعملون وفق منظومة سياسية لا أصل فيها ولا فرع من شرعنا الحنيف..

فأصبح المسلمون يعيشون في دويلات متهتّكة مشرذمة تسمى دُولا، فلم يعودوا أمة واحدة من دون الناس....

فذاك أردني، وهذا مغربي، والآخر باكستاني... وطنيات وقوميات عفنة نتنة ما أنزل الله بها من سلطان، ومنهي عنها في شرعنا، لا يقبل بحالها من سلم عقله وصحّت عقيدته من أحفاد الفاتح وصلاح الدين والعزّ بن عبد السلام،

ولا يرضى بها من كان حاكمه يوما أبو بكر وعمر وعثمان وعلي...أعلام أتقياء أنقياء دانت لهم مشارُق الأرض ومغاربُها !!

ثمّ لما ننظرُ إلى حالنا من زاوية غير زاوية تشرذمنا، نجد أننا قد أسلمنا أمرنا لحكام عظيمُ مهمتهم هي إرضاءُ أسيادهم ومن مكّنهم من كراسيّهم، ولو بذلوا لأجل الحفاظ على حالهم تلك دماءنا وأموالنا وأعراضنا

فالعراق شاهد يصرخ بعمالتهم وسيرهم مع أعداء الأمة على حساب دمائها وأعراضها

وأفغانستان تئنّ تحت وطأة حرابهم

وكشميرُ ومن قبلها البوسنة سالت دموع البواكي فيها أنهارا من دماء

والهند يُذبح فيها المسلمون على يد عُبّاد البقر والعالم ينظر ولا يحرك ساكنا لأن القتلى ....مسلمون

وهذه فلسطين
بلد المحشر والمنشر
أرض الديانات والرسالات
أرض اجتماع الأنبياء الذين ما اجتمعوا إلا فيها
أرض الربط بين أرض الله وسمائه بعروج نبيه صلوات ربي وسلامه منها إلى الملأ الأعلى
الأرض التي بارك الله فيها وحولها
سماؤها دماء
وأرضها أشلاء
وماؤها دموع تذرفها أمهات ثكالى وشيوخ فجعوا بالأهل والأبناء

وحكام الذّلة والمهانة يصافحون ويسمرون ويضحكون ويحضنون القاتل وكأنهم يباركون له شنيع فعاله بالمسلمين!!

أيها الأكارم
أيها المسلمون
يا من سماكم الله بالمسلمين من فوق سبع سماوات، ولم يسمّكُم بقوميات ولا وطنيات عفنة منتنة
ألم يأن لكم أن تخشع قلوبكم لذكر الله وما أمركم به؟
ألم تعلموا بعدّ أن دولا مجتمعة هي التي يجري على أيديها ما يجري من تقتيل واحتلال وتدمير؟؟
دول اجتمعت على إذلال كلّ من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله
لا يثنيهم ولن يثنيهم عن سوء فعالهم فرد ولا جماعة مهما بلغت قوتها وعديدُها...

فتلك أمريكا تريد لفلسطين أن تكون منقسمة إلى كيانين:
كيان بني يهود على ما احتُلّ منها قبل العام سبعة وستين
وكيان مسخ آخر يسمى بالدولة الفلسطينية: لا أرض لها ولا سماء، ولا حدودا تُعرف بها، ولا تواصل بين أشلائها، ولا سلطان للمسلمين على شبر منها، فالسلطان أساسه الأمن والأمان والسيادة في القرار...وكلّ ذلك مفقود من ذاك الكيان الذي يدعون إليه في أحسن الأحوال..

أو أن يكون كيانّ السلطة المسخ يتبع النظام الأردني كما في مخيلة الحلّ البريطاني لقضيتكم أيها المسلمون،،
ولو انتقلنا إلى حلّ ثالث تمّ طرحه لحلّ قضية فلسطين فسيتبادر إلى الذهن كيان يسمى ب ( إسراطين) !! اقترحه رويبضة من رويبضات العصر اسمه القذافي،ذلك بأن يجتمع أهل فلسطين وبنو يهود في دولة واحدة تسمى إسراطين... فلا أدري حينها هل يكونُ رئيس دولتنا يهوديا وكبير وزرائه مسلما؟
وهل يكون دستورها خليط بين كفر صُريح متمثل باليهودية أم كفر مبطّن متمثل بالعلمانية والديمقراطية...!!
أيها الكرام،،
إن العقل السليم ليدرك – قبل أن نتحدث بالشرع – أنه في تاريخ الأمم قانون:
وهذا القانون هو أنه:
لا يقف في وجه الدولة إلا دولة
ولا يقضي على دولة أيا كانت إلا دولة
وبأن الأفراد والجماعات مع عملهم في عدوهم فإنهم لا ينزلون به إلا أذى- مع كل تقديرنا واحترامنا لمن اتخذ من الجهاد فيما تبناه طريقا لقتال يهود ومحاربتهم- إلا أن الفرد والجماعة لا يمكن بحال أن تزيل من الوجود دولة

لأن المسألة لا تتعلق بعلاج أعراض لداء
بل لا بدّ من حلّ جذري للمشكلة وسببها
فمشكلة المسلمين – ومنهم أهل فلسطين – ليست في وجود بني يهود فيها أو في جزء منها
بل إنّ مشكلة المسلمين -وأهل فلسطين جزء منهم- هي في أساسها أن شرع الله غائب
ودولة الإسلام حامية دينهم وأعراضهم ودمائهم غائبة
وأن أمير المؤمنين الذي يُقاتل من ورائه ويتقى به كما قال الصادق المصدوق أيضا غائب
وأيُّ ظنّ لحلّ لمشكلة المسلمين في غير هذه الدائرة هو تخدير وتسكين للألم لا يرفع ذلّة ولا يعيد كرامة!!
فتلك الجيوش الرابضة في ثكناتها، الصامتة صمت أهل القبور في قبورهم، هم الذين يتوجب عليهم أن يلبوا صرخات الثكالى والأيامى، صرخات الشيوخ وعويل الأمهات، ودماء الأطفال وأشلائهم
التي تلعن مع كلّ قطرة منها كلّ متخاذل خانع ساكت لا يحرّك ساكنا لنصرة المسلمين، كلّ المسلمين
أيها المسلمون،،
وطّنوا أنفسكم على أن حلّ قضاياكم لا يكون إلا بدولة وإمام
واعلموا أنكم جميعا مأمورون من فوق سبع سماوات أن تعملوا لدينكم وأمتكم وأن لا ترضوا بالكفر شريعة تُحكمون بها، ولا بالأذناب حكاما فوق رقابكم،
فها نحن نراهم ونشهد على جبنهم وتخاذلهم وتواطئهم ليل نهار، وهم أدنى من أن يحموا أنفسهم أو يدافعوا عن وجودهم إن هددهم أسيادهم، فذلك قتلوه، وهذا يطلبونه لمحكمة الجنايات، وبقيتهم صامتون صمت ذلّ وخنوع
فهل تبتغون عند حكام كهؤلاء العزّة أو الكرامة أو النصر؟؟
اعلموا أيها الكرام، أن كلّ من سمع سيشهد على نفسه أمام الخالق الجبار في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
فاجعلوا بوصلة الأيمان تُرشدكم إلى أن الحل الجذري لقضية فلسطين – كما غيرها من قضايا المسلمين- ليس هو في الترقيعات ولا في المهادنات ولا في النزول عند رغبات حكام باعوا دينهم بدنيا غيرهم ممن ضلوا ضلالا كبيرا
ولا تبحثوا عن الحل البديل في ظلّ وجود الحلّ الأصيل: دينكم وشرع ربّكم
وإقامة دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة كما يأمر اللهُ ويأمر نبيهُ صلى الله عليه وسلم.
وبأن تتحركوا وتعملوا مع العاملين لإنقاذ الأمة مما هي فيه، وبأن تنظروا إلى قضية فلسطين كجزء من قضية المسلمين الأولى وهي إعادة الحكم بما أنزل الله ببناء دولة الخلافة الثانية التي أصبح ذكرُها وذكر العاملين لها يشغل بال الأمريكان والأوروبيين وكلّ العالم اليوم، مذكرين ومنبهين إلى خطورة حزب التحرير الذي يحمل مما يحمل منظومة حلّ شامل لكل قضايا المسلمين
فهل يرى الغرب خطر العاملين للخلافة ويخافون من نتائج عملهم في حين أن المسلمين لا يزالون إلى اليوم يرون الخلافة حلما لا يمكن أن يتحقق؟!
فهل تنكرون آيات الله ووعده، ونبوءة نبيه صلوات الله وسلامه عليه؟؟
إنها والله كبيرة
فهي مسؤوليتكم أيها الأحبة، مسؤولية كلّ من شهد الشهادتين أن يعمل لدين الله، وأن يكون معينا للمخلصين، لا عقبة مع المثبطين المرجفين
فقوموا إلى أصل عملكم لتصلوا إلى سبب عزّتكم وكرامتكم فهكذا حال نعيشه بلا كرامة وبلا عزة لهو حال مخز لا يليق بخير أمة أنتم منها.
فأصل عملنا في هذه الدنيا عبادة الله وطاعته طمعا في وارف جنانه
فلا يلهكم عن أصل عملكم شدّة ولا بأس
ولا يُلهكُم عنه كثرة عدوكم ولا كثرة أمواله ونيرانه
فان ربّي وربّكم قال من فوق سبع سماوات
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ )

وقال (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة: 33).
وخاطبنا قائلا جلّ ربي في علاه:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (الأنفال: 36).
وكذلك الحبيب المصطفى، إمامُ المسلمين وقدوتُهُم، رئيسُ أول دولة لهم
قال فيما رواه مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وأحمد عن ثوبان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله زوى لي الأرض - أي جمعها وضمها - فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغُ ملكُها ما زوي لي منها. . . " الحديث (رواه مسلم برقم -2889-، وأبو داود -4252-، والترمذي -2203- وصححه، وابن ماجه -3952-، وأحمد 5/278، 284).
وها هو يبشر باتساع دولة الإسلام، بحيث تضم المشارق والمغارب، وهذا لم يتحقق من قبل بهذه الصورة، فنحن بانتظاره كما أخبر الصادق المصدوق.
فيما رواه ابن حبان في صحيحه: "ليبلغن هذا الأمر - يعني الإسلام - ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل دليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر" (ذكره الهيثمي في موارد الظمآن)

فإذا كان الحديث السابق يبشر باتساع دولة الإسلام، فهذا يبشر بانتشار دين الإسلام، وبهذا تتكامل قوة الدولة وقوة الدعوة، ويتحد القرآن والسلطان.

وكذلك ما رواه أحمد والدارمي وابن أبي شيبة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسئل: أي المدينتين تفتح أولاً: القسطنطينية أم روميَّة؟ فدعا عبدُ الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكتب، إذ سئل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مدينة هرقل تفتح أولاً" يعني قسطنطينية (رواه أحمد)

ورومية هي ما ننطقها اليوم: "روما" عاصمة إيطاليا.
وقد فتحت مدينة هرقل، على يد القائد المسلم العثماني ابن الثالثة والعشرين: محمد بن مراد والمعروف في التاريخ باسم "محمد الفاتح" فتحها سنة 1453م.
وبقى فتح المدينة الأخرى: رومية، وهو ما نرجوه ونؤمن به.

الإخوة الكرام،،،

إنّ هذه الحياة التي نحيا، لن تستقيم ولن يستقيم خالُنا فيها إلا إن لزمنا أمر الله تبارك وتعالى في كلّ ما أمر وما نهى، فقد خلقنا لعبادته، وهي بعدها إما جنّة وإما نار والعياذ بالله،، والمسلم الحقّ هو من أنزل الله وأحكامه في قلبه منزلة لا يُنزلها أحدا غيره، فتكون حياته لله، وإعماله خالصة لله، ويعيش متسربلا بطاعة الله في كل صغيرة وكبيرة

وقضية فلسطين قضية عقدية لا هي عقلية ولا جدلية، ولا تتسع لها الحلول البشرية بعيدا عن الحلّ الرباني مهما ظنّ الظانّون أن الشرع بعيد المنال أو حُلم لا يمكن الوصول إليه

بل هو حقيقة ربّانية لا ينكرها إلا ضالّ أو جاحد، ولا يسعى لحلّ قضية فلسطين ساع على أيّ أساس غير أساس العقيدة إلا ضاع وخسر، وفي النهاية لن يكون إلا الحلّ الشرعي لفلسطين وقضيتها ولغيرها من قضايا المسلمين طال الزمن أو قصُر

فالدولّ لا يقفّ في وجهها ولا يدحرّها ويقضي عليها إلا دولُ ُ، وقضية فلسطين أكبر وأعظم من الأفراد والجماعات وإن زاد عددُهُم وقويت شوكتُهم، ولن يخلّص أمة محمد مما هي فيه من بلاء وتشرذم إلا إمام ودولة،،،

وروى العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة، ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب، وقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله تعالى، والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًا؛ فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافا كثيرا، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا علينا بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث صحيح. ورواه ابن ماجه، وفيه قال: وقد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك .

وأختم بخير الكلام،،
يقول الحقّ تبارك في علاه:

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَاأَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

سبحان ربّك ربّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.
----------------------------------

اللهمّ من اعتز بك فلن يذل،،،ومن اهتدى بك فلن يضل،،،ومن استكثر بك فلن يقل

ومن استقوى بك فلن يضعُف،،ومن استغنى بك فلن يفتقر،ومن استنصر بك فلن يُخذل

ومن استعان بك فلن يُغلب،،ومن توكل عليك فلن يخيب،، ومن جعلك ملاذه فلن يضيع

ومن اعتصم بك فقد هُدي إلى صراط مستقيم،،

اللهم فكن لنا ولينا ونصيرا، وكن لنا معينا ومجيرا، إنك كنت بنا بصيرا،

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين


فلسطين


الغرب و " اسطبل " المفكرين العرب




25/3/2009
لا شكّ في أنّ للإعلام -على اختلاف أنواعه- دور عظيم وخطير في الوقت ذاته لناحية تعاطيه مع قضايا الأمة سلبا أو إيجابا
فوسيلة الإعلام أصبحت الأداة الفاعلة المؤثرة في تسويق سياسات الدول، والاعتماد عليها  باضطراد مستمر وتسارع كبير، وفي سباق محمومٍ مع الزمن، فقد فهم كثير من ساسة اليوم خطورة الأفكار وأهميتها، وبأن السلاح مهما كانت قوة فتكه لا يستطيع أن يهدم فكرا أو أن يصيغه الصياغة التي يريدها النظام، أيّ نظام.
فمراكز البحوث والدراسات (Thinking Tanks) ما انفكت تضع الخطط والاستراتيجيات في مسألة التعامل مع الأفكار التي تعمل على محاربتها والحيلولة دون انتشارها، والتعامل مع دعاتها، وتوصي حكومات الدول في أمريكا وأوروبا بشأن مخاطر الأفكار التي يدعو إليها " المتشددون" في العالم العربي والإسلامي من مثل حزب التحرير...
فالإعلام والإعلاميون هم اليوم – أكثر من أي يوم مضى- الأداة الأكثر خطورة في يد الأنظمة

وطبعا لا أنفي أن من الإعلاميين من هم على درجة من الوعي بحيث ينتبهون إلى خطورة الأمر فلا يقعوا في الفخاخ التي ينصبها لهم الساسة والدول ومراكز البحوث الإستراتيجية

إلا أن تلك الجهات لا تملّ ولا تكلّ من البحث عن إعلاميين يروجون لفكر هذا النظام أو ذاك، أو لضرب، وبشكل أدق، محاولة ضرب الأفكار التي تعتبرها تلك الأنظمة أفكارا هدّامة، والكلام أساسا عن الإسلام والذين يحملون فكره بشكل واضح وجلي ونقي يخلوا من أي شائبة والذي لم يتلوّث بملوثات العصر وسمومه .

أقول، لا تملّ تلك الأنظمة من البحث عن إعلاميين ومنابر إعلامية لتغريهم بالعصا تارة وبالجزر تارة أخرى ليروجوا لها ما تريد ويحققوا لها مصالحها: آنيّة أو متوسطة المدى أو حتى بعيدة المدى منها.

وفي مسألة الإعلام والإعلاميين وأهميتهم، لفتني هذا الكلام:

مقولة الأمريكي" ديفيد وارمرز" المستشار والمسئول عن قسم الشرق الأوسط في فريق ديك تشيني، عن إسطبل المثقفين العرب
جاء في هذه الكلمة ما يلي:
 "من ضمن خطتنا في المنطقة لابد أن ننتبه للإعلام .. الإعلاميون العرب كلهم أعداء وكلهم ضد السامية وكلهم يمكن أن يشكلوا معسكر الخصم، لكن لابد أن نجد إسطبلا من الإعلاميين العرب يشبه سفينة نوح، الأحصنة في هذا الإسطبل وظيفتهم أن يقولوا دائما إن سوريا وإيران هما المشكلة، أما الحمير فهم من يصدقوننا بأننا نريد الديمقراطية، أما حظيرة الخنازير الذين يقتاتون على فضلاتنا فمهمتهم كلما أعددنا مؤامرة أن يقولوا أين هي المؤامرة" .. !.
http://www.almothaqaf.com/index.php?option...amp;Itemid=2739

لم يلفت نظري في هذا الكلام، ولم أكن لأهتم كثيرا لأنه يتحدث عن الإعلام فقط
فالذين يتحدثون وتحدثوا وخاضوا من السياسيين وغيرهم في هذه المسألة كثر
لكن اللافت للانتباه هو الجرأة والوضوح الشديدين في النظرة لتلك الفئة من الإعلاميين الذين يتحدث عنهم ديفيد وارمرز، وعن " شدة الاحتقار لهم" مع أهميتهم بالنسبة له ولغيره من الساسة والأنظمة
فكلامه واضح لا يحتاج إلى تفسير

وما قاله ليس غريبا، بل يدركه أصحاب العقول النيرة، الذين لا تنطلي عليهم خدع الساسة وإعلامهم المبرمج الممنهج

فهل يعي الإعلاميون في بلاد المسلمين خطورة وأهمية دورهم؟
وهل يرتقون إلى المكانة التي يستحقون أن يكونوا فيها من ناحية فهمهم لقضايا الأمة الإسلامية من منظور الإسلام وأحكامه لا من منظور الغرب ورؤيته ومصالحه؟!