الاثنين، 30 نوفمبر 2009

لا نعبُدُ رمضان

رمضان 2009م.
إلى من صام وقام من المسلمين في شهر الخير، شهر رمضان الفضيل

يا من رمتم من صيامكم وقيامكم عبادة خالقكم
يا من امتنعتم عن شرابكم وطعامكم امتثالاً لأمر ربكم
هذا شهر يزورنا كلّ عام مرة
فنلتمس فيه الطاعة وتجنّب المعصية
نرجو فيه رحمة ربنا ونخاف عذابه وغضبه

فكيف أنتم والمسلمون من أقصى الأرض يهانون في كل يوم مرة أو مرتين؟؟
ولا أقول مرة في العام أو مرتين
كيف أنتم من باقي أحكام ربكم جلّ في علاه؟؟
هل خاطبكم خالقكم بالصوم ولم يخاطبكم بغيره من فرائضه؟؟
هل أمركم الله بفرض الصوم فنراكم تصومون وتقومون طائعين متذللين له
ولم يخاطبكم بفرض الحكم بما أنزل؟؟
هل قال لكم خالقكم " كتب عليكم الصيام..."
ولم يقل لكم " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " ؟؟
هل قال لكم نبيكم صلوات الله عليه " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"
ولم يقل لكم " من مات ولم تكن في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" ؟؟
ولم يقل لكم " من جاءكم وأمركم على رجل واحد ، يريد أن يفرق جماعتكم ، فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان

هل رسخ في عقولكم وبواطن نفوسكم أن طاعة الله وطاعة الحكام الذين يحكمون المسلمين بغير ما أنزل الله – وكلهم كذلك – سيّان؟؟
هل صوم شهركم هذا أعظم حرمة عند الله من دماء المسلمين التي تُراق ليل نهار في أقطار الأرض؟؟
هل حكم الصيام والقيام أتيا من الله سبحانه، أما تطبيق الحدود والذود عن حرمات المسلمين وأعراضهم ليس من عند الله؟ لنأخذ بذاك ونعمل به ونترك هذا ونتجاهله ؟؟
يا من عبدتم الله في هذا الشهر العظيم:
أيصح أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه؟
والكفر ببعض الكتاب باب من أبوابه عدم العمل به، والتقصير فيه مع القدرة عليه، وعدم التلبس بمتطلبات إنزاله على الأرض واقعاً مطبقا.

أيها المسلمون:
دين الله لا يتجزأ
ولا يخضع للعقل أخذاً ولا تركا.
فالصوم كالصلاة وكالجهاد وكالزكاة.... من فاضل بين فرض وفرض عن غير بينة من عند الله فقد ارتكب إثماً عظيماً.
ومن كان التزامه بفرض على حساب فرض – تقصيراّ أو إنكاراً – فقد أوقع نفسه فيما لا تحمد عقباه عند الله.
فعلى من نفتري؟ وعلى من نضحك؟ وأمام من نتغافل حين نعبد الله هنا ونعصيه هناك؟؟

صمتّم في هذا الشهر، وأسأل الله القبول والثواب، لكن: ماذا فعلتم لمئات المسلمات اللائي انتهكت أعراضهن في هذا الشهر من أقصى الأرض إلى أقصاها؟؟
قد يقول قائل: لا نعلم بهذا
فان قالها عاقل فهي المصيبة التي توضع فوق الطامة!!
هل بقي مسلم عاقل ذو لبّ لا يعلم ما يجري للمسلمين على أيدي جلاوزة الحكم في بلاد المسلمين وبلاد العجم؟؟
ترى، هل يوجد مسلمين لا يعلمون؟؟ فوالله إن مصيبتهم مركبة إن وُجدوا!!

وهل من صام هذا الشهر أيها الكرام يكون التزم أمر ربّه وقد نسي ما فرضه الله من فوق سبع سماوات من " إن الحكم إلا لله" ؟؟ ونحن نرى ونسمع ونعيش تضييع أحكام الله من قبل من مُلّكوا على رقاب المسلمين ويطبقون شرائع الطاغوت على اختلاف منابتها؟؟
فهل يظن الصائم هذا أنه قام بواجبه تجاه ربّه ودينه وانقضت بصومه التزاماته الشرعية أمام ربّه تبارك في علاه؟؟

يا من صمتّم نهاركم وقمتم ليلكم:
حين يؤذن لصلاة المغرب وتتجمعون حول موائدكم
هل فكر أحدكم برجال المسلمين
ونساء المسلمين
وأطفال المسلمين
وشيوخ المسلمين
الذي يبحثون في لحظتكم تلك بين حاويات القمامة والنفايات بحثاّ عن لقيمة تائهة يفطرون عليها؟؟
هل طاب إفطاركم وتلذذتم به وإخوة لكم هذا حالهم؟؟
ليس المراد من كلامي أن لا تتمتعوا بطيبات ما رزقكم الله
بل أن تعلموا واجبكم تجاه أبناء دينكم
وواجبكم تجاههم ليس لحظياً ولا آنيا: تشبعون به جوعة يوم أو عطش ظهيرة أو إبعاد سيف عن رقبة لمرة أو مرتين

بل واجبكم أكبر وأعظم:
أن تقوموا لله فرادى وجماعات تطالبون بتطبيق شرع الله والحكم بما أنزل...فبه يكون الحلّ ومن خلاله يحصل الخلاص
وعن طريقه تكون العزة والكرامة للمسلمين
مستذكرين قول الحبيب عمر رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فان ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله...أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه.
فالمسألة أعظم من الصوم والصلاة والزكاة
المسألة لها تعلق واضح ومباشر بسبب خلق الله لنا: أن نعبده
وعبادته لا تكون إلا كما أمر
والعبادة دون هدي ولا دليل هي عصيان لله
وعبادته لا تكون بفرض على حساب فرض
فتأملوا يرحمكم الله
ولا يظننّ أحدنا أنه ناج وهو في العذاب والجهالة والبعد عن الدين مقيم!!

ليست هناك تعليقات: