الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

هي لله ...وستبقى


مَن يتتبّع تصريحات المحلّلين السياسيين في أمريكا سواء
كانوا أمريكان أو عرب يجدهم يخوضون في نقطة متعلقة بالشأن السوري
مفادها:
ما هو التصوّر الأمريكي لمستقبل سوريا؟ وهل اتخذت أمريكا قراراً سياسياً
متعلّقاً بهذه القضية أم لا؟
ومن الملاحظ أنّ الآراء في الموضوع تنحى منحيين اثنين:
الأول يرى أن أمريكا تؤجّل قرارها بالتدخّل في سوريا – سواء عسكرياً أو سياسياً –
إلى حين بروز عناوين واضحة للمعارضة حتى تستطيع أمريكا التعاطي معها.

والثاني يرى أن أمريكا متخوّفة من تصاعد تأثير التيار الإسلامي – سواء السلفي أو
الجهادي  أو الإسلام السياسيّ على حدّ تعبيراتهم – ولذا فهي تكثّف من اتصالاتها للحد
من تأثير هؤلاء وللعمل على إبراز تيار معارض يدعو إلى الديمقراطية ولا يميل إلى
التشدّد والتعصّب !!

المدقّق يرى أن الرأيين يتناقضان مع بعضهما البعض
فالأول يدلّ ظاهرُه – عند أصحابه – أن أمريكا تاركة للأمور تسير دون تدخّل حتى
الآن و تراقب الوضع انتظاراً لأن يُعلن طرف ما أنه يمثل الشعب السوري فتبدأ
التعامل معه!!
وهذا رأي يغوص في معاني السذاجة السياسية
إذ من المعلوم أن أمريكا سعت وبقوّة أن تطرح بديلها للشعب السوريّ متمثلاً بالمجلس
الوطني الذي الزمته لتركيا في باديء الأمر، وكذا هيئة التنسيق التي الزمتها لإيران
وقد تبيّن للأمريكان فشل هذا الترتيب حين رفض الشعب تمثيل المجلس الوطني له،
كما تبيّن ضعف النسيج المكوّن للمجلس الوطني ما أدى إلى تغيير قيادته وحدوث
انشقاقات داخله ثمّ تلت ذلك تصريحات لأعضاء فيه تدلّ على أنّ المجلس الوطني
غير قادر على القيام بمهمته!! وقرأنا يافطات من داخل الشام تتهم المجلس الوطني
بالعمالة والعجز وأنه لا يمثّل الشعب السوري.

أما هيئة التنسيق فلم تكن بحاجة إلى وقت طويل – كما المجلس الوطني – ليظهر
للناس ارتباطها المشبوه فبمجرد تواصلها مع إيران وروسيا حكم عليها الشعب بالعمالة
والخيانة وسفّه أعضاءها ورئيسها...فانتهى أمرها.

كما أن محاولات أمريكا لتنظيم تشكيل عسكريّ متوافق مع نهجها أمر لا يجهله
المتابعون، فعن طريق ربيبتها تركيا عملت جاهدة على استقطاب قيادات عسكرية
من المنشقّين عن طريق جهاز المخابرات والاستخبارات التركية.

كلّ هذا وغيره يدلّل على خلاف ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول من أن أمريكا تراقب
عن كثب ولا تتدخل.

وهذا الرأي – كما أسلفت – يتناقض تماماً مع الرأي القائل بأن أمريكا تخشى تصاعد التأثير
 الإسلامي – على اختلاف أشكاله – في سوريا ....
فالتصرّف الطبيعي تجاه هذا التخوّف يقول أنه يتحتّم على أمريكا أن ( تسارع ) في التدخّل
والتأثير حتى لا يسبقها الداعون والعاملون إلى ( سوريا إسلامية ) لا أن تراقب فقط!!

وهذا الرأي هو الأقرب إلى الدقّة، ذلك أنه -عملياً – هناك سباق محموم بين أمريكا والتيار
الإسلامي  الذي يتصاعد تأثيره في الشام يوماً بعد يوم، ويزداد إقبال الناس عليه ساعة
بعد ساعة ما يؤثّر بالقطع على  ما تدبّره أمريكا من تلزيم القضية السورية إلى أصحاب
منهج ترتضيه ويساعدها على تحقيق غايتها: دعاة الديمقراطية والمدنيّة!!

وما القمم العربية والمبادرات الأمميّة والمهل المعطاة لنظام بشار إلا لسبب واحد:
عجز أمريكا الواضح في تحقيق هدفها، وبالتالي تعمل على تصعيد العمل العسكري ضدّ
الشعب السوريّ لتصل به إلى حالة يقبل فيها مبادراتها ومخططاتها الأمر الذي لم
يحقّق كذلك لها ما تريد، فقد ازدادت عزيمة الناس وتصاعدت تحدّياتهم للنظام رغم
ما يكابدونه من مصائب وتدمير وتقتيل.

أما المبادرة الأخيرة: مبادرة الأخضر الإبراهيميّ، فهي كذبة كبيرة وخدعة مفضوحة!!
فالمنطق يقول: أن الإبراهيمي يلزم أن يأتي بطرح جديد أو بإضافة واضحة على مبادرة
من سبقه ( كوفي عنان ) ليعطي الانطباع بأن عنده نظرة للحل في سوريا، وهذا
ما لم  يكن، فبعد الفشل الذريع لأمريكا - كما يصوّرون الحال- المتمثل بخطة كوفي عنان
والذي دلّ عليه ما أعلنه عنانُ نفسُه من فشل مبادرته وعجزه عن تحقيق شيء من بنودها
التي أعلنها وقت استلامه لهذا الملف، أتى الإبراهيمي دون أن يضيف شيئاً أو يغيّر شيئاً
من مبادرة مجلس الأمن تلك، بل اكتفى بالزيارات واللقاءات  التشاورية و ( جس النبض )
كما قال....
وعلى هذا أكاد أجزم أن مهمة  الأخضر الإبراهيمي هي: المزيد من المماطلة حتى انتهاء
الانتخابات الأمريكية!! 
ولن يحدث ما يفاجئنا لناحية مهمته هذه مطلقاً.
فالنظرة السياسيّة  الأمريكية الغبية  تجعلهم يظنون أن سوريا والشعب السوري
قابلون لأن يعملوا بـــ ( كبسة زر ) حتى تنتهي أمريكا من مشاغلها الداخلية
– الانتخابات – لتتفرّغ للحسم في سوريا!!

ثورة الشام عجزت دول الغرب أن ترسم لها طريقاً يحقق مصالحا حتى الآن
وثورة الشام باتت أقرب إلى الله من أيّ وقت مضى
وأحرار الشام باتوا لا يخشون إلا الله ولا يرتضون الموت إلا في سبيل الله
رفضوا كلّ مَن أرادت أمريكا أن تصنع منهم ساسة للشام بعد بشار
ورفضوا كلّ الطروحات التي لا علاقة لها بدين الله
وما بقي إلا أن يتم صقل تلك المعاني لتتوافق تمام التوافق مع شرع الله سبحانه
ليولد الكيان الذي تخشاه أمريكا والغرب ومّن صنعوهم ليسرقوا ثورة بارك الله أرضاً هي فيها...
دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوّة....لتذيقهم ممّا أجرمت أيديهم في شام الكرامة بإذن الله.

ليست هناك تعليقات: