الخميس، 9 أغسطس 2012

هذا تخذيلٌ يا أستاذ عبدالباري عطوان !!



كتب الأستاذ عطوان مقالاً بعنوان: العاهل الاردني و'الدولة العلوية'
اضغط هنا

وما أكتبه الآن هو ردّ على فحوى مقاله المليء بالغمز لصالح النظام
السوري المجرم!!




سأبدأ معك من حيث سأنتهي يا أستاذ  عطوان:
لو كان أهل الشام الأحرار أوغيرهم يعوّلون على كلمة واحدة مما تقول لأصيبوا
بحالة من الخذلان والإحباط !!
لكن الجميل في الأمر أنك وما تقول غير ذي قيمة، لأن من يعرف مواقفك يعلم تماماً
أنك ما كنت لتنصر ثورة الشام وحرائر الشام .
ومن الممكن تصنيف مقالك  هذا ضمن مصنّفات أبواق الأنظمة جنباً إلى جنب مع
تصريحات شريف شحادة  وطالب ابراهيم ومن هم على شاكلتهم!!

إنّ الثورة السورية أعظم من أن تختزلها أنت وغيرك في خانة (الحرب الطائفية) 
 بقولك " وتسرّب أبناء عن بوادر صراع طائفي بين الأقلية العلوية مدعومة من
 بعض الفصائل الكردية، والأغلبية السنية." لعدة أسباب أهمها:

* أنّ الشعب السوريّ ذاته قد ردّ على مثل هذه الترهات والتضليلات حين
تعاضدت أطياف الشعب السوري بعضها مع بعض في وجه نظام مجرم لا
 يختلف عاقلان على أنه وصل مراتب المجرمين على مرّ التاريخ.

* أن أطفال درعا لم تكن لهم أجندة مذهبية أو طائفية أو محرّك خارجي، والذين
 تحرّكوا انتصاراً لسجن المعلّمات والطلاب الأطفال ثمّ الذين تحرّكوامن بعدهم
 حرقة على أجساد أطفال ممزقة منتهكة لم يكن المحرّك لهم اختلاف مذهبهم...
فالمذهب وقتها كان واحداً جامعاً كل الناس حوله وهو: مذهب النظام المجرم
القاتل المنتهك لكلّ الحرمات في مقابل مذهب المقتول  والمنتهك عرضه
 والمسفوح دمه!!
فإن كنت تقصد بالطائفية والمذهبية هذا لكنت من الصادقين، غير أنك هدفت إلى
 غير ذلك، وغمزت ولمزت إلى إهانة الشعب السوريّ الحر وتقزيم قضيّته
 وإيهام البشر أنّ السوريين تتخطّفهم أجندات خفية وصفتها  أنت كما وصفتها
 روسيا وإيران بأنها طائفية!! فكان توصيفك المهتريء هذا هو الجامع بينك
 وبين كلّ من حاول التبرير للنظام وإيقاع اللوم على  الناس بشكل غير مباشر!!

* اشترك توصيفك لهذه الحرب بأنها طائفية مع توصيف الإيرانيين والروس
 والأمريكان وحزب الله وكلّ من لهم مصلحة مع النظام وعداوة مع الشعب...
وهذه تكفيك أن توصم بها تخذيلاً للناس بصفاقة ووقاحة أمام نهر الدم الزكي
الذي يريقه المجرم هو وأعوانه محليا وإقليميا ودولياًَ !!

* المسلمون يا سيد عطوان يشكّلون حوالي 80%  من الشعب السوري،
والعلويون يشكلون 5-8% منه على أكثر تقدير، ومن يقفون في صفّ بشار من
 العلويين ليس كلّ تلك النسبة وأنت تعلم بذلك، كما تعلم ويعلم الجميع أن من
 المسلمين السنة من يقفون مع بشار، ومن النصارى من يقف معه ومنهم ضدّه...
إذن فالمعادلة لا ينطبق عليها توصيف (الطائفية) بل ينطبق عليها: أن من يقفون
 في صفّ النظام ويدافعون عنه هم من اشتملت صفاتهم  على ما عند النظام
 من صفات الإجرام والحقد والحرص على المكاسب  ومحاولة منع سقوط نظام
 ربطوا مصيرهم به!!









ولم يقتصر مقالك على الغمز لهذه النقطة التي يثيرها كلّ حاقد على الشام  فقط،
 بل اشتمل على عدة نقاط سآتي على أبرزها باختصار:
1-     توصيفك لما يجري بأنه "أزمة" !! معقول يا أستاذ عطوان؟
      إن كانت هذه أزمة فكيف تصف الحرب والمجازر إذن؟!


2-     قولك: (الحلول السلمية جرى قبرها بعد انهيار مهمة كوفي عنان واستقالة
      صاحبها يأسا وقرفا، وعدم تعيين بديل حتى الآن، في ظل صراع شرس
    على النفوذ بين القوى العظمى، تطور إلى حرب بالوكالة على الأرض.)
لقد ردّ عليك أحرار الشام في هذه النقطة، فأطلقوا على "الحلول السلمية" تلك
 وصف: مُهَل القتل!! وأطلقوا على مبادرات ومهل جامعة الدول العربية
وصف: جامعة المهل الدموية!! فهل أنت أخبر منهم وأوعى؟ تدّعي لنفسك
الوعي يا أستاذ عبد الباري ولا تعلم أن كلّ المهل والمبادرات والحلول
 التي طرحت إنما كانت لأحد أمرين أو لكليهما:

أولاً: محاولة إخراج النظام مما هو فيه، واختلفت الآراء من بداية الثورة
 إلى يومنا من محاولة إخراجه مما هو فيه والمحافظة على شخص بشار
 إلى المحافظة على النظام ولو على حساب التخلي عن بشار؟!

ثانياً: محاولة كبح جماح الناس الثائرين ومنع ارتفاع وتيرة المطالبة بالإسلام
 ودين الله وتحكيم شريعته خاصة وأن أزلام أمريكا وروسيا وغيرهما من
 أطياف المعارضة لم يستطيعوا الالتفاف على الثورة لصالح أعدائها
 ومحرّفيها عن مسارها ومن أرادوا تزييف إرادة الناس وتحويرها بحسب
 "ديمقراطية الغرب " العفنة!!

3-    وهذه النقطة تنقلنا إلى قولك:
(وهذا يتناقض كليا مع أهداف الثورة الشعبية السورية في إقامة دولة
 ديمقراطية على جميع أنحاء سورية، تتعايش فيها كل الطوائف والأديان
والأعراق على قدم المساواة)
السمّ الذي أردت أن تضعه هنا هو:
تحديدك لهدف الثورة بأنه: إقامة دولة ديمقراطية!! فمن أنبأك بهذا يا أستاذ
عطوان؟ صحيح أن للديمقراطية دعاتها، وسمعنا أصوات بعضهم، وكان
 أبرز المطالبين بها هم معارضة الخارج ومكوّنات المجلس الوطني الذي
 نبذه جلّ السوريين، لكن الم يأتِ إلى علمك مطالبة نسبة لا بأس بها من الناس
 بالإسلام وحكم الإسلام؟ألم تَرَ بأم عينك رايات رسول الله صلوات الله عليه
 مرفوعة خفاقة بكل فخر واعتزاز في مختلف بقاع الشام؟
ألم تحاول أن تأخذ جولة على أسماء أيام الجُمَع لتخرج بخلاف هذه الصورة
التي تطرحها؟
ثمّ السمّ الآخر المبني على الأول قولك بالمساواة بين الأديان والطوائف
والأعراق!!
هذه عند المسلمين يا سيد عبد الباري لها حساب مختلف عن حساباتك وحسابات
"الديمقراطيين" دعاة الدين الجديد، إذ أن حسابات المسلمين لها تقول: 
أن لا شرع إلا شرع الله، وأن الدين عند الله الإسلام، وأن سوريا بلد إسلاميّ
يخضع لأحكام الله، فمن شاء أن يدخل من غيرهم في عهدهم ودينهم فله
ما لهم وعليه ما عليهم، ومن أبى الدخول في دينهم فله دينه لا يُكره على
 غيره وله كلّ الحقوق التي يقرّها له ديننا العظيم لا يَظلِم ولا يُظلم ويعيش
 كريماً لا يعتدي عليه معتدٍ ولا يظلمه ظالم.

4-     ونقطة أخرى في مقالك محلّ ازعاج!! سبب الإزعاج هو أنك تنحى
 منحى التأويلات المضحكة التي لم أتصوّر أن تصدر عنك، وهي
أما  مسألة قتل أو موت عدد ممن سمّوهم  أعضاء خلية الأزمة:
أوافقك أن هناك شيء من الغموض يكتنف موتهم وكيف تمّت عملية تصفيتهم،
 لكنك وباستباق غريب تريد أن توهم الناس - بطريقة صياغتك للجملة – أنّ
من قتلهم هو النظام!!
لو افترضنا ما تفترضه يا أستاذ عبد الباري لخرجنا بنتيجة أنّ النظام ومن
 يعينه من أجهزة مخابرات اقلمية وعامية هم في حالة غباء مدقع!! والسبب
أن هذا الزعم مرفوض لما يلي:
الأولى: أن الثوار عندنا صادقون، فإن تواترت أخبارهم بأنهم فعلوها فقد
 فعلوها.

الثانية: من الغباء أن يُعلن النظام بعملية كبيرة وهائلة  كهذه أن أركانه
 مهزوزة، فهذا دليل على الضعف والإنهيار.

الثالثة: ألا ترى معي أنّ هذا الفهم السقيم قد أدّى إلى ارتفاع هائل في معنويات
الجيش الحر والشعب بشكل عام والى انهيار كبير عند أجهزة بشار وجنوده
وشبيحته أدى إلى سلسلة انشقاقات متتالية بعد الحدث؟ فهل من مصلحة النظام
أن يعلن أنه قتلهم؟ فإن كان رأى منهم خيانة فيستطيع أن يتخلّص منهم بهدوء
من غير ضجّة ولا إعلان!!



5-     ونقطة أخرى ممكن جمعها مع غيرها من نقاط تؤدى معنى واحد
وهو رؤيتك أن النظام السوري هو الذي يحقق المكاسب والانتصارات
 وأن كفّته هي التي ترجح!!
وقبل أن أرد عليك بهذه، فقد تذكّرت للتو كلاماً لك قلته لإحدى محطات
الإذاعة المحلية في فلسطين في اتصال معك وقت أحداث انتفاضة الأقصى
 إذ وصفت الفلسطينيين بالبواسل وأنهم رفعوا رؤوس العرب والمسلمين
جميعا بثباتهم وانتصاراتهم ونضالاتهم!!
كلام جميل، وموقف طيّب منك، لكن السؤال هو:
ما الفرق بين قاتل المسلمين في الشام وقاتلهم في فلسطين؟
الذين يُقتلون هم مسلمون – في الأعمّ الأغلب – فلماذا تنصر لقاتل هؤلاء
 وتعيب على قاتل هؤلاء؟
على أيّ مقياس تنضبط أنت: عقلي أم شرعي أم مصلحي؟؟
تقول في مقالك: ( نظام السوري صمد طوال هذه المدة لأن معظم
 الانشقاقات التي وقعت في صفوفه كانت إعلامية صرفة، وفي إطار
 حرب نفسية) !!
تصف بقاء النظام إلى الآن بالصمود؟ إلا تفهم كلمة صمود فهماً طيّباً
 وفي خانة المدح على أدقّ الأقوال؟
ثمّ توصيفك للإنشقاقات بأنها إعلامية صرفة: يعني لاشيء منها قد
حصل يا أستاذ عطوان؟ وكلّها فبركات إعلامية وتضليل؟
وهي حرب نفسية على مَن؟ على النظام أم على الناس؟
ويكأني أستمع وأقرأ لطالب إبراهيم وشريف شحاتة يا أستاذ عطوان!!
كلمة قبل أن أختم يا أستاذ عطوان:
الشام ستنتصر، والشام ليست النظام المجرم القاتل المنتهك لكل الحرمات،
 بل الشام هي الشعب الطاهر النقي الأبي الذي اخترق جدار الصمت بعد
عقود من إجرام البعث وحزبه من الأب القاتل إلى الإبن المجرم بامتياز،
 هذا الشعب هو الذي سينتصر على كلّ العتاة وأعوانهم وهو من سيُخرسُ
 ألسنة الأبواق على اختلاف لكناتهم ولهجاتهم وزخارف أقوالهم البشعة
 بإذن الله الذي توكّل عليه الناس وقاموا معتمدين عليه رافعين راية رسوله
 صلوات الله عليه قائلين: قائدنا للأبد سيدنا محمد....ومحمد ليس بعثيا
 ولا ديمقراطيا ولا ليبراليا يا أستاذ عطوان، بل هو رسول أتى بدين
 اسمه الإسلام.

أمّا بالنسبة لعنوان مقالك وذكر الملك الأردني فإني لن أتطرق له،
 ذلك أنه في قناعاتي داخل في منظومة المتآمرين على الشام وأهلها وعلى 
الإسلام وأهله، فذكره من عدمه لا يقدّم إضافة لما سأقوله.



وأخيراً: ليتك تقف في صفّ الحق والثورة، تقف في صفّ المقتول المظلوم
المنتهكة كلّ حقوقه ومحارمه لا أن تقف – ولو من طرف خفي – مع المجرم
 فتبرّر له وتخذّل الناس وتسعى لمحاولة إحباطهم!!
المجرم بكل زنادقته وأعوانه لم يزدهم إلا عزما وإصرارا ولم يستطع أن
يحبط عزيمتهم فلن تستطيع أنت ولا غيرك أن تفعل.

9/8/2012م





 

ليست هناك تعليقات: