الثلاثاء، 14 يونيو 2011

وزير العدل المصري: مصر دولة ديمقراطية وليست إسلامية.



وزير العدل المصري المستشار عبد العزيز الجندي يقول:
 مصر دولة ديمقراطية وليست إسلامية.

فما هي الدولة الديمقراطية:
الدولة الديمقراطية هي دولة تقوم على أساس " فصل الدّين عن الحياة"، أي أنّ حياة الناس، والسياسة المطبّقة عليهم من قبل النظام مفصولة عن الدّين، والدّين هنا – حين الحديث عن مصر- هو الإسلام، فيكون المعنى بشكل أوضح: نظام يقوم على أساس فصل الإسلام عن السياسة وعن معالجة قضايا الناس...
وقضايا الناس تحتويها الأنظمة، أي النظام السياسي، النظام الاقتصادي، النظام الاجتماعي ونظام العقوبات
فكل هذه الأنظمة التي تُختزل فيها معالجات أحوال الناس لا تقوم على أساس دين الله.
والديمقراطية ونظامها السياسي  تقوم كذلك على أساس من الحريات التي قرّرها واضعوا المبدأ الديمقراطي وهي:
حرية الرأي...بأن تقول ما تشاء وتطرح الرأي الذي تشاء
حرية الاعتقاد: بأن يكون لك الحق وكامل الحرية بأن تكون مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو أن لا يكون لك دين.
الحرية الشخصية: بأن تأكل ما تريد، تشرب ما تريد، تلبس ما تريد، دون قيد من دين أو غيره.
وحرية التملّك: بأن تتملك من خلال التجارة والبيع والشراء ومن خلال التعاملات الربوية دون أن يكون لأيّ كان الحقّ بأن يتدخل في حريتك هذه.

والحرية، كما اتفق في الأغلب الأعمّ على معناها: أن تفعل ما تريد، كيفما تريد، وقتما تريد دون قيد أو شرط.
فإن حدّد أحد – دولة أو غيرها – حريّتك هذه فمنعك من أمور أو اشترط عليك شروطاً فيها فلا تكون حراّ فيما تفعل، بل مقيّدا، ولا يقبل من عاقل أن يقول أنه حرّ في ما يقول أو يعتقد أو يأكل ويشرب ثمّ نجده مقيّداً فيها بقانون أو غيره
فهي: إمّا أن تكون حرّاً أو أن تكون مقيّداً.
المسلم، الذي أسلم وجهه لله وآمن به وارتضاه رباً وإلهاً فإنّه ينصاع لخالقه في كلّ أمور حياته، ويسير بحسب أحكامه في كلّ علاقاته، و " يتقيّد" بضوابط الشرع لا يحيد عنها، فكلّ أمور حياته منضبطة بدين الله، لأنه أيقن أنّ الله ليس خالقاً للبشر فقط، بل هو المدبّر وهو الآمر الناهي، وهو الواجب الإتّباع، ودينه الذي هو عقيدة يعتقدها ويجزم بها في قلبه، ونظام حياة System Of Life، وهذا الكلمة بالانجليزية إن قلتها أمام غربي يفهم أنّك تتحدّث عن دين ذو نظام شامل لكل الحياة تنتظم كلّ أمورك بحسبه وتتقيّد به، وفيه معالجات لكلّ شأن من شؤون الدنيا...

أمّا الدولة " المدنية" ونظام الحكم المدني فهو ذاته النظام الديمقراطي سواء بسواء لا يختلفان، فمصدرهما واحد، ومفهومهما واحد، والأساس الذي يقومان عليه واحد كذلك...ولا خلاف إن أطلقت عليهما مجتمعين مصطلح: العلمانية.
ذلك أنها كلّها مصطلحات غربية اصطلح أهلها على أنّ هذه هي معانيها وأسسها بلا خلاف.
فاصطلاح: "الدولة المدنية" نشأ في الغرب لترسيخ فصل الدين عن الدولة، فالـ"دولة المدنية" لا تعني أنها "غير عسكرية" كما يظن البعض، بل تعني أنها: "لا دينية"، ولا دخل للدين -أي دين- في توجيه شئونها ومبادئها.
ولا يجوز لقائله أن يقول: "إنما قصدت أنها غير عسكرية"! إذ ليس هذا هو المعنى المقصود من الاصطلاح.
والمسألة ليست مسألة ألفاظ جامدة لا معاني ولا حقيقة لها، بل كلّ اصطلاح منها له معنى وله حقيقة وله دلالات واضحة محدّدة وكلّها تصب في نقطة واحدة بالغة الأهمية والخطورة وهي: أن لا علاقة لدين الله  بالحياة ولا بالسياسة.
وحتى لا نستمر المضلّلون في الضحك على الناس واستغفالهم وتضليلهم لا بدّ من وقفة صغيرة على معنى: "لا علاقة للدين في السياسة والحياة":
الدّين " الإسلام" هو دين الله تعالى، وهو الدّين الذي أمر سبحان البشر، كلّ البشر" بإتباعه، وهو الدّين الذي ارتضاه للناس ولم يرتض لهم غيره، أي لم يرتض لهم بعد رسالة محمد صلوات الله عليه لا النصرانية ولا اليهودية ولا غيرها.
وقرّر من فوق سبع سماوات قائلاً:
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
كلام واضح جلي لا يماري فيه ولا يجاد إلا من ارتضى لنفسه ما لم يرتض الله له.
فهذا الدّين، هذا الإسلام، هو لله تعالى، وعندما يقول قائل: لا علاقة للدين بالسياسة –التي هي رعاية شؤون الناس- فهو يقول: لا علاقة لله في رعاية شؤون الناس.
فمن يقول بالديمقراطية أو بالدولة المدنية فهو يقول بهذا القول لا جدال
والاختلاف بين من يقولون به هو إمّا أنهم يقولونه:
عن علم: فهؤلاء ارتضوا لأنفسهم ديناّ غير دين الله
أو عن جهل: فهؤلاء وجب عليهم أن يدركوا المعاني والمصطلحات قبل القول بها أو الأخذ بها لأنها مهلكة،  ويجب عليهم في دين الله أن لا يُدخلوا على دين الله وأحكامه ما ليس منه، وأن يلتزموا شرع الله في كلّ شؤون حياتهم، فإن قالوا بأنّ دين الله لا يعالج هذه المسألة أو تلك فقد افتروا على الله بهتاناً عظيما حين ردّوا قول الله تعالى:
مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ.

عودُ ُ على بدء،
إلى ما قاله المستشار الجندي وزير العدل المصري:

من جانب آخر، قال المستشار الجندي إن مصر على مصر العصور "دولة مدنية والآن أستطيع أن أقول مصر دولة ديمقراطية أشمل وأعمق من دولة مدنية، فنحن أمام مصر الديمقراطية القائمة على مبدأ المواطنة ولا فرق بين مسلم ومسيحي، الكل أمام القانون سواء". وأشار إلى أن المادة الثانية من الدستور – التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر- ليس معناها أن مصر دولة إسلامية بل دولة ديمقراطية، وليست إسلامية، لأن الإسلام في القلوب وليس في العمل السياسي.
وأضاف إن "من حق المسيحي أن يمارس سياسة كما هو حق للمسلم وأن يتمتع بنفس الحقوق والواجبات، لأن مصر بلده أيضا فلا يجوز التفرقة على الإطلاق، فنحن نريد مصر دولة لكل من يعيش على أرضها بلا تمييز، والحزب الذي يؤسس على أساس ديني غير مقبول قانونا أو شعبيا، لأن اللعب على الناس بالدين أخطر أسلوب، وأراه أسلوبا رخيصا أن يزج بالدين في السياسة".
وأوضح في رده على كلام "الإخوان المسلمين" بأن مصر دولة إسلامية، قائلا: "على الإخوان أن يعوا جيدًا أن العمل السياسي شيء والعمل الديني شيء آخر، وما يقوله "الإخوان" حول دولة إسلامية سيؤدي العنف غير مقبول منا جميعًا، لأنه يدرج تحت قوائم الإرهاب فلابد أن يسود مبدأ العدل والمساواة لكل مصري بلا تميز وهذا ما نسعى إليه".
المصدر:

لقد صدق المستشار – وهو المطّلع على دستور الدولة وقوانينها- مع نفسه ومع من يخاطبهم، صدق في وصف نظام الحكم في مصر بأنه ليس نظاماً إسلاميا
وأنّه نظام ديمقراطي، فهو بالتالي يفهم الفرق بين النظامين، ويفهم أنّ كلّ واحد منهما لا يعني الآخر، بل هو نقيضه...
وقرّر قناعته وحدّد عقيدته السياسية التي يريدها، وهي ذاتها التي هو وزير في نظام على أساسها: فصل الدّين عن الحياة.
ومع ذلك فهو في ذات الوقت يقرّر عدة أمور فيها من التضليل ما فيها:
أوّلها:
 أنّ الإسلام في القلوب وليس في العمل السياسي.
السياسة أيها الوزير – على أصحّ معانيها- هي رعاية شؤون الناس، فكونك قبلت لنفسك ديناً غير دين الله فلا يحقّ لك ولا يبرر ذلك لك أن تفتري على دين الله!!
لم يقل الله تعالى أنّ الدّين في القلوب، ولم يقل أنّه شأن شخصي ولا فردي، بل هو إيمان وعمل، اعتقاد ونظام حياة، كتابنا الكريم الذي نقرأ كلام الله تعالى منه يقول:
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا

أمّا الكتاب الذي يقرأ منه المستشار فيقول قولاً غير قول الله تعالى.

ثانيها:
قوله " لأن اللعب على الناس بالدين أخطر أسلوب، وأراه أسلوبا رخيصا أن يزج بالدين في السياسة".
يذكرني بقول القائلين أن السياسة قذرة ولا يجوز أن نربطها بالدّين!!
الدّين أيها المستشار جلي نقي لا لبس فيه، والسياسة بمعناها الجلي الذي ذكرته لك ولا يختلف فيه العقلاء هي من الدّين، فلا انفصال بينهما ولا تفريق.
أمّا من يدّعون أنهم أهل دين ويتخذونه وسيلة للوصول إلى مقاعد حكم في ظلّ أنظمة لا تحكم بدين الله  فهم والدّاعون الى الديمقراطية والدولة المدنية في الضلالة سواء بسواء.

أختم بما يلي:
هذا الكلام لا أوجّهه للمستشار وزير العدل المصري، فهو يعلم الفرق بين الحقّ والباطل واختار لنفسه الباطل على الحق، فالشرح والإسهاب أعلاه ليس له إلا إن أراد أن يراجع نفسه ويراجع دينه وعلاقته مع الله تعالى ثمّ يتعظ ويفهم ويلتزم.
إنما أقصد منه أمّتي الحبيبة، المسلمين الذين ما انفكّ الناس يضلّونهم عن دين الله، فيخلطون عندهم المفاهيم، ويُلبسون الحقّ بالباطل، ويروّجون بينهم ضلالات على أنها لا تخالف دين الله تعالى، مع أنها لا تخالفه فقط بل هي على نقيض دين الله وشريعته.
فالديمقراطية ليست من الإسلام في شيء، وله ولغيره إن شاؤوا أن يرجعوا إلى أقوال العلماء الذين قالوا بأنّ الديمقراطية كفر لا يجوز الدعوة اليها، وأن من ينادي بدولة مدنية يجب أن يُستتاب.
وكذا المدنية والنظام المدني لا صلة له كنظام ودولة بدين الله
الديمقراطية أخت المدنية أخت العلمانية وكلّهم يخرجون من رحم أنظمة تعادي دين الله وتناقضه جملة وتفصيلاً.
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
صدق الله العظيم.

ليست هناك تعليقات: