الخميس، 29 ديسمبر 2011

ما الذى يجمع بين الغنوشى وغليون وإيباك؟ ...بقلم د . رفعت سيد أحمد





ترى ما الذى يجمع بين الزعيم التونسى الإسلامى (راشد الغنوشى) ، ورئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالى السورى : برهان غليون ، وبين منظمة إيباك الصهيونية ؟
   
هل هو كراهية الاستبداد العربى والثورة عليه ، أم هى المصلحة والمحبة والعلاقات الدافئة مع أعداء الأمة من الصهاينة والأمريكان ؟

 مناسبة هذا السؤال هو ما تداولته الأنباء خلال الأيام الماضية عن قيام راشد الغنوشى بتلبية دعوة معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذى أسسته وترعاه منظمة إيباك الصهيونية بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية ، وإلقاءه محاضرة فى المعهد يعلن فيه – قولاً وسلوكاً – التطبيع مع العدو الصهيونى ؛ أما برهان غليون والذى يرأس المجلس الانتقالى السورى الذى كونته جماعة الإخوان المسلمين بدعم علنى من المخابرات التركية والفرنسية ، فلقد قال فى حوار غاية فى الأهمية مع صحيفة (وول ستريت جورنال) بأن مجلسه إذا جاء لحكم سوريا سوف يقطع علاقاتها بالمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية ، وسوف يقطع العلاقات مع إيران (لأنها علاقات غير طبيعية) وفقاً لكلامه ، و(أنه سيقود أوسع عملية لإعادة توجيه السياسة السورية تجاه تحالف مع الدول الخليجية الموالية لواشنطن) وأنه سيسعى إلى استرداد الجولان بالحوار والتفاوض ليوقع اتفاقية تماماً مثل اتفاقية (كامب ديفيد) ، والسؤال الآن .. ما الذى يجمع هؤلاء الثلاثة (الغنوشى – برهان – إيباك) فيما قالوه أو فعلوه خلال الأيام الماضية ؟ الإجابة سنسجلها فى النقاط الموجزة التالية

 أولاً : كنا ممن أحسنوا الظن بالدكتور راشد الغنوشى ، خاصة أن من عرفنا عليه وعلى فكره المستنير فى أوائل التسعينات من القرن الماضى ، هو الصديق والمعلم الشهيد د. فتحى الشقاقى (مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين) ، وظللنا متعاطفين مع الرجل ومحنته فى الغربة (20 عاماً) ، إلا أن ما ارتكبه من جرم وطنى قومى وإسلامى ، خلال الأيام الماضية ، متمثلاً فى قبوله لدعوة مؤسسة (إيباك) الصهيونية ، ومعهد دراسات الشرق الأدنى لزيارة واشنطن والجلوس إلى عتاة المحافظين الجدد فيها ، وإعلانه من هناك أنه لا عداءاً مطلقاً مع إسرائيل ، وأن تونس الجديدة لن يتضمن دستورها أية إشارات بالعداء للكيان الصهيونى وأنه لم يعد يتفق مع مقولة إيران بأن أمريكا هى الشيطان الأكبر ؛ هذا الانهيار الأخلاقى والسياسى لدى الرجل الذى كنا نحسبه إسلامى مستنير ، وثورى ، وكنا نظنه – وهو أول من يعلم حجم الجرائم الأمريكية والإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب طيلة الـ 65 عاماً الماضية – سيكون أكثر تعاطفاً مع الحقوق الفلسطينية التى يأتى على رأسها حتمية العداء للمشروع الأمريكى الصهيونى ، وحتمية أن تقوم الثورات الجديدة بمساندة المقاومات العربية وفى طليقتها المقاومة الفلسطينية بأضعف الإيمان وهو مخاصمة المشروع الأمريكى – الصهيونى ، إلا أن السيد راشد الغنوشى وعند أول إشارة من اللوبى الصهيونى فى واشنطن – الذى يبدو وكأنه الراعى الرسمى لبعض ثورات الربيع العربى – ذهب إلى هناك مهرولاً ، ومرحباً بالعدو الصهيونى ، ولاعناً المقاومة التى طالما تغزل فيها هو وشيخه (القرضاوى)صاحب اشهر الفتاوى لاباحة التدخل الاجنبى واكسابه شرعية اسلامية يرفضها اصر طفل يغهم فى الاسلام ؛ فإذا بالمقاومة اليوم عبء عليه وعلى ثوراتهم الأمريكية الملوثة




 ثانياً: أما تصريحات (برهان غليون) ، فهى بصراحة الأكثر صدقاً فى كل ما قاله (غليون) منذ وضعه الإخوان المسلمين على رأس المجلس الانتقالى هذا ؛ فالرجل عبر بصدق عن المخطط الذى طالما بح صوتنا وأصوات الشرفاء العرب والمسلمين من التحذير منه ، وبأن ما جرى فى سوريا ليس ثورة بل محاولة لتفكيك الدولة وضرب علاقاتها بقوى المقاومة العربية ؛ كان البعض يكذب ما نقول ، ويدعى أن (ثوار سوريا) سوف يكونون فى الطليعة المقاومة للمشروع الصهيونى ، فإذا بالسيد غليون يفضحهم ، ويعلن المسكوت عنه ؛ ولعل فى لقاء ممثلى المعارضة السورية فى الخارج –فى جنيف-بالسيدة هيلارى كلينتون يوم (6/12/2011) حيث أجلستهم أمامها مثل التلاميذ الصغار ، فى قاعة صغيرة مغلقة لتلقى الأوامر للمرحلة المقبلة ، وتأكيدها على ما قاله (غليون) بأن الأمر فى سوريا لا ينبغى أن يتوقف عند مجرد الإطاحة بالأسد ، بل تغيير كامل لدفة السياسة السورية لنصبح مجرد ذيل صغير للدولة العبرية ولواشنطن ، لعل فى هذا ما يؤكد على فقدان هؤلاء (الثوار) قيمة الشرف والكرامة التى يتصف بها أصغر طفل فى سوريا ؛ وفى عالمنا العربى ، حين نربط دائماً ” الشرف الوطنى ” بالموقف من العدو الصهيونى – الأمريكى ؛ ويؤكد أيضاً على حقيقة وأبعاد المؤامرة الدولية على سوريا ؛ وأن الأمر هناك هو (صراع على الدولة) ودورها العربى المقاوم (وليس صراع داخل الدولة) عن حقوق الإنسان والحريات وغيرها مما صدعتنا به فضائية الجزيرة وأخواتها من قنوات التضليل الإعلامى المعروفة

 إذن نخلص إلى القول أن ما يجمع بين (الغنوشى فى طبعته الأمريكية الجديدة) وبرهان غليون فى صدق تعبيره عن عمالته المبكرة للغرب وعدائه للمقاومة ، وبين إيباك الصهيونية ، هو وحدة الموقف ، والمصلحة ، والشرف المفقود ؛ والأهم من كل هذا ، أن ما يجمعهم ، وما قد يجمع معهم من (إسلاميى مصر من الوهابيين الجدد بعد الانتخابات) هو بناء الشرق الأوسط الجديد ، ذو اللب الأمريكى والقشرة الإسلامية .. و(ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) صدق الله العظيم(البديع)



https://syrianow.sy/index.php?p=2&id=42405

ليست هناك تعليقات: