الأحد، 7 فبراير 2010

حكامكم ليسوا عاجزين ولا هم أموات أيها المسلمون


في أثناء وبعد كلّ مصيبة تنزل بأمة محمد صلوات ربي وسلامه عليه نسمع كلاما من أبناء الأمة، عامتهم ومفكريهم، وحتى من بعض علماء الشريعة الإسلامية، مفاد هذا الكلام هو أنّ الحكام في بلاد المسلمين المحكّمين على رقابنا هم أموات لا يرجى منهم خير، أو عاجزون لا يقدرون على شيء، ولا يستطيعون فعل شيء مما تطالبهم به شريحة عريضة من المسلمين

الميّت هو من لا حياة فيه ولا روح، والعاجز هو من فقد عضوا أو جزء من بدنه فأعاقه عن القيام ببعض أو جلّ ما يستطيع كامل الجسم أن يقوم به
هذا بشيء من الاختصار، وبما يتعلق بالمسألة وليس من ناحية طبية وفسيولوجية عامة

أما أنّ الحكام أموات: فهم ليسوا أمواتا، بل أحياء يُرزقون، تدبّ فيهم الحياة كأي ( مخلوق) وفيهم الروح مثل أيّ كائن حي

أما أنهم عاجزون، فهم أيضا - من ناحية بدنية وصحية- ليسوا كذلك، بشكل عام، ذلك أنهم أصحاء في أجسادهم عموما، غير أنّ النقص والعجز هو في شخصياتهم، نفسياتهم وعقولهم
أي أنّ عقلياتهم لا تنسجم ولا تتوافق من قريب ولا من بعيد مع عقيدة المسلمين حملا ولا تطبيقا
فعقلياتهم، وعقولهم موجهة مبرمجة ذات بوصلة لا تمتّ إلى شرع الله بصلة، فهم يفكرون، ويحكمون، ويتعاملون مع القضايا بعمومها من خلال وجهة نظر ليست هي العقيدة الاسلامية، فقد انسلخوا وسُلخوا عنها ومنها
وأصبحوا يتعاملون مع أبناء جلدتهم من المسلمين بما يمليه عليهم من هم تبع له من فكر غريب عن عقيدتنا، ومن أنظمة غربية غريبة أقل ما يُقال فيها أنها ليست منّا ولسنا منها، علمانية غربية لا يراعي أصحابها إلا مصالحهم وشعوبهم. فحين يستقي حكام المسلمين أنظمتهم وقوانينهم من تلك الإنظمة والقوانين فانهم حينها يطبقون على المسلمين ما لا يصلح لهم، بل قد يصلح للغرب فقط وليس لنا، وحين يتعاملون مع قضايانا فانهم يتعاملون معها وفق وجهة النظر الغربية، وحين يريدون التعامل مع أيّ من قضايانا فانهم ان استدعوا أحكام عقيدتنا لحلها فلن يجدوها، كونهم لا يحملونها ولا يعلمون كيف تكون حملا ولا تطبيقا، فيستدعون أحكام وقوانين الغرب، فيجدونها لا تنطبق على قضايانا

فهم اذن لا إلى هؤلاء ولا الى هؤلاء، تائهون بين اسلام كان الأصل فيهم ان يعتنقوه ويطبقوه غير أنهم لم يفعلوا، وبين انظمة غربية لا علاقة لها بدين الله

لذا تراهم مصابون بانفصام في شخصياتهم، مذبذبين بين شعوبهم وبين من يتبعون لهم في ولاءاتهم

فالميّت أو العاجز أيها المسلمون لا يجلب لنفسه ضرا ولا نفعا
أما هؤلاء فانهم بالقطع لا يجلبون لشعوبهم نفعا
الا أنهم، وبالقطع أيضا، يجلبون للأمة الضرر العظيم، والبلاء الجسيم
فلا يصح أن نقول أنهم أموات
ولا أن نقول أنهم عاجزون
وأن من يقول ذلك، وهو مدرك لمعاني الموت والعجز إطلاقا على الحكام، فانه اما أن يكون جاهلا جهلا مركبا
وإما أن يكون بإطلاقاته تلك يريد أن يُبعد أذهان الناس عن الحكام وتحميلهم مسؤولية ضياع الأمة وتضييعها

فان صدر ذاك القول من عامة الناس عذرناهم بعذر الجهل ( ولا أقصد بحال اساءة القول في عامة المسلمين) أما إن صدر من مفكرين وجماعات وعلماء فإن عذر الجهل غير مقبول لا عقلا ولا شرعا
والأصل البيان للناس أن هؤلاء الحكام بتقاعسهم، وتبعيتهم وعمالتهم للغرب والفكر الغربي أيّاً كان، هم الداء وسبب البلاء، ولا يمكن أن يتغير حال المسلمين وهؤلاء الأقزام جاثمين على صدورنا يمنعون الأمة من أية حركة ولو بغلبة الظنّ أنها من الممكن أن تكون في الإتجاه الصحيح

ولا يقبل عقل ولا شرع أن نحسن الظنّ بمن يتقلد أمور المسلمين، ويتحكم بهم ثمّ إن نزلت بالأمة نازلة قلنا أن حكامنا لا يقدرون على شيء من أمرنا ولا من أمرهم. هذا قول فيه ما فيه من استغفال للأمة واستغباء لعقولها، وحرف لها عن فهم أسّ الداء والبلاء وهم الحكّام المحكين والجاثمين على صدور خير أمة أخرجت للناس


اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا
وهيء لنا إماما يقودنا إلى ما فيه خير وعزّ الدنيا والآخرة
يحكمنا بكتابك وسنة نبيك الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.

دولة الخلافة العثمانية والمتآمرون عليها



في عام 923 هـ انتقلت الخلافة إلى سليم الأول بعد أن تنازل عنها المتوكل على الله آخر خليفة عباسي. وبهذا بدأت الحقبة " العثمانية " من الخلافة الإسلامية.

وقد عُرف العثمانيون بالعاطفة والحمية الإسلامية المتأججة، الممزوجة بالروح العسكرية المتأصلة فيهم، فحملوا راية الإسلام، وكانت دولة الإسلام في زمانهم أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ..

وحكمت من الزمن أربعة قرون، كان العثمانيون فيها حراساً للعقيدة، ناشرين دين الله في الأرض، فتحوا بلادا لم يعرفها الأوائل من المسلمين، ودحروا الأطماع الصليبية في بلاد المسلمين، وحقق الله على أيديهم هزائم كثيرة للصليبيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، والحاقدين على هذه الدولة التي اتسعت شرقاً وغرباً، فقد كانوا قادة عظاماً، لم يتغلغل الفساد إلى أركان حكمهم بعد، وكانت غيرتهم على الإسلام دافعاً قويا لهم، ولم ينغمسوا في مفاسد الحضارات المضمحلة في البلاد التي فتحوها، فقد أتقنوا فنّ التحكم والقيادة والفتوحات، وأتقنوا نظام الحكم خاصة في عصر الفاتح، وكان العثمانيون إجمالا يحبون سلاطينهم وقادتهم، لما وجدوا فيهم من صلاح وقوة وعزم، وحرص على الإسلام، وحماية للمسلمين، كما احترمهم غير العثمانيين من المسلمين، واطمأنوا تحت رايتهم وقيادتهم لهم.

استمرت دولتُهم الحارس الأمين للإسلام مدة أربعة قرون ( 699-1343) هـ.، وأطلق على الدولة حينئذ اسم "بلاد الإسلام" وعلى الخليفة اسم "سلطان" و "الغازي" أي: المجاهد

استمرت دولة الخلافة العثمانية قوية منيعة في وجه أعدائها طول الفترة التي كان عامل الدين ورابطة العقيدة هما السائدان، وهما الأساس الذي يجمع المسلمين في ذلك الكيان العظيم.
فقد استطاعت تلك الرابطة أن تجمع بين الترك والعرب والشيشان والشركس والداغستان بتناغم لم تشهد له دولة أو كيان آخر مثيلاً.

صحيح أن دولة الخلافة العثمانية لم تستمر على حالها من القوّة كما كانت في بداياتها وصولا إلى المائة الثالثة من حكمها، حيث اعتراها الضعف، وأصابها الوهن نتيجة عوامل كثيرة، ونتيجةً للمؤامرات التي حيكت ضدّها من قبل عدة أطراف منها:

* الصليبيين وما قاموا به من محاولات لضعضعة نظام حكم الخلافة، ودعوات الانفصال التي تبنوها وتبنوا دعاتها من قوميين ووطنيين وعلمانيين. ثمّ ما قاموا هم به مباشرة من احتلال لأجزاء من دولة الخلافة تحت ذريعة " حماية الأقليات التابعة لهم " بعد أن جعلوهم يتمردوا على دولة الخلافة ويختلقوا الذرائع لإيجاد القلاقل في ولايات الدولة...وهذا ذُكر عند المؤرخين فيما عرف ب " المسألة الشرقية " .

* اليهود وتحالفاتهم مع ذوي نفوذ زرعوهم في جسم الدولة وأوصلوهم إلى أعلى مراتب السياسة والنفوذ.

* الماسونية ومحافلها التي ثبتت علاقات اليهود بها، وكانوا على رأسها.

* الحركات والجمعيات التي كانت علاقاتهم مع اليهود والصليبيين واضحة واتفق أن كان هدفهم واحد وهو القضاء على دولة الخلافة، ومن أهم وأبرز تلك الحركات والجمعيات جمعية تركيا الفتاة، والإتحاد والترقي...الذين كان المتنفذين فيهما من يهود الدونمة والماسونيين في الأغلب الأعم.

في كتابه ( العبر وديوان المبتدأ والخبر) يقول العلامة عبد الرحمن بن خلدون:
أن الدول المستقرة يفنيها شيئان:
الأول: أن تنشأ مطالبة من الأطراف، وهذه الولايات التي تطالب بالاستقرار لا تبدأ بمطالبها إلا إذا تقلص ظلّ الدولة عنهم وانحسر تيارها.
الثاني: يأتي من دعاة وخارج في داخل تلك الدولة المستقرة، فيبدؤون بمطالب صغيرة ثم تنتهي إلى مقصد هيبة الدولة ونظامها.

وهذا ما كان، حيث رعى اليهود والماسونيون والصليبيين وعملاؤهم من العلمانيين العرب والقوميين والوطنيين دعاة الإنفصال عن جسد الخلافة وقوّوهم بالمال والسلاح ومن أمثالهم الوهابيين والشريف حسين.

وفي ذات الوقت، وُجد داخل الدولة من يتهمها بالتقصير والقمع والتمييز بين رعاياها على أساس قومي وعرقي فبدأت مطالباتهم ترتقي إلى أن وصلت إلى رأس الهرم السياسي عن طريق دسّ أناس ارتقوا سلّم السياسة إلى أن وصلوا إلى مناصب اتخاذ القرار أو التأثير فيه.
ومثال ذلك ما حصل مع الخليفة سليم الثالث حين قتله بعض أفراد جيشه القديم بعد أن رأي الوهن والضعف يدب في أوصال جيشه فكوّن جيشاً جديداً مما أدى إلى أن ينقلب عليه رجاله القدماء فقتلوه،
ومن المشهود المعروف عن سليم الثالث سعة علمه حيث أنشأ المدارس ورعاها، وكان هو ذاته يدرّس في مدرسة الهندسة.

وقد استطاعت الخلافة العثمانية أن تدافع عن الشرق العربي ضد الاستعمار الأوربي، وتوقف المد الصليبي الغربي أربعة قرون، فقد كان من اللازم أن يتحول الوطن الإسلامي كله إلى قوة عسكرية لتواجه الموجة الصليبية العاتية.
صحيح أن الدولة العثمانية لم تستطع أن توقف هذا المد إلى النهاية، ومع.
ذلك يبقى لها فضل الصمود المشرف، وإلحاق هزائم متقدمة بالدول الأوربية تعد نقطة مضيئة في سجل التاريخ الإسلامي.

وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها الكتاب اليهود والماسونيين والعلمانيين من عرب وعجم، إلا أن الشعوب العربية والإسلامية لم تكن تنظر إلى الدولة العثمانية كدولة استعمارية متسلطة كما كانت تنظر فيما بعد إلى فرنسا وانجلترا واسبانيا ، بل كانت تنظر إلى الخلافة التركية كضرورة يجب أن تظل وتبقى في مواجهة عالم غربي صليبي نهم يتطلع إلى خيرات المسلمين ، وهناك أدلة كثيرة تؤيد هذه النظرة ، منها : أن الجزائر قد دخلت باختيارها في الدولة العثمانية ، وكذلك أمراء لبنان ، وشريف مكة ، وأن المغاربة قد رفضوا التجنيد في جيش المماليك لمقاتلة " السلطان سليم " لأنهم على حد قولهم لا يقاتلون إلا الفرنج . وكانت الشعوب العربية والإسلامية تتعاطف مع الدولة العلية وتمدها بالمؤن والرجال على اعتبار أنها دولتهم التي تجمعهم ، ويقوم الدعاة في كل مكان يحرضون الناس على الدفاع عن الإسلام حتى تبلغ دعوتهم الهند والصين .

وقد ثبت أن أغلب الجمعيات المناهضة للسلطان عبد الحميد نشأت في سالونيك
( مقدونيا ) ، وقد كان نصف سكانها تقريبا من اليهود ، كما كانت تزخر ، بالقوميات البلقانية ، وكانت أكثر اتصالا بالعالم الأوربي . ومن هذه الجمعيات جمعية ( الوطن ) التي أنشأها أتاتورك سنة 1906 م ، ثم سماها ( الوطن والحرية ) ، ومنها ( الجمعية العثمانية ) التي كان يتزعمها أنور ونيازي . كما كان هناك علاقة قوية بين حركة ( تركيا الفتاة ) والماسونية . وكان المحامي اليهودي " عمانويل كاراسوانتوس " واحدا من أربعة تقدموا إلى القصر السلطاني ليبلغوا السلطان عبد الحميد نبأ عزله .

أما جمعية تركيا الفتاة:
أو " الأتراك الشباب " فهي اتحاد لمجموعات ماسونية سعت لإثارة القومية التركية الطورانية، وكان هدفها الإطاحة بالسلطنة العثمانية عن طريق إثارة النعرات القومية.
وجميع قادة تلك الجمعية هم من الماسونيين ولم يكن فيها مسلم واحد. بدايات نشأتها كانت في صفوف الطلبة العسكريين ثم امتدت لتشمل قطاعات أخرى.

وجمعية الإتحاد والترقي:
وهي في الحقيقة " ابنة " جمعية تركيا الفتاة، حيث أنه حصل انشقاق في تركيا الفتاة نتيجة اختلافات لأسباب عديدة، فكان قادة جمعية الاتحاد والترقي هم من قادة تركيا الفتاة، فكانوا من الماسون، تأسست عام 1894 للميلاد، انقلبت على السلطان عبد الحميد في 27 نيسان 1909، وتحمل ذات أهداف جمعية تركيا الفتاة من حيث الإطاحة بنظام الحكم في تركيا وإلغاء نظام الخلافة الإسلامية. وإنشاء كيان ليهود في فلسطين.
ولم يكن من أعضائها مسلم واحد، فأنور بولندي وجاويد: من يهود الدونمة
وكراسو: يهودي اسباني

وجمعية العربية الفتاة:
تقابل جمعية تركيا الفتاة
نشأت هذه الجمعية رداً على الجمعيات السابقة الذكر، للدعوة إلى القومية العربية، ومن ثم طلب الاستقلال – استقلال العرب – عن دولة الخلافة، ودعاة هذه الجمعية هم أول من اتخذ علم " الثورة العربية الكبرى" راية لهم قبل أن يتبناه "الشريف عبد الله" ابن " الشريف حسين " في دمشق، والذي انضم إلى تلك الجمعية.
ومن المؤسسين لجمعية " العربية الفتاة":
عوني عبد الهادي من فلسطين
رفيق التميمي من فلسطين
محمد البعلبكي من لبنان
محمد عزة دروزة من العراق
جميل مردم بك من سوريا
توفيق السويدي من العراق
محمد رستم حيدر من لبنان
وبالطبع هناك جمعيات أخرى نشأت غير أنها ذات تاثير أقل من الجمعيات المذكورة، بيد أنها تحمل كلّها بذور الانفصال عن جسد دولة الخلافة وإنهاء حكمها.
ولم تخلُ الساحةُ من غربيين منصفين منهم " فمبري المجري " وقد شهد لعبد الحميد بالتواضع والبعد عن الإسراف والبذخ، وأن ما ذكر بقصد تشويه سمعته فيه مبالغة شديدة، وغلو مرفوض.

واليوم، على عكس السنوات التي خلت، تظهر من الحقائق الكثيرة التي تدل دلالة واضحة جلية على تواطؤ مصطفى كمال مع الصليبيين الانجليز في سعيهم لهدم دولة الخلافة، ومن هذه الدلالات:
نشرت جريدة الأهرام القاهرية في يوم الخميس ( 16 من ذي القعدة 1387 هـ، 15 من فبراير 1968 م ) تحت عنوان:
« كمال أتاتورك رشح سفير بريطانيا ليخلفه في رئاسة الجمهورية التركية »
وذلك نقلا عن صحيفة " صنداي تايمز " . قالت التايمز إنه : في نوفمبر سنة 1938 كان كمال أتاتورك يرقد على فراش الموت ، وعلى امتداد 15 سنة حاول بدكتاتورية صارمة أن يجرجر تركيا رغم أنفها ، ويدخلها إلى القرن العشرين .
واستدعى وهو على فراش الموت السفير البريطاني " برسي لورن " إلى قصر الرئاسة ، واختلى به ، وظل ما دار بينهما سرا لمدة 30 سنة ، إلى أن عثر الابن " بيرز ديكسون " بين أوراق والده على برقية بعث بها بيرسي لورن إلى " اللورد هاليناكس " وزير الخارجية ، وفيها يروي السفير أن أتاتورك أظهر له أخلص رغبة في أن يخلفه في منصب الرئيس . فلما رفض السفير ظهرت على مصطفى علامات التأثر الشديد ، ومال برأسه إلى الوسائد ، ودق الجرس للممرضات اللواتي أعطينه دواء مهدئا ، مما اضطره إلى أن يعين " عصمت إينونو " بدلا منه .
ومنها كذلك:
يقول أتاتورك في مذكراته ص 32 – 33 " منذ صغري وأنا أحمل طبعا معينا ففي البيت الذي كنت أسكنه لم أكن أرتاح للوجود مع أمي ، أو مع أختي أو مع صديق ... الخ "
- كان في المجلس الوطني جناح معارضة، وكان على رأس هذا الجناح السيد على شكري الذي كان ضابط ركن في البحرية... ولم يُرض هذا أتاتورك ، فدعاه بواسطة رئيس الحرس الشعبي " توبال عثمان " حيث خنقه وألقى بجسده في إحدى الحفر .
- أما توبال عثمان فقد كانت مكافأته رصاصات اخترقت جسده من الخلف .
- وكتب عنه رضا نور ( 3/ 619 ): كان يشرب باستمرار، حتى الصباح، إلى أن يسقط من السكر.
- ويقول ( 3 / 869 ) بعد انتصار الأتراك في معركة صقاريا رجع مصطفى كمال إلى أنقرة ، فاستقبل استقبالا حافلا ... لقد مات الآلاف ، والرجل الذي صنع النصر . أما مصطفى الذي أصدر أوامره بالتقهقر فقد نال مجدا لا يستحقه.

وأيضاً:
يقول مصطفى كمال في كتابه الخطابة ص 42: لقد برهنت مستندا على التاريخ التركي والإسلامي على إمكانية فصل السلطنة عن الخلافة، وإمكانية فصل الخلافة عن السلطنة... وقلت بإن الخلافة انتهت في الدنيا عندما قام هولاكو بإعدام الخليفة المستعصم .
- وقال في أعضاء مجلس الأمة التركي : إنني أرى أن من المستحسن أن يوافق المجتمعون على اعتبار هذه قضية طبيعية ، ولكن إذا حدث العكس فإن هذا الآمر سينفذ أيضا وفي إطار المجرى الطبيعي ، ولكن من المحتمل أن بعض الرؤوس ستقطع .

- ثم ألغيت السلطنة وبعد إلغائها عقد مؤتمر الصلح في لوزان في سويسرا ، وكان في المؤتمر ثماني دول تسيطر عليها انجلترا زيادة على تركيا ، وكان الإنجليز يحرصون على أمرين هما :
 1- إلغاء الخلافة،
2- بعد اقتطاع البلدان العربية من جسم الإمبراطورية ، وظهور منابع النفط ، إقتطاع لواء الموصل ومنابع النفط فيها من تركيا

- انقطعت المفاوضات في مؤتمر لوزان لعدم الوصول إلى اتفاقات حاسمة ، فتتدخل الشخصية اليهودية المعروفة " حاييم ناعوم " كبير حاخامي اليهود ، ويتصل بمصطفي أتاتورك ليقدم له الخطة أو الأمر التالي :

إن إلغاء الخلافة وترك الموصل للإنجليز شرطان ضروريان للاعتراف باستقلال تركيا وحقها في الحياة.

- وبعد هذه الرشوة أعلن المجلس القومي الأعلى الجمهورية، وانتخب مصطفى كمال بالإجماع رئيسا لها. وصدر من المجلس القوانين 429، 430، 431، القوانين الآتية
1- تلغى الخلافة ، كما يتقرر إخراج الخليفة مع جميع أفراد عائلته من البلاد .
2- تلغى وزارة الأوقاف ووزارة الشرعية .
3- تربط جميع المؤسسات العلمية والدينية في تركيا بوزارة المعارف، أي تلغى المدارس الدينية.
وقد ظهرت بعد موته وثائق متعددة وكلها تدينه أخلاقيا وسلوكيا ودينيا بل إن بعضها يضعه في صف مرتكبي الخيانة العظمى. ونكتفي بوثيقتين .
- الوثيقة رقم 7 : اخترق الإنجليز جبهة الجيش التركي الذي يقوده مصطفى كمال ... اخترقوه بواسطة وحداتهم من الخيالة، حيث وصلوا إلى مؤخرة أربعة جيوش تركية، وقد وقعت هذه الجيوش في يد الأعداء بكل أفرادها: جنودهم وضباطهم ولوازمهم وجميع أسلحتهم. وكان قائد الجيش الرابع " كوجك جمال باشا " يرى على الدوام أن مصطفى كمال هو المسئول عن هذه الهزيمة ، فليس بإمكان وحدة من الخيالة أن تخترق جبهة جيش ، وأن تقوم بأسر هذه القوات.

- الوثيقة رقم 6 : وتمت الكارثة التي لا يتحملها العقل ولا الخيال ، وهي أن مصطفى كمال انسحب إلى " أدرنة " و " قونية " ، لكي ينقذ نفسه .
وتلك بعض دلالات خياناته لدولة الخلافة، ومدى سيطرة الانجليز عليه كما على غيره ممن جندوهم للقضاء على دولة الخلافة العثمانية.
فأرادوا وضع حد~ لدولة حكمت المسلمين ونشرت الإسلام في ربوع الأرض
هذه الدولة التي عمرت ما يقارب الثلاثة عشر قرنا من الزمان، والتي تفيّأ المسلمون في ظلالها، وعاشوا تحت حكمها، فكانت لهم الأب الحاني والأم الرؤوم، فعاشوا فيها حياة العزة والكرامة، حتى أهل الذمة الذين عاشوا في كنفها، فقد نعموا بهذه الدولة أيضا، فقد حفظت لهم حقوقهم وحمتهم ورعتهم حق الرعاية، فقد عرفوا ما لهم وما عليهم
فصارت نهبا لكل ناهب، وحمىً مهدوراً، وهدفا يرمى وساحة مستباحة في البلاد والعباد، وتبين للمسلمين أن القادة الذين وصلوا إلى سدة الحكم، في تركيا والحجاز ومصر في آخر عهد الدولة كانوا خونة عملاء متآمرين مع الإنجليز الكفار الصليبين الحاقدين، والماسونيين واليهود، وعملوا معهم يداً بيد للقضاء على حاضنة المسلمين – دولة الخلافة العثمانية.

وفي النهاية أذكركم بحدث واحد حصل في ظلّ دولة عزّتكم وكرامتكم، دولة الخلافة، لنشم منه عبق القوة والمكانة الرائدة لتلك الدولة التي نسأل الله أن يكون يوم عودتها قريباً وأن يمكّن أميرنا حفظه ربي ورعاه من أن يكون هو باعث عزّتهم ومجدهم من جديد وخليفتهم الذي يطبق شرع الله وينشر العدل في ربوع الأرض وما ذلك على الله بعزيز.

واليكم هذا الموقف وهو من كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية ( لفريد بك المحامي)
لما أسر ملك فرنسا فرنسوا الأول في معركة بافيا، إحدى المعارك الأوربية، شعرت فرنسا أنها أهينت بأسر ملكها، ولم يكن بمقدور جيشها أن ينقذ ملكها المأسور، فلجأت فرنسا إلى دولة الخلافة العثمانية، وأرسلت فرنسا رسولا تستغيث بخليفة المسلمين للمساعدة في فك أسر الملك، فأجاب استغاثته وأرسل إليه مع الرسول كتاباً جاء فيه :-
بسم الله العلي المعطي، المغني المعين، بعناية حضرة عزة الله جلت قدرته، وعلت كلمته، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء، وقدوة فرقة الأصفياء، محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثيرة البركات، وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وجميع أولياء الله.
أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين متوج الملوك ظل الله في الأرضين سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والأناضول والروملي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام وحلب ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب واليمن وممالك كثيرة أيضا التي فتحها آبائي الكرام وأجدادي العظام بقوتهم القاهرة أنار الله براهينهم. وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها بسيف الظفر. أنا السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا: وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم فرانقبان النشيط مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفهياً وأعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم وأنكم الآن محبوسون وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدتنا الملوكانية وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل فصار بتمامه معلوما.

فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم فكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول الخاطر فإن آبائي الكرام وأجدادي العظام نوّر اللهُ مراقدهم لم يكونوا خالين من الحرب لأجل فتح البلاد ورد العدو ونحن أيضا سالكون على طريقتهم وفي كل وقت نفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة وخيولنا ليلا ونهارا مسروجة وسيوفنا مسلولة فالحق سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور فليكن معلومكم هذا.

اللهم عجّل لنا بنصر من عندك مؤزّر، يعزّ به أولياؤك، ويذلّ به أعداؤك









والحمد لله ربّ العالمين