الاثنين، 1 أغسطس 2011

عندما يصبح المنهج هو ... التمييع




لا أعرف أحداً في جماعة " الإخوان المسلمين" يُعتبر مَرجِعاً ومعبّراً عن فكر الجماعة بوضوح وبلا مواربة!!
ولا يُمكن أن يدّعي أحد منهم ذلك لسبب بسيط هو: أن الحوادث أثبتت بأنّ كلام أحدهم مردود عليه إذا أثار رأيه زوبعة بين الناس، فتبادر معظم المستويات القيادية، وحتى الأفراد، إلى القول بأن ما قاله فلان إنما يعبّر فيه عن رأيه الشخصي!!
حتى لو كان المرشد العام
وحتى لو كان عضو مكتب الإرشاد
ومهما كان مسماه القيادي والإداري في الجماعة فإنه يَصدُقُ عليه عندهم في هذه الحالة أنه لا يمثل رأي الجماعة!!
وبالفعل، فإن هكذا حل يوجد " البلبلة" في تحديد: متى يمثل أحدهم رأي جماعته ومتى لا يمثله؟!
ومتى يكون المرشد مرشدا بكل ما تحمله هذه الصفة من معاني، ومتى يكون فرداً لا يمثل أحداً برأيه، ولا يعبّر عن رأي الجماعة في أمر أو فعل أو تصريح يصدر عنه؟!

وتستطيع أن تقيس هذا النهج على الجميع
وفي كلّ الأوقات
وكلّ المناسبات
فلا أسهل ولا أيسر من التملّص والخروج من كلّ مأزق بالقول: لا يمثل رأي الجماعة.
في حين أن العقول السويّة تدرك أن من أسس أية حركة مبدئية: أن من يمثلّ الحركة أو الجماعة إنما يعبر بالضرورة عن ثوابتها ومتبنياتها ومنطلقاتها في كلّ موقف وكلّ حدث.
فأصبح عند جماعة الإخوان للقائد حالين:
حال "القدسية" التي تتنزّل على شخصه وعلى أفعاله فلا يُسمح لأحد أن ينتقده أو يعارضه
والحال الثاني: حال  الذي لا يمثل رأيُه إلا نفسه ولا يعبّر إلا عن فهمه ولا يُلزمُ أحداً به.

قمة التناقض والتضارب وعدم الثبات والوضوح
وحتى يوضع الأمرُ في نصابه أقول:
للعلم، فإن هذا التضارب والتناقض ليس نتيجة "قلة في الوعي" ولا جهالة....
بل هو من "مستلزمات" المرحلة، التي تقتضي التنازل والتفريط عند كل من لا يقوم على ثوابت ولا مبادئ واضحة مؤصلة.
فيلزم أن يعملوا على قياس نبض الأمة ودرجة حرارتها، فيفتعلون موقفا –ليس عشوائياً- يقيسون من خلاله ردّ فعل الناس وردّ فعل قاعدتهم، فإن وجدوا امتعاضاً ورفضا الصقوه بــ "الرأي الشخصي لفلان"، وإن وجدوا قبولاً مجّدوا قادتهم وأنعموا عليهم بأوصاف القداسة السياسية والحكمة الملهمة...
فعلى سبيل المثال:
أخذ منهم جانب الترويج لفكرة قبول "دولة يهود" على أرض فلسطين سنين طويلة، حاولوا فيها تهجين عقول الأتباع، فبعد أن كان مجرد التفكير في بني يهود على ترابها الطاهر ضرباً من وساوس الشيطان يلزم صاحبه أن يتوضأ ويصلي ركعتين لله كي يبتعد الوسواس الخنّاس عنه، أصبح قبول بني يهود اليوم أمراً بدهيا طبيعياً وجاهل من يجادلهم فيه!!

فإن قلت لأحدهم: كيف ترضون بفكرة وجود دولة ليهود في فلسطين المسماة 1948؟
يجيبك بكل ثقة: هذا الموقف ليس جديداً، لم نأت بجديد، ولم نبتدع أمراً لم يكن، فقد قالها الشيخ ياسين –رحمة الله عليه- منذ سنين!!.
سبحان الذي لا اله إلا هو!!
فأتذكّر حين سماعي لإجابة كتلك ما كان من ابن عباس رضي الله عنه:
إذا بين لهم سنة النبي في تمتعه يعارضونه بما توهموه على أبى بكر وعمر فيقول لهم يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر يبين لهم أنه ليس لأحد أن يعارض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس مع أن أولئك المعارضين كانوا يخطئون على أبى بكر وعمر وهم سواء كانوا علموا حال أبى بكر وعمر أم أخطأوا عليهما ليس لأحد أن يدفع المعلوم من سنة.

وكمثل قولهم: القرآن دستورنا
لن أخوض فيما ذهب إليه أحدهم حين قال أنّ هذا الشعار شعار مشاعري فقط.
بل أردتُ منه بيان أن الحكم بالإسلام لم يكن يوماً محلّ خلاف –ظاهر – عندهم
ومعلوم لكل ذي عقل أن معنى الحكم بالإسلام أن لا يُطبّق على الناس إلا دينُ الله وأحكامه
ومن مقتضيات هذا المعنى أن يحكمَ المسلمينَ حاكمٌ مسلمٌ توفرت فيه شروط الحكم

لسنوات طويلة من وجودهم، ما كان هذا الأمر محل جدال ولا بحث
مع وجود إشارات وتلميحات تدل على خلافه.
لكن: أن يصرّح أحدهم أنه يقبل أن "لا" يُحكمَ كمسلم بدين الله...لم يصرّح أحدهم بها
ولكن قيلت وبأسلوب آخر..
عندما يُسألون اليوم عن الديمقراطية، وقبول الآخر أو تقبّله
فإنهم يبادرون، دون تردد ولا وجل من الناس ولا من الله، إلى أن يًلصقوا بدين الله ما ليس منه ليبرروا رأيهم الذي يقول بأنه لا مانع من أن يحكمهم نصراني مثلا إذا كانت تلك نتيجة صناديق الاقتراع!!!
فغدت صناديق الاقتراع هي مصادر التشريع والقواعد الفقهية بل الأصولية للحكم.
وضاعت معاني آيات الله التي تقول:
فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا


إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
فمن قبول ببني يهود محتلين لبلاد المسلمين في فلسطين
إلى القبول بأن يكون حاكم المسلمين نصرانيا أو ما تنتجه صناديق الاقتراع ولو كان لا دين له
إلى القبول بتداول السلطة: 4 سنين لنصراني، 4 لاشتراكي، 4 لعلماني....وهكذا دواليك في تضييع دين الله
إلى القول بأن الديمقراطية – التي هي نظام منبثق عن عقيدة- تقابل الشــــــــــــــورى
مع أن الشيخ وجدي غنيم رضي الله عنه قال لهم ولعريانهم أنها " كفر" وأنها من صنع البشر وليس ربّ البشر

الى غير ذلك من المفاهيم المائعة السابحة في بحر لجّيّ لا علاقة له بدين الله.

ليست هناك تعليقات: