الخميس، 5 يوليو 2012

الوجه الآخر للمعادلة الروسية في سوريا





حتى اللحظة تتعنّت الإدارة الروسية تجاه أيّ حلّ في
 سوريا يؤدي إلى إزالة النظام أو استبعاده من أيّة صيغة
 سياسية مستقبلية.
وقد بدا جليّاً للشعب السوريّ أن روسيا تقف بثقلها العسكري
 والسياسيّ مع نظام بشار فتدعمه عسكرياً بالسلاح والعتاد،
 كما تدعمه سياسياً في المحافل الدولية وبقدرتها على استخدام
حق النقض " الفيتو " وكما صرّح أحد الساسة الروس بأن
 المسألة " مسألة مبدأ " !!
فعن أيّ مبدأ يتحدّث؟
هل يتعلق الأمر بالايدولوجيا الفكرية التي يقوم على أساسها
 حزب البعث  الحاكم في سوريا؟
أم هو مبدأ روسيّ خاص فيما يتعلق بالموقف الدولي الذي
 استبعد روسيا من أن تكون طرفاً فاعلاً في " الحلّ "
 السياسيّ في القضية الليبيّة واليمنيّة ومن قبلهما في الأزمة
 اليوغسلافيّة التي انتهت باتفاق دايتون والذي رفضته روسياً
 رفضاً قاطعاً لأن أطرافه مالت إلى جانب البوسنة ضدّ
مجازر الصرب الذين كانت تدعمهم روسيا بقوّة؟ فأفشل
 الغرب بهذا الاتفاق سيطرة روسيا المطلقة عن طريق الصرب
على منطقة الإتحاد اليوغسلافي السابق؟

ومن هنا ندرك أن روسيا تريد أن يكون لها دورٌ فاعلٌ في
 الشأن السوري وأن يكون لها رأي قويّ في طبيعة الحلّ
السياسيّ فيها..
فهي ترفض التدخّل الغربي العسكري مخافة أن تُستبعَدَ مرة
أخرى كما استبعدوها من قبل.
ولهذا أشار الفرنسيون والبريطانيون حين حضّوا روسيا يوم
 الأربعاء 4/7/2012 على الكف عن تقديم الدعم وعدم الوقوف
 إلى جانب "النظام القاتل" للرئيس بشار الأسد. وقال وزير
الخارجية البريطاني وليام هيغ في باريس في مؤتمر صحفي
 مشترك إلى جانب نظيره لوران فابيوس ان "على روسيا أن
 تدرك أننا نتجه نحو انهيار النظام في سوريا". وقال فابيوس
من جهته انه يوافق على كلام هيغ وأضاف "ينبغي أن يدرك
 زملاؤنا الروس أنهم بدعمهم نظاما مدانا إنما يقفون في الجهة
 المعاكسة، وإضافة إلى ذلك يجازفون بخسارة النفوذ الذي يمكن
 أن يتمتعوا به في هذا الجزء من العالم. في حين لا يعارض
احد أن يكون لهم نفوذ لو استطاعوا المساعدة في إيجاد حل.

كما تحاول روسيا جاهدة عن طريق سياسييها والمتحدثين
 باسمها كما بعض الصحفيين والمحللين السياسيين
أن يخفّفوا من لهجة الاعتراض على القوّة المفرطة التي
 يستخدمها نظام بشار ضدّ شعبه، ذلك أنهم أسرى نظرية
 أزمة الشيشان عندما تعرضوا لانتقادات دولية بأنهم
 يستخدمون القوة المفرطة لإجهاض هجمات الثوار الشيشانيين،
 ولذلك فإنهم يصفون الهجمة الدولية على نظام بشار بسبب
 استخدامه تلك القوّة بأنها مبالغ فيها ويصفونها بأنها مجرد
 أكاذيب يرددها الإعلام الغربي للتأثير على الشعوب عندما
 تتخذ قرارات جادة للتدخل العسكري في سوريا لمناصرة الثوار.

فهذه هواجسٌ روسية فيما يخصّ الوضع السوري
تريد منها أن تحفظ لنفسها مكانة ذاتَ شأنٍ على المستوى
 الدولي والإقليمي، ولا تقبل أن يتم استبعادها من أيّ حلّ
 مستقبلي لسوريا.
صحيح أنها متمسكة ببشار الأسد، لكن هذا التمسّك به سيكون
 إلى حين ثمّ ينتهي لأنها تدرك خطأ هذا الموقف السياسيّ،
وستتحوّل إلى الإصرار على بقاء النظام ومحاولة الضغط
 تجاه إبقاء بعض الرموز  الحاليين في سوريا ليكونوا طرفاً مُحاوراً
ومؤثِراً في المستقبل السوريّ إن أمكنها ذلك.

غير أنّ هذا النهج الروسيّ والذي تؤيده أمريكا لن يجديها
 نفعاً أمام إصرار الثوار في سوريا على خلع النظام كلّه
واستبعاد كلّ رموزه من أيّة معادلة سياسيّة مستقبلية.