السبت، 16 يوليو 2011

عندما يضيق فهمهم للإسلام فيصبح بحجم ... " البكيني"




تطالعنا الأخبار يوماً بعد يوم بما يندى له الجبين، فبدل الحزم والحسم والوضوح والتمايز، نسمع أصواتاً تنادي بما يؤذي عقيدتنا، وتدعو إلى فقدان المروءة والنخوة بعد أن أصاب أصحابها زلزال أفقدهم توازن عقولهم وسلامة علاقتهم مع أمتهم!!
استبشر الملايين من المسلمين خيراً بعد – وفي خضمّ – الثورات على الذلّ والتبعية وضياع الكرامة والإمعان في إبعاد الناس عن الأخلاق السويّة والأحكام الربانيّة..
استبشروا ولاح على وجوههم أملُ التحرّر من الانقياد للغرب وزيف عقائده وضلال قناعاته ومفاهيمه، بتخلصهم من رموز التبعية للغرب من حكام وأزلام، إذ نحن في نهاية المطاف مسلمون لله، عبيد للواحد الأحد، نرضى بما رضي لنا، ونرفض كلّ ما كان من عند غيره، فالذي سيحاسبنا يوم العرض هو الله، وحين تُنشر الصحفُ لا يفلح حينها إلا من كانت حياته لله خالصة لا لغيره سبحانه...
غير أنّ المزيّفين لدين الله، المزيّفين لأحكام الله، لا يتعظون ولا يرعوون، مهما رأت أعينهم من العبر والمواعظ..
يعيشون عيشة المنهزمين في شخوصهم بعد أن قبلوا أن يكونوا منهزمين في اعتقادهم
فراحوا يزيّفون ويفترون على أحكام الله، ويمسّون مشاعر المسلمين بسوء فاحش فاضح حين يُطالبون بما يخالف دين الله جهاراً نهاراً!!
والأنكى من ذلك والأفظع أن يعتبروا ما يطالبون به ويسعون له من علامات التقدّم والإنفتاح!!
ودليل على عدم الانغلاق!!
فجعل أحدهم الإسلام ضيّقاً كما " البكيني"
ويريدون جعل الناس يترنحون ترنّح المخمورين!!
حتى لا يُتهم المسلمون بالتخلف ومعاداة الحضارة ومنابذة الفنون والسياحة!
فأطلّ راشد الغنوشي برأسه قائلاً: أنّه لن يحظر الخمور ولباس البحر في تونس.
وأضاف:
"إن الإسلام لا يتعارض مع مبدأ الوسطية والاعتدال ما دام يحترم العادات والتقاليد وان عدم حظرنا للخمور لا يعني مناصرتنا لها، بل نعتقد بأنها ضارة، ويجب الحد من الطلب على الكحول، مشددا على ضرورة عدم إرغام التونسيين على القيام بأشياء معينة، لكن يجب إقناعهم."
عدم حظره للخمور لا يعني مناصرته لها!!
فماذا يعني اذن يا غنوشي؟
عدم الحظر = السماح
السماح عنده لا تعني المناصرة،
فيكون معنى قوله: أنه لن يناصر، أي لن يدفع بشدة باتجاه السماح للخمور.
ألا يعلم هذا المفتري على أحكام الله أن مجرّد السكوت عن الحرام جريمة؟
ما وصل إلى مداركه ومسامعه أن المنكر يجب أن يُنكر؟
ومنذ متى يُقال بأن الناس – المسلمين منهم تحديداً- يُعمل على " إقناعهم" ؟
هل الأحكام الربانية موضع نقاش وإقناع أم موضع تنفيذ؟
فما قوله بالزنا؟ وبالسرقة؟ وبالربا؟...هل كان الإجراء العملي في عهد نبي الله وصحابة نبي الله وتابعيهم أنهم كانوا يعملون على إقناع الناس؟؟
فإن لم يقتنع الناس يا غنوشي فما العمل؟
لن أنتظر جوابك فقد أجبتنا، وإجابتك واضحة، فقد شدّدت على ضرورة عدم إرغام التونسيين على القيام بأشياء معينة.
وطالما كان حديثك عن العري " البكيني" والخمور فيكون معنى قولك "بأشياء معينة" هي ذاتها الخمر ولباس البحر!!
ولا غرابة، فقد دلّلتَ على عظيم احترامك لتركيا ونظامها، ذاك النظام العَلماني المحارب لكلّ من يريد أن يعود بالمسلمين إلى شريعة ربهم، ذاك النظام الذي سبق " البكيني" الذي تدعو إليه بافتتاح " شاطئ للعراة" على أرض الخلافة الإسلامية...فإن كان ذاك النموذج الذي تسعى للوصول إلى ما وصل إليه فأنت عَلماني بامتياز، معادٍ لتطبيق شرع الله بشهادة لسانك على ذاتك!!

وقد سبق أن طالبت بما يخالف دين الله صراحة فقلت أنك تريد "علمانية جزئية"!!
نعلم معنى مصطلح العَلمانية، ولا ينكر أصحاب هذا المصطلح  أنّ معناه: فصل الدّين عن السياسة، فصل الدّين عن الحياة، فصل الدّين عن الدولة...
ومن متطلبات هذا الفصل الآكدة: أن يكون التشريع للبشر لا لربّ البشر.
فأنت تطالب هنا بما يطالب به من لا دين عنده، ومن لا يريد أن تكون حياته سائرة منضبطة بأحكام الله بل بأحكام البشر وعقولهم.
واستخدامك لكلمة " جزئية" هو تلبيس وتضليل وامتهان للعقول.
اعلم أيها الغنوشي أنك جبان مضبوع..
إذ لو لم تكن جباناً لأعلنتها صراحة أنك لا تريد أن يرجع المسلمون لدين الله، لذا تراك تضلّل وتزيّف وتزخرف الكلام لتضع أحكام الله في غير مواضعها، وتسارع لإرضاء بريطانيا التي أبهرتك وأعمت بصيرتك، لذا تراك تفاخر بحضارتها وقيما ومفاهيمها... ويكأنّ الإسلام، دين ربّ العالمين، يخلو من الحضارة والقيم والمفاهيم!!
ولقد سبق لسانُك مكنونَ قلبك حين هاجمت – بوقاحةٍ – حزبَ التحرير ودعوته وعمله للخلافة الإسلامية واتهمته بالجهل وغيره.
لكنها سنّة الحياة يا غنوشي، بما فيها من عضّ على أحكام الله بالنواجذ حين يطلّ أمثالك، ومن تضييع لأحكام الله كما يفعل –أيضاً- أمثالك.
اعلم يا سيّد غنوشي أن تونس وأهلها مسلمون، وأنهم رزحوا تحت الذلّ والظلم لعقود، ذاك الذلّ كان برعاية الغرب عن طريق عميلهم زين العابدين، فكانت نهايته كما تعلم، وحين يسلك الغرب الآن سلوكاً مختلفاً بالتضليل والاستعباد عن طريق مدّعي الدّين، ومدّعي النهضة فإنّه لن يفلح!!
فوعي الناس في ازدياد مضطرد، ورجوعهم لحظيرة الإسلام أضحت قاب قوسين أو أدنى..
وقد سبق أن طالب الواعون من أهل تونس الأبية الشيخ سلمان العودة باعتذار علني لهم لأنه امتدح زين العابدين ونظامه يوماً ما، ولأنّه ادّعى أن حرية المسلمين قائمة فيما يتعلق بشعائر دينهم
واعلم أخيراً أنك تسير بعكس اتجاه تطلعات المسلمين وإرادتهم، فهم نبذوا وينبذون كلّ ما ليس من دين الله، وأنت تأبى إلا أن تحاول الترويج لبضاعة فسدت عند أهلها وتريد أن تجد لها سوقاً في بيئة ليست بيئتها!!

ليست هناك تعليقات: