الأربعاء، 8 أغسطس 2012

سوريا وانتهاء مرحلة الدبلوماسيّة



أبرز محطات العجز الدبلوماسي الأمريكي خاصة والغربي عامة في التعاطي
مع القضيّة السورية كانت استقالة كوفي عنان التي أعلنها الأمين العام للأمم
 المتحدة في الثاني من آب 2012 م. والذي وصف مهمة كوفي عنان بأنها
"الأكثر صعوبة" !!
وقال عنان معبّراً عن انغلاق الأفق السياسي أمام المجتمع الدولي الذي يمثله
 في مهمّته أن "تصاعد العسكرة على الأرض وانعدام الإجماع في مجلس
 الأمن الدولي  غيرا دوري بشكل جذري".
كما أعرب عن اعتقاده بان الرئيس السوري بشار الأسد سيضطر للرحيل
"عاجلا أم آجلا".

وكما نعلم فإن مهمته كانت محاولة الخروج بحل "سلمي" سياسي للقضية السورية
عن طريق محاولة التوفيق بين النظام والمعارضة بشكل من الأشكال في محاولة
لتحقيق الإرادة الأمريكية في المحافظة على الهيكل العام للنظام السوري مع بقاء
الأسد في الحكم كما كانت رغبتها في بداية المجازر، ثمّ تحوّلت إلى محاولة
الابقاء على النظام بدون بشار، وهذا ما صرّحت به الإدارة الأمريكية على 
لسان خارجيتها بضرورة رحيل بشار وأنه قد فقد شرعيته!!
تماماً على النهج الأمريكي في مصر واليمن وليبيا وتونس مع فارق الحال
والظروف  في كلّ بلد والتابعية السياسية فيه.
المهم أنه باستقالة عنان الممثل العربي-الدولي في القضية السورية فقدت
السياسة الدولية آخر أوراقها الدبلوماسية في سوريا، لكن ذلك لا يعني بحال
 أن أمريكا وأتباعها (تركيا و إيران) وحلفاءها (روسيا والصين ) قد وصلوا
 إلى طريق مسدود، بل لقد كثّفوا من العمل العسكري الذي شهدناه عن طريق
 رفع وتيرة القتل والدمار واستخدام الطائرات بأنواعها والمقذوفات على اختلاف
أحجامها وفتكها، كلّ هذه بشكل متناسق مع استمرار تدفّق السلاح الروسيّ
والإيراني والصيني تارة عن طريق النقل الجوي وتارة عن طريق
قناة السويس التي لا يزال النظام المصري يسمح بمرور سفن الشحن العسكري
من خلالها إلى ميناء طرطوس السوري!!
وهذا التصعيد العسكري الإجرامي الهائل من قبل النظام السوري وأعوانه
من حزب الله وجماعة مقتدى الصدر وإيران يترافق مع تكثيف العمل المخابراتي
على الأرض.
ولا ننسى أنّ المخطط الأمريكي لسوريا أصيب بضربة أعتبرها قويّة جداً حين
 رفض السوريون البديل السياسي المطروح أمريكيا والذي تمثّل بالمجلس الوطني
 وهيئة التنسيق، بالرغم من أن محاولة عمل شيء عن طريق المجلس الوطني
لا يزال قائماً مع استمرار قصور مكوّنات هذا المجلس عن استقطاب الناس
وجمعهم حوله. والمتابعون يعلمون كيف حاولت أمريكا الإحاطة بالشعب السوري
عن طريق هذين الكيانين: المجلس الوطني الذي عملت أمريكا من خلاله في أول
نشأته على تلزيم القضية السورية للأتراك، وهيئة التنسيق التي ألزمتها لإيران!!

الجيش الحر والثوار:
يغلب على ظني أن الأمريكان، سياسييها ومخابراتها، يعملون بجهود جبارة
مع الأتراك في محاولة " لتفريغ " الجيش الحرّ والثوار السوريين من المضامين
 المزعجة أمريكياً من مثل تلك التي تظهر في الرايات التي ترفعها بعض الفرق
والكتائب والشعارات التي يطلقونها والغايات التي قال عدد منها أنهم يسعون
إليها من مثل: الدولة الإسلامية والحكم بشريعة الله!! وهي بالنسبة للجارة
"المجرمة" إيران تشكّل عنصر تهديد لكيانها ووجودها بعد نجاح ثورة الشام
بإذن الله!!
هذه من المسائل الحيويّة عند الأمريكان فلا يقبلون بها، فهم يعملون من الحليف
 الإستراتيجي التركي على محاولة بناء ثوّار حسب الطلب الغربي، وفق مفاهيمه
 ومبادئه، الأمر الذي سيوصل الأمريكان والأتراك معهم إلى خيبة أمل مدوّية بإذن
 الله، ذلك أن الشعب السوري عرف عدوّه، والثوار تتضح أمامهم معالم الطريق
 يوماً بعد يوم، فهم باتوا يعرفون، إلى حدّ كبير، صديقهم من عدوّهم، وقد نشط
 بينهم بشكل ملفت مَن يرشدهم إلى طريق الخلاص والانعتاق مبدئياً وسياسياً
من كلّ تبعية غربية.



وآخر إشارات انتهاء مرحلة الدبلوماسية في سوريا اللقاءات المكوكية الأخير
 التي تجريها الوفود الإيرانية في سوريا وتركيا ومصر وقد يكون في غيرها
 كذلك من دول المنطقة والتي ظهرت فيها بوادر الصدع الكبير الذي حصل
في "محور الممانعة والمقاومة" المزعوم!!
حيث قال مبعوث المرشد الأعلى للثورة الإيرانية سعيد جليلي خلال لقائه مع
 بشار الأسد يوم الثلاثاء 7/8/2012 في دمشق :
إيران «لن تسمح بكسر ضلع» سوريا الأساسي في «محور المقاومة».
وقال بشار في ذات اللقاء سيراً على خطى القذافي أنه مصمّم على تطهير كلّ
شبر في سوريا من الإرهابيين.

الأوضاع في سوريا خرجت عن كلّ معاني قدرة أمريكا أو غيرها على التحكّم
بخيوط الأحداث وتوجيهها الوجهة التي تريد، والعمل العسكري في التعاطي
 مع ثورة أهل الشام مآله الفشل الذريع، إذ ما استخدم نظام قط كلّ هذه الطاقات
 العسكرية ضدّ شعبه إلا كان مصيره الخسران والزوال، ولا زالت ثورة الشام
 تفوح منها رائحة الكرامة والعزّة ولا زالت حناجر الناس والكتائب تصدح بأنها
 ثورة لله، وبأن الله معنا، وبأن النبي قائدنا وهذه المعاني لو وجدت وحدها دون
 أن يعينهم معين في العالم لكفتهم ونصرتهم، فالله هو الناصر والله هو الغالب
على أمره وهو نعم المولى ونعم النصير.

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾.

هناك تعليقان (2):

هاني الغوري يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير على هذا التحليل الراقي وأسأل الله ان يكون في ميزان حسناتك
سؤالي اذا تكرمت بالاجابة عليه
هل هناك رؤية واضحه لكيفية حسم المعركة لصالح الاسلام
بمعنى كيف ستحسم الامور بعيدا عن تدخلات الغرب
بارك الله فيك

سيف الدّين عابد يقول...

عليكم السلام ورحمة الله
أرحب بك...

المتأمّل في حال هذه الثورة قد يجد أنه لا يستقيم معه أيّ تحليل سياسيّ واضح في زوايا عدة، وأنّ الله عز وجلّ يدبّر فيها ولها بحيث تعجز قوى الغرب مجتمعة أن تنجز ما تريده!!

وإجابة عن سؤالك:
يجب أن ندرك أولاً أن لا أحد ممكن أن يتنبأ بما سيؤول اليه الأمر، فأن تتمنى شيء، وما هو عليه الواقع والحال شيء آخر وعند التحليل لا يصح الخلط بين الأمرين
مؤشرات عدّة تنبيء عن خير عظيم في هذه الثورة، بالرغم من شدة الحقد على الاسلام والكيد له عند طرفين:
الأول: النظام ومن معه
الثاني: كل دول العالم مجتمعة ومعها أذنابها في بلادنا ومعهم المعارضة في خارج سوريا والتي قد لا تتساوى كلّ أطيافها بدرجة كيدها للاسلام وللحكم بالاسلام لكنهم لا يختلفون في الجوهر لناحية أنهم لا يريدون أن يسود الاسلام

فاعتمادنا أولا وآخرا على ربّ العباد
(وأحاديث النبي صلوات الله عليه في الشام معلومة)
ثم اعتمادنا على اخلاص المخلصين داخل الشام وقد تعددت اطيافهم، فمنهم من يعمل في الاصل لدولة الخلافة، ومنهم من بدأ يطالب بها ويعمل لها على درجات متفاوتة بالقناعة، ومنهم من اذا لم يظهر على فعله او قوله انه يعمل لها الا انه واضح جلي حبّه لدين ربه وسعيه له
هذه وحدها تكفينا مع تقدير رب العالمين لدينه وعباده بالظهور على اعدائهم

ثمّ لو تأملت لوجدت ان الغرب في تخبّط من أمره فلا حيلة له ولا قدرة عنده على الحسم مع كل طاقاته العسكرية والمخابراتية وأعوانه محليا واقليمياً ...قلماذا؟!
لأن الله يدبّر للشام ما لا يستطيع عقلهم ان يستوعبه

نسأل الله السلامة والنصر