الخميس، 27 أكتوبر 2011

التحالف التركي الإسرائيلي




في 23/2/1996، وقعت تركيا وإسرائيل على اتفاقية عسكرية مشتركة، وبالطبع نصت الاتفاقية على تبادل الخبرات العسكرية بين البلدين، بما يتضمنه ذلك من إجراء مناورات عسكرية، ومناورات جوية، واستخدام موانئ البلدين، وبالفعل بدأ الجانبان في المضي قدمًا لتنفيذ بنود الاتفاقية العسكرية منذ شهر أبريل من العام نفسه، بمناورات جوية مشتركة، والذي بمتقضاها أصبح الطيار الإسرائيلي يتدرب ولأول مرة على الطيران لفترات أطول (استعدادًا لأي أزمة قد تنشب في المستقبل مع إيران)، ومما لا شك فيه، أن هذه الاتفاقية هذ حققت تبادل الخبرات العسكرية والاستخباراتية بين الجانبين، حيث أعلن جربك بير نائب القيادة المشتركة للقوات المسلحة التركية في إحدى الندوات لمعهد البحوث الاستراتيجية بواشنطن فيما يتعلق بهذه الاتفاقية قائلاً: إن هذه الاتفاقية قد ساعدت تركيا على تطوير قدراتها العسكرية، كما أنها قد تساعد إسرائيل على تحقيق هدفها الأول في سوريا، وهدفها الثاني في إيران، وأضاف: إن تركيا بمقتضى هذه الاتفاقية يمكنها الاستفادة من تجارب إسرائيل مع لبنان في حماية حدودها مع العراق، حتى أن وزير الدفاع التركي قد قام بزيارة إسرائيل في العام التالي؛ ليتعرف بنفسه على أساليب إسرائيل في هضبة الجولان، لتنفيذها على الحدود التركية العراقية.


 ومن ناحيةٍ أخرى، كانت قضية مكافحة الإرهاب من أهم مجالات التعاون المشترك بين تركيا وإسرائيل، ففي فبراير عام 1997 قام إسماعيل كاراداي رئيس أركان الجيش التركي بزيارة إسرائيل، وصرح خلال تلك الزيارة أن الإرهاب الدولي يجب أن يحتل صدارة هذا التعاون المشترك، وبعدها طلبت تركيا من إسرائيل مساعدتها في ملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا، خصوصًا وأنه يلقي دعمًا من سوريا، مما يمثل تهديدًا لأنقره وتل أبيب، غير أن الإسرائيلين فيما يبدو قد تجاهلوا الطلب التركي آنذاك. لكن مع تولي بنيامين نتانياهو منصب رئيس الوزراء في إسرائيل تغيرت السياسة الإسرائيلية إزاء الصراع التركي – الكردي، تلك السياسة التي كانت سائدة إبان فترتي رئاسة رابين وبيريز للوزراء وسرعان ما أعلنت إسرائيل إدانتها لسوريا بخصوص تأييدها للجماعات الكردية الانفصالية، حتى أن الموساد قد لعب دورًا مؤثرًا في اعتقال عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وتسليمه لتركيا. في هذه الفترة حدث نوع من التنسيق في المواقف السياسية والعسكرية، بحيث لعبت إسرائيل دور الحليف المحوري والمباشر لتركيا، من حيث تلبية احتياجاتها العسكرية، وتحديث الترسانة التركية، ودفع 250 مليار دولار لشراء السلاح والتكنولوجيا التسليحية المتطورة تعويضًا عن الخطر المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ بسبب نزاعها مع اليونان، وانتهاكها لحقوق الإنسان، وبالتالي عملت إسرائيل على التقرب لتركيا بتطوير ترسانتها العسكرية من ناحية، والترويج للصناعات العسكرية الإسرائيلية من ناحية أخرى، حتى أن أحد الجنرالات المتقاعدين في القوات المسلحة التركية قد أعلن فيما يتعلق بوقف إمداد تركيا بالسلاح من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, قائلاً: إن تعليق مسألة السلاح هذه جاء في صالح الشركات الإسرائيلية, وبذلك يمكن القول: إن إسرائيل كانت الشريك الفاعل لتركيا في هذه المرحلة.


 الأبعاد الأخرى للتحالف التركي الإسرائيلي:


 لم يشمل التحالف التركي - الإسرائيلي التعاون المشترك في المجالات العسكرية والأمنية فحسب، وإنما تجاوز ذلك إلى المجالات الاقتصادية كذلك، ففي الفترة الممتدة بين عامي 1996،92 بلغت قيمة التبادل التجاري في المجالات غير العسكرية بين تركيا وإسرائيل 450 مليون دولار، هذا بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون المشترك في مجال السياحة، والتجارة الحرة وحماية الاستثمارات بين الجانبين، تلك الاتفاقيات التي جاءت إثر العديد من الزيارات المتبادلة بين المسئولين الأتراك والإسرائيلين، ففي هذه المرحلة كان الطرف التركي يلوح بإمكانية فتح الطريق أمام إسرائيل للنفاذ إلى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، وفي المقابل كان الطرف الآخر يلوح بإمكانية الوساطة بين تركيا والولايات المتحدة.


 أهداف تدعيم العلاقات التركية – الإسرائيلية:


 الواقع أن العلاقات التركية – الإسرائيلية قد اتسمت بالتأرجح والتذبذب على مدار التاريخ؛ نظرًا لتغير المصالح، والتطورات الإقليمية والدولية. ويمكن حصر أهداف تدعيم العلاقات التركية – الإسرائيلية في العناصر التالية:


أ- العلاقات من المنظور التركي:


 1- ترى تركيا أن تعاونها مع إسرائيل يمكن أن يساعدها في اجتيازها المشكلات الاقتصادية والسياسة الداخلية.


 2- ترى تركيا أن تعاونها مع إسرائيل يعد جزءًا هامًا من توجهاتها العلمانية التي تقف في مواجهة القوى الأصولية الإسلامية في تركيا.


 3- التقارب مع إسرائيل يفتح الطريق أمام تدعيم العلاقات التركية – الأمريكية، مما قد يساعد تركيا على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق الولايات المتحدة، أي التقارب إلى المحور الغربي، في مقابل التباعد عن المحور العربي.


ب- العلاقات من المنظور الإسرائيلي:


 1- ترى إسرائيل في تركيا أنها المعبر إلى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز.


 2- ترى إسرائيل أنها تستطيع تحقيق أهدافها العسكرية ضد سوريا وإيران عن طريق تركيا، إلى جانب محاصرة الدول العربية، بما يحقق لها السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

ليست هناك تعليقات: