الأحد، 29 نوفمبر 2009

تعذيب حلة الدعوة مؤشر على النصر

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [آل عمران:102]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً  [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً *  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].


قضت حكمة الله تبارك وتعالى أن تكون الأيام والسنون دولاً بين الناس، وأن لا تخلَّد أمةٌ من الأمم،

كما قضت سنته سبحانه أن يكون التدافع بين الناس إلى يوم القيامة. فتعلوَ أمة وتنهزم أمة، تسود فئة من البشر في حِقبة من الزمن وتُغلب أخرى .

ذلك في جانب الأمم والدول، أما في جانب الحقّ والدعوة إلى الله، فإن سنته تبارك في علاه قضت أن لا بدّ للحق الذي من عنده من رجال يحملونه ويدعون له، يعلّقون مصائرهم بذاك الحق فيصبحون والحق جزءاً لا يتجزأ، يذودون عنه وينشرونه بين الخلق، تتعادل في هذا الميزان أرواحُهم مع هذا الحق بل إن الحق الذي يحملونه في ميزان عقيدتهم يزيد ويرجح.

وصلنا هذا الحق، هذا الدّين القيّم، هذه العقيدة، وصلتنا صافيةً نقية، لتقع في قلوب نقية تقية، تحملها كما حملها خير الناس وسيّد البشر محمد صلوات ربي وسلامه عليه، وكما حملها وذاد عنها صحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان،

بذلوا كل غال ونفيس وقدّموا الأرواح والأموال والأولاد ليجعلوا دين الله دينا يسمع به القاصي والداني من أقصى الأرض إلى أقصاها، دينا يدينون به للخالق الواحد الديّان.

مرت سنوات وعقود بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعيهم، وتغير حال المسلمين بعدهم من عزّ إلى ذل، ومن صدارة للأمم وقيادة لها إلى تبعية وانقياد بعد أن هدمت دولة القرآن، دولة الإيمان ، دولة محمد صلوات ربي وسلامه عليه….دولة الخلافة الراشدة..

وما كان هدمها إلا بعد أن كاد لها شرار الخلق، نصبوا المكائد والفخاخ ليبعدوها عن مركز الصدارة والقيادة، وأعانهم من أعانهم ممن خانوا الله ورسوله وخانوا المؤمنين، إلى أن وصلوا إلى يوم أعلنوا فيه انتهاء دولة الخلافة وغياب نورها .

وعملوا على ضمان بقاء حال المسلمين كما هو: فمزقوا دولة الخلافة إلى عدة مِزَق، ووضعوا على رأس كل مِزْقَةٍ منها حاكما يدين لهم بالطاعة والولاء ما أعطى الغرب ضمانة أكبر في منع أو محاولة منع عودة دولة الخلافة أو العاملين لها.

وكان مما انتهجه الغرب بعد بزوغ فجر حزب التحرير العامل على إعادة العزة والكرامة للمسلمين، أن أطبق عليه بحصار من التعتيم الإعلامي مصحوبا بحملات وحملات من الاعتقال والقمع والتعذيب لكل من علموا أنه من حزب التحرير أو يؤيدهم أو يعينهم بقول أو رأي..

ولا ندّعي أن الغرب الكافر وعملاءه في بلاد المسلمين لا يحاربون إلا أبناء حزب التحرير، بل هم يحاربون ويضربون بيد من حديد ونار كلَّ من علموا أنه يدعو إلى دين الله بحق من قريب أو بعيد، يحاربونهم ولو بالشبهة خوفا منهم ومما يدعون إليه، يملأ قلوبهم الحقد والجزع والخوف من عودة دين الله مطبّقا في الأرض كما كان في عهد من نقتدي بهم وبدولتهم: الخلافة الراشدة الأولى وخلفائها الراشدين.

غير أن الكافرين وأعوانهم وأذنابهم قد انتهجوا كما قلنا نهج التعتيم على الدعاة الى الله، وعدم تناول قضية حزب التحرير ولا دعوته في العلن ووسائل الإعلام خوفا من انتشار الدعوة أكثر مما هي منتشرة، فترى الإعلام يتجاهل بكل ما أوتى من أساليب خبيثة الحديث عن حزب التحرير، أو ما يدعو إليه، أو تناول فكرة الخلافة والعمل لها أو الدعوة إليها، وفوق ذلك فقد جيشوا جيوشهم ممن سَمَّوْهم مفكرين ومثقفين وعلماء ممن أخذوا على عاتقهم التصدي والوقوف في وجه دعوة الحق، دعوة حزب التحرير فتناولها تلميحا في بداية الأمر لا تصريحا بالنقد والتسفيه تارة، وبالفلسفة غير الواقعية تارة أخرى..

وتمضي الأيام والسنون، ويشاء الله تبارك في علاه أن تبدأ دعوة حزب التحرير بالتغلغل الكبير في أوساط المسلمين وبين مختلف طبقاتهم وفئاتهم، ويُفاجأ العالم أجمع بأصوات دعاة الخلافة في مشارق الأرض ومغاربها حتى إنهم رأَوْهُم وسمعوهم يدعون لها في قلب العالم الغربي فنزل عليهم الأمر كصاعقة من السماء!!

فارتفعت هامات الغيورين على دين الله، العاملين لنصرة شريعته وتطبيق سنة نبيه، متمثلين بحزب نقي تقي هو حزب التحرير، فكان بين الأمة كالنجمة الساطعة في كبد السماء، هالَهُ تضيِيعُ شرع الله، وفطر قلبَ أمرائه وشبابه الاستهانةُ بأحكام الله، وزاد الكفرُ وأهله على ذاك بأن أصبحت أعراض المسلمين هتكا مهتوكا، وأموالهم سلبا منهوبا، وبلادهم طمعا مسلوبا، وزاد عليها أن أصبح كلّ حكام المسلمين بلا استثناء عونا للكافر على المسلمين بعد أن كانوا دمى تحركهم أصابع من يكيد للأمة والدين!!

فرمانا الغرب وهؤلاء معهم عن سهم واحدة، فقتلوا واستباحوا وشرّدوا وأهانوا كلّ عامل صادق مخلص لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين،

وقاتلوا كلّ من كان ولاؤه لله ولرسوله، وهادنوا وصالحوا وقرّبوا كل من كان ولاؤه للطاغوت والكفر…

فكان القرار الواضح الذي لا يختلف عليه عاقلان: أن الحرب اليوم هي حرب عقائد وحرب صليب ضد الإسلام والمسلمين، منعا لعودة دين الله حاكما وقائدا…

فارتفعت وتيرة الملاحقات والمتابعات والاعتقالات والقتل والتنكيل بأبناء حزب التحرير في كثير من بلاد المسلمين، وفي بلاد الغرب حيث الاعتقالات والملاحقات من جهة، وحظر عمل الحزب ووضعه على لائحة المنظمات أو الحركات الإرهابية من جهة ثانية، فسمعنا ما حصل في ألمانيا وبريطانيا والدنمرك وغيرها من بلاد الغرب..

وكان الإيعاز لحكام الفجور والأنظمة الكفرية في عالمنا الإسلامي بالاعتقال والملاحقة والمطاردة لحزب التحرير وأفراده ولمن يقول برأيه أو يؤيد ما يذهب إليه حزب التحرير.

فامتلأت سجون كثيرة بشبابه، وحُملت إلى القبور الكثيرُ من أجساد أبنائه الطاهرة، وكانت المجازر ،، فتلك أوزبكستان وأنديجان وقبلها سورية والأردن والعراق ، فصار المراقب أينما نظر وتمعن يرى القتل والتنكيل في الدعاة إلى الله على حق وبصر وبصيرة، يرى أفراد حزب التحرير مستهدفين مطاردين مقموعين…وفي ذات الوقت فإن نشاطهم وتحدِّيَهم في ازدياد كبير وفي تحد عظيم يحدوهم وعدُ رب قدير.

إن الحملة المسعورة العنيفة التي يواجهها حزب التحرير وأبناؤه، مما سبق ذكره من قتل وتعذيب وسجن وابتلاءات ووصف بالإرهاب تارة وملاحقة له بوصفه ( المزوّد الفكري) للجماعات التي يصفونها بالإرهابية تارة أخرى هي أكبر مؤشر على ما آل إليه الحال في السنوات القليلة الماضية

فقد أصبح خطر حزب التحرير في عيون الغرب وأعوانه وزبانيته لا يمكن تجاهلُه بحال من الأحوال، وهذا المدّ الهائل للحزب في شتى بقاع الأرض لا يمكن أن يُغفِلُوه أو يتجاهلوه

والتعتيم الإعلامي المصحوب بحملات القتل والاعتقالات السرية غير المعلنة لم تَعُدْ تجدي نفعا.

فالمعادلة أضحت واضحة جلية: حزب التحرير ترسخت جذورُه وارتفعت أغصانه فغطّت مساحاتٍ هائلةً من الأرض والعقول والقلوب…

وطرف المعادلة الآخر: تكالب للكثير الكثير من دول العالم الغربي تعاونه الأنظمة الكفرية في العالم العربي والإسلامي بجهود متضافرة وبأعتى أساليب القمع والتقتيل والتشريد يصبون جام غضبهم بكل وسائلهم ليقمعوا ويمنعوا ويوقفوا انتشار حزب التحرير في الوقت الذي أضحى الأمر واضحا من أنهم فشلوا في الحدّ من انتشاره واحتضان المسلمين له ليعملوا معه لرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.

فلا يجدون أمامهم من خِيار غيرَ خيار العاجز الذي يستخدم آخر أسلحته: سلاح القوة والتدمير، السجن والتعذيب…. وكلها مؤشرات جلية على فشلهم في وقف هذا الزحف الهائل لحزب التحرير في بلاد المسلمين.

لا يخفى على عاقل أن ما يواجه به الغربُ ومعه كل لأنظمة في بلاد المسلمين حزبَ التحرير والعاملين لتحكيم شرع الله في الأرض واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة إنما هو بداية نهاية تلك الأنظمة، وبداية النصر المؤزر بإذن العزيز الجبار.

فذاك سيدنا إبراهيم عليه السلام، لم يظهر على قومه ولم تكن له ولدعوته الغلبة إلا بعد أن جهزوا له نارا وألقَوْه فيها.

وذاك الفتى الذي آمن بالله ربا وكفر بدين مَلِكِه وقومه فما كان نصره واتِّباع الناس له إلا بعد أن أمر الملك أن يُرمى بسهم ويُقال: باسم ربّ الغلام…فانقلب السحر على الساحر فخسر الملك وفاز الغلام بنصر ربه حتى وإن مات، فإن النصر لا يُشخّص لهذا أو ذاك من البشر، إنما النصر نصر المبدأ والمعتقد.

وذاك خير الخلق محمد صلوات ربي وسلامه عليه، عانى ما عانى من قريش وهم في أعتى صور عداوتهم له ولمن آمن به، ما انتصرت دعوته ولا غلبت كلمتُه إلا بعد أن أُدميت قدماه الشريفتان، وألقي عليه ما ألقي من القاذورات والنجاسات، وبعد أن رأى بعضا ممن آمن به يُسامون سوء العذاب من قريش، يعذبون ويُقتلون وهم في أجمل صور الثبات والصبر والاحتساب.

وهذا حزب التحرير يلاقي ما يلاقي من العذابات، فمن مجازر في آسيا إلى حملات اعتقال واسعة في أوروبا، إلى شتى صنوف العذاب والتعذيب في سجون طغاة الأرض ..كلها ما هي إلا مؤشرات على اقتراب نصر الله تبارك وتعالى وتمكينه لعباده في الأرض..

قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)

وقال (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)


ليست هناك تعليقات: