الخميس، 8 مارس 2012

منظمات أهلية أم وصاية سياسيّة ؟


نسبت وكالة "فرانس برس" لمصدر قضائي مصري يوم الثلاثاء 27/2/2012م
قوله أنّ القضاة المكلفين بالنظر في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني المتهم فيها 43 متهماً بينهم 19 من الولايات المتحدة بالحصول على تمويل خارجي بالمخالفة للقانون قرّروا "التنحي بالكامل" من هذه القضية بقرار منسوب إلى مركز " سياديّ " في النظام المصري.

وكانت السلطات المصرية قد داهمت مقار 17 منظمة أهلية محلية ودولية وصادرت أجهزة كمبيوتر وأوراق قالت إنها أدلة على حصول تلك المنظمات على تمويل خارجي بصورة غير مشروعة.

واتهم القضاء المصري في هذه القضية 43 شخصا بينهم 19 أمريكيا وأجانب آخرين، بحسب مصدر قضائي مصري، بالتمويل غير المشروع والقيام بأنشطة مخالفة للقانون وبالتدخل في الشؤون السياسية المصرية.

الأمر الذي دعا أمريكا إلى رفع وتيرة تهديدها لمصر، حيث حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من إن واشنطن قد تعيد النظر في المساعدات الأميركية لمصر في حال استمرار الحملة الأمنية على المنظمات الأهلية.
وقالت كلينتون عقب لقائها السبت مع وزير الخارجية المصري محمد عمرو على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ بألمانيا:
( أتيحت لي فرصة لتجديد قلق الولايات المتحدة العميق بشأن ما يحدث للمنظمات غير الحكومية في مصر، ونحن نعتقد أنه لا يوجد أساس للتحقيقات في أنشطة تلك المنظمات أو مداهمتها ومصادرة ممتلكاتها ، ومن المؤكد انه ليس هناك أساس لقرار منع أعضائها من السفر )





ووصلت كلينتون إلى ذروة تحذيراتها عندما قالت لقد عملنا سويا بجد وعلى مدى سنوات لترتيب مساعدة مالية ودعم كبير للاقتصاد المصري وللإصلاحات الديمقراطية التي تحدث في مصر، ومن المؤكد أننا سنعيد النظر عن كثب عندما يأتي وقت التحقق من جدوى تلك المساعدات، بحيث نستطيع أن نقرر مدى إمكانية إتاحة أموال المساعدات الأمريكية في ظل الظروف الجديدة في مصر .

وقد تدخل كذلك وزير الدفاع الأمريكي شخصياً في هذه القضية حيث اتصالا هاتفيا بنظيره المصري المشير محمد حسين طنطاوي، وهو أيضا رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر لحثه على الإسراع بإلغاء حظر السفر المفروض على المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي.
وتمّت كذلك الاستعانة بالإخوان المسلمين لحلّ هذه القضية، حيث كان لهم دور فاعل في إغلاق ملفّها، فقد نُقل عن أعضاء في الكونجرس قولهم:
" الإخوان لعبوا دورًا حاسمًا في تسوية قضية التمويل"

وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ أنهم اجتمعوا الأسبوع الماضي في القاهرة مع رئيس البرلمان وبرلمانيين منتخبين آخرين يمثلون مختلف الأطياف السياسية، ومع قادة جماعة الإخوان المسلمين ومع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجميع أعضاء المجلس، مشيرين إلى أنهم أكدوا لهم خلال هذه الاجتماعات أن ذوي النوايا الحسنة في كلا البلدين يعملون بجد لإيجاد حل إيجابي للأزمة الأخيرة.

وأشاد أعضاء مجلس الشيوخ بالدور البناء الذي قامت به الأسبوع الماضي جماعة "الإخوان المسلمين" وحزبها السياسي "الحرية والعدالة"، منوهين بأن البيان الذي أصدرته في 20 فبراير ساعد على حل الأزمة الأخيرة.

واستعانت أمريكا بــ " إسرائيل " للعب دورٍ في حلّ هذه القضية
حيث شكرها الرئيس الأمريكي على وساطتها

إنّ المتتبّع لهذه القضية يلمس بوضوح أنها قضية من شأنها أن توجد أزمة بين الدول، بل لقد أوجدت نوعاً من التأزّم السياسيّ بين مصر وأمريكا، ولا يمكن أن يقتصر الأمر على مجرّد أعمال " مكتبية " ولا مساعدات بريئة تقوم بها تلك المنظمات الأهلية، فهذه القضية تأتي في خضمّ الأحداث الجارية في مصر والعالم العربي من ثورات وتوترات سياسية كبيرة، وفي ظلّ السعي الأمريكيّ الحثيث  لتثبيت أقدامها في مصر بعد خلع عميلها مبارك.
ولم تكتفِ أمريكا بإغلاق ملف القضية، بل هي عازمة على تقنين وجود تلك المنظمات في مصر عن طريق إصدار تشريعات برلمانية (تحمي ) المنظمات الأهلية.

إنّ تلك المحاكمات – فيما لو قدّر لها أن تستمر – كان من شأنها الكشف عن الكثير من العلاقات المشبوهة بين تلك المنظمات والدول التي تتبع لها من جهة وبين الأطراف المصرية المتورطة معها في قضايا مالية لناحية الدعم الأمريكي لها، وقضايا سياسية.
شبهات كثيرة تدور حول الأطراف التي ساندت وساهمت في إغلاق الملف وترحيل القائمين على تلك المنظمات ليس أقلّها العمل على تكريس سياسات أمريكية في مصر، وتثبيت رموز النظام السابق ودعمهم...واستحداث قيادات جديدة - بالإضافة لرموز نظام مبارك المخلوع - من مثل تلك التي تنتهج " الوسطية والإعتدال ".


ليست هناك تعليقات: