الثلاثاء، 31 مايو 2011

قراءة في المسألة اليمنية... هل ستحسم قبائل اليمن القضية؟



من المعلوم أنّ دور القبائل في اليمن متجذّر وكبير، كما أنها نقطة ارتكاز هامة عند ذوي النفوذ السياسي والعسكري.
تتوزع قبائلُ اليمن في طول البلاد وعرضها، ولعل من أبرز القبائل وأكثرها عدّة وعتاداً قبائل  "بكيل" و"حاشد"
و "مراد".. ولا يعني ذكر هذه القبائل أن غيرها من ضعيفة أو لا وزن لها، بل أن الكثير من قبائل اليمن العريقة التي يتجاوز عددها أكثر من 100 قبيلة على الأقل.

لم يكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ليصل إلى الحكم لولا الدعم القبلي له، فكان لاصطفاف بني الأحمر وقبيلة حاشد خلفه الدور الأساس في تمكينه في الحكم
وبالرجوع قليلاً الى ذاكرة التاريخ، نجد أن بني الأحمر كان لهم دور في محاربة الإمام يحيى –رحمة الله عليه- في أربعينيات القرن الماضي، والإمام يحيى الذي كان يحكم اليمن وقتها كان يتمتع بمحبة شريحة عريضة من الناس، ويوصف بأنه عالم تقي ورع، عمل وقتها الإنجليز على التخلص منه، وقاموا بمحاولات لقتله، وكان ممن تورط مع الإنجليز في محاولة قتله بعضُ رموز بني الأحمر، فما كان من الإمام إلا أن قتل منهم من قتل، وكان من بينهم والد وأعمام " عبد الله بن حسين الأحمر" – وكان صغيراً وقتها- فتركه الإمام يحيى قائلاً –حسب ما يُروى-  أن دعوه يعيش لخدمة نساء بني الأحمر ورعايتهن.
ثمّ تمكّن الإنجليز بعدها من قتل الإمام يحيى عن طريق عملاء لهم.
بني الأحمر من رؤوس قبيلة حاشد، وأكثرهم نفوذاً، وهم ليسوا منقسمين على بعضهم كحال بعض القبائل الأخرى، فقبيلة حاشد تنصاع تماماً لكبيرها الشيخ صادق الأحمر.
ومما يُنقل، فإن علي عبد الله صالح من " سنحان" وليس من حاشد، بالرغم مما يتناوله الإعلام بأنه من قبيلة حاشد.

" بكيل" قبيلة كبيرة العدد والعتاد، وقد تكون أكبر وأقوى من حاشد إن اجتمعت على شيخ واحد، لها رؤوس كثيرة، ولا تنصاع لشيخ واحد كما حاشد
تنتشر " بكيل" حول صنعاء، وفي الجوف، ومأرب، وذمار وغيرها من مدن ونواحي اليمن.
مثل " خولان" – وهي من بكيل- التي لها امتداد كبير بين صنعاء ومأرب
ومثل " أرحب " المتاخمة لمطار صنعاء ومناطقها الشمالية، وبني مطر والحيمة و ذو حسين و ذو محمد وغيرها الكثير من قبائل بكيل.

علي عبد الله صالح يعلم الآن علم اليقين أنّ القبائل ليست في صفّه، ولا تدعمه، ولا يقف معه الآن إلا  زعامات حزبه الحاكم ومن ربط مصيره به من كبار رجال الأعمال ومن اشتراهم من بعض زعامات القبائل، ورموز الأمن المركزي، وهؤلاء كلّهم لا يشكلون بيضة قبان في مسألة بقائه من عدمه، فهو يعلم وهم يعلمون أن بقاءه في اليمن مسألة وقت وهذا كفيل بتفرّق الناس عنه.
بالرغم من موقف بعض القبائل الذي يتراوح بين السكوت المرحلي وبين دعم الثورة والثائرين على استحياء !
مع أنها قادرة –إن أرادت- أن تحسم الوضع في اليمن... مثل قبيلة " بكيل" التي أعلنت وقوفها مع الثورة ورفضها لأعمال علي عبد الله لكن دون موقف واضح فاعل صارم على الساحة.
وكذلك قبيلة " مراد " التي يقال بأن لها أعداد كبيرة من أبنائها في مختلف القطاعات العسكرية.
وقبيلة " آنس " – من بكيل- ولها أيضاً أعداد كبير في القطاعات الأمنية في اليمن.
ومن الذين استعان بهم علي عبد الله صالح في نزاعه الأخير مع بني الأحمر شيخ قبيلة " مراد " الشيخ غالب الأجدع، والشيخ علي عبد ربه القاضي – من مراد أيضاً – وغيرهم من شيوخ القبائل، وقد قصفت أجهزة علي عبد الله منزل الشيخ الأحمر وأطلقت عليه نيرانها حين كان وفد الوساطة جالساً مع الشيخ صادق الأحمر
في منزله في حي الحصبة...
السبب في رأيي أن علي عبد الله صالح تعمد قصف المكان ليقتل أكبر عدد من الحاضرين من وفد الوساطة ثمّ يتهم بني الأحمر بأنهم السبب في إطلاق النار والبادئين به ليجعلهم يحملون مسئولية موت بعض الشيوخ لتشتعل النار بين القبائل ليكسب المزيد من الوقت، وليعمل على أن يُدخل اليمن في نزاع عسكري محتدم.

والسؤال الذي أراه هاماً:
لماذا لا تبادر القبائل – مع ما تحوزه من قوة وعدد وعتاد- إلى حسم الأمر وخلع علي عبد الله؟
لماذا لا يأمرون أبناءهم في القطاعات العسكرية أن ينقلبوا على صالح وحكمه فيحسموا الأمر في سويعات؟

وكذلك:
هل هناك لاعب في اليمن غير الإنجليز ورجالاته من " بعض" زعامات "بعض" القبائل؟
وماذا عن الجنوب؟
أسئلة مشروعة تحتاج إلى إجابات....وسنتركها إلى وقتها.
 مع ملاحظة أن للأمريكان تأثير فاعل على الحوثيين في الشمال
وعلى " التحالف الاشتراكي" في الجنوب
ولا ننسى أن الجنوب اليمني فيه مراكز للجيش والأمن المركزي والحرس الجمهوري، ولهم قواعد وعتاد، وفي حال استطاعت أمريكا أن تحرك عملاء لها في الجنوب، فإن الاستيلاء على تلك القواعد لحظة انهيار حكم علي عبد الله صالح ليس بالأمر العسير إن كان هناك تخطيط له وتدبير!!

أما بخصوص صنعاء، فإن القبائل حولها تستطيع عزلها تماماً عن محيطها إن تحصّل عندها القرار السياسي بذلك، ولا ننسى أنه قبل أيام استطاعت بعض القبائل في محيط صنعاء منع قوات تابعة لعلي عبد الله صالح من دخول المدينة واستطاعوا ردّها على أعقابها.
فبمكنتها أن تعزل صنعاء، وأن تُسقط النظام...فلماذا لم تفعل إلى الآن؟

ونقطة أخيرة:
بلاد الخليج يترقبون سقوط عميل الإنجليز الذين هم عملاء له أيضاً، ووساطتهم تروح وتجيء بشكل مكوكي على أمل أن لا يخرج الأمر عن سيطرة أسيادهم
وهناك مناطق في داخل حدود " السعودية" يعتبرها الكثيرون من أهل اليمن أنها أراض يمنية، مثل عسير، وينظرون إلى أنها بلاد خير وأنهم محرومون منها ومن خيرها ويعيشون بقفر مدقع، وهذا نقطة تحسب لها " السعودية" حساباً في حال عمّت الفوضى اليمن.
وفي الختام:
كيف سيكون تحرّك القبائل في الأيام القادمة؟
ومتى سيتقرر انشقاق أبناء القبائل وتمردهم في قطاعاتهم العسكرية على النظام؟
من المتوقع أن لا يكون ذلك بعيداً بإذن الله تعالى.


ليست هناك تعليقات: