الجمعة، 13 أبريل 2012

نظام مبارك يخوض الانتخابات


غوغائية الحركات التي تزعم أنها تعمل للتغيير في مصر بعد الثورة تنمّ إما عن
جهل مدقع بالسياسة ومعاني التغيير في مصر، أو تنمّ عن تواطؤ مريب بينها
 وبين رموز نظام مبارك الهدف منه التسلل إلى المناصب بغضّ النظر
 عن طموحات الشعب الذي انتخبهم  ظنّاً منه أنهم يقودون عملية تغيير جذري
 شمولي في مصر.

ودليل ذلك وجود مرشحين محسوبين على نظام مبارك،  والذي لم يسقط بعد،
 إن لم يكونوا من أهم رموزه بالفعل، وهم:
مدير جهاز المخابرات العامة السابق، عمر سليمان (75 عاما)، عُيّن في
22 يناير  1993
 رئيسًا لجهاز المخابرات العامة المصرية

وقد عينه مبارك قبل الإطاحة به نائباً لرئيس الجمهورية يوم 29 يناير 2011  
في خطوة لامتصاص غضب الشارع المصري الثائر ضد النظام لكن
بلا جدوى. وقد كلف سليمان بالعديد من الملفات الشائكة طوال حقبة
حكم الرئيس مبارك، حيث أشرف على تدابير الأمن الداخلي والعلاقات
مع الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين.
ووجهت اليه تهم بالضلوع بعمليات تعذيب ضد معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم
 القاعدة أرسلتهم الولايات المتحدة من أفغانستان إلى مصر

كتبت الصحفية الأمريكية Jane Mayer في كتابها The Dark Side في سياق
 انتقادها لما تقترفه الإدارة الأمريكية من أعمال قذرة أن "سليمان الذي يدير
 ومنذ عام 1993 جهاز المخابرات العامة المصرية الذي يعتبره المصريون
بأنه جهاز قمعي مخيف , وبناء على دوره الأمني , تتخذه المخابرات المركزية
شريكا لها في تنفيذ " المهمات الغير عادية " خصوصا ما جرى في سياق تنفيذ
البرنامج السري الذي تم في إطاره ملاحقة واصطياد " الإرهابيين الإسلاميين "
من جميع أنحاء العالم وجلبهم إلى مصر وتكليف سليمان شخصيا لانتزاع اعترافات
 منهم عن طريق التعذيب الشديد الغير مصرح به على الأراضي الأمريكية وفقا
 لقوانينها الشكلية .


وقال الكاتب Stephen Grey في كتابه Ghost Plane
 أن سليمان " ومنذ تسعينيات القرن الماضي على علاقة مباشرة ووثيقة
 بمسئولي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المتعاقبين, ويتمتع بالموقع
 الأول في برنامج تبادلات المعلومات الاستخبارية الأمريكية-المصرية الهامة
 والتي تجري على يد جهازي المخابرات في البلدين . وقد وصفه السفير
 الأمريكي السابق Edward S. Walker الذي كان معتمدا في مصر بأنه:
 رجل ذكي جدا وحصيف جدا ولكنه استتبع فيما بعد بأن له وجها آخر:
 سلبي جدا يتعامل به مع الشعب المصري, فهو رجل كتوم متمرس في تعذيب
السجناء بنفسه".

كتب الصحفي الأمريكي Ron Suskind عن هذا التنسيق في إحدى مقالاته
 المنشورة بتاريخ1.2.2001 والمعنونة تحت:
New Egyptian VP Ran Mubarak´s Security Team, Oversaw Torture
بأن عمر سليمان" كان رجل التنسيق الأول للاتصالات بين الطرفين الأمريكي
 والمصري وفق برنامج ((ترحيل الأشخاص))ومنذ سنوات عدة , وقد تم إرسال
جميع المعتقلين الإسلاميين الذين تعجز رجال مخابراتنا من خلال وسائل التحقيق
 المتاحة لديهم لانتزاع اعترافات مطلوبة منهم إلى مصر وتسليمهم إلى عمر سليمان
 شخصيا ليشرف بنفسه على تعذيبهم لانتزاع هذه الاعترافات المطلوبة ".


 وهناك أيضاً المرشح أحمد شفيق (70 عاما)، وهو من رموز المؤسسة العسكرية
المصرية، وكان يشغل منصب قائد سلاح الجو المصري ثم وزير الطيران المدني
حتى اندلاع الثورة، وقد عينه الرئيس مبارك رئيساً للوزراء لفترة وجيزة قبل إجباره
على التنحي.

وهناك أيضاً ركنٌ من أركان نظام مبارك وهو  عمرو موسى (76 عاما)،
 وهو سياسي مخضرم وله شعبية بين أوساط المصريين، وشغل منصب
 وزير الخارجية إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. قبل أن يصبح
 رئيساً للجامعة العربية لعشرة سنوات ما بين 2001 وحتى 2011.
وهو الذي خدم مبارك ونظامه في أهم مؤسسة سياسية  سياديّة في الدولة، وزارة
 الخارجية، على مدى سنين طويلة نفذ خلالها سياسات مبارك ونظامه وكرّس معاني
التبعية السياسية لأمريكا، ووطّد العلاقات مع كيان يهود المغتصب.
ثمّ لمّا شغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية حمل حُزمة التخاذل كلّها
عن مجموع أعضاء الجامعة العربية ومثّل سياسات أنظمة عربية مجتمعة
ولم يعمل خلال عشر سنوات عملاً من شأنه تمثيل مصالح الشعوب بقدر
ما مثّل مصالح الأنظمة!!

وجود هؤلاء المرشحين إن دلّ على شيء فإنما يدل على مدى الانحطاط
السياسي والوعي السياسيّ عند الأحزاب " الإسلامية " وغيرها من الذين
خاضوا الانتخابات بوجود أركانِ نظامٍ ثار الشعب عليه ليخلعوه ويرفعوا
عنهم ظلمه وجبروته المسيطر عليهم لعقود.


وعلى الشعب المصري أن يدرك أن الثورة لم تؤتِ أكلها، ولم تتحقّق مطالبهم
باسقاط النظام، وأن المكائد لا زالت تُحاك وتُدبّر لهم، وأنه إن لم يعمل على 
الثورة على كلّ ما يمثل النظام - نظام مبارك الذي لا يزال قائماً - فإنه راجع
بوجه أقبح مما كان عليه وأشد فتكاً، لأنه برجوعه بهذه الوجوه يكون قد أخذ العبرة
ووضع لنفسه برنامجاً سياسياً يُخمد من خلاله أيّ تململ سياسي مستقبلي قد يظهر 
على الناس، وسيقوم باجراءات استباقية يقضي على أيّ حركة في مهدها
والأحزاب الاسلامية وحتى الأفراد منهم الذين يخوضون الانتخابات إن لم يكونوا
على علم بهذا فهم ليسوا أهلاً للمسؤولية والقيادة، وإن كانوا يعلمون فالكارثة أعظم وأنكى.

ليست هناك تعليقات: