الأربعاء، 15 يونيو 2011

التعتيم الإعلامي التركي على اللاجئين السوريين ... جريمة أم إخفاء لجريمة؟



الهلامية والضبابية التي نراها تحيط الأجواء السياسية التركية فيما يخص سوريا والدماء النازفة فيها سببها الانتخابات التركية.
وليس سببها على الإطلاق رفض تركيا ونظامها السياسي العلماني لما يقترفه النظام السوري الموغل في القتل والقمع.
ولو تتبعنا المواقف التركية وتغيّراتها منذ بدء الأحداث في سوريا لوجدنا أنها بدأت بالصمت وانتهت بالخذلان!!
فمع بداية جرائم النظام البعثي لم نلحظ أيّ حراك سياسيّ تركي يحدّد موقفه من تلك الأحداث،
ومع اقتراب فترة الانتخابات التركية، ارتفعت لهجة الخطاب ليتهم رئيس وزراء تركيا رجب طيّب أردوغان النظام السوري بارتكاب " فظاعات" ضد المحتجّين السوريين وقال إنه اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد، قبل 4 أو 5 أيام، لمناقشة الوضع في سوريا، مضيفاً أن الإدارة السورية لا تتعامل مع الوضع بصورة إنسانية. وأوضح أردوغان أن قوات شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد قائد الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة لقوات النخبة تتعامل بوحشية مع الشعب

وسبق أن طالب النظام التركي بشار الأسد بأن يضحّي بأخيه ماهر الأسد متهماً إياه بأنه المسئول عن قمع السوريين
ثمّ كان آخر تصريح من تركيا يقول أنّ تركيا مستعدة لكافة السيناريوهات مدنيا وعسكريا!!

أنا أكاد أجزم أن تركيا لا ولم تكن تتمنى يوماً أن تسيل هذه الدماء الطاهرة في سوريا على يد نظام بعثي يُعتبرُ حليفاً استراتيجياً لها، لكن ليس لناحية أنها تهتم بالشعب السوري أو تخاف عليه، وليس من ناحية أنها تحرص على الدّم المسلم من أن يُراق، والحديث عن النظام العلماني التركي وليس عن الشعب التركي المسلم الغيور الذي بدأ يتململ ويظهر شيء من الحراك عليه نصرة لسوريا وأهلها، مع أنّ هذا الحراك لم يصل إلى ما يجب أن يصل إليه من نصرة لإخوانهم وعبور للحدود لتخليصهم من الدمار والتدمير الذي يمارسه عليه بشار العلويّ.

النظام التركي عوّدنا على المسرحيات الهزلية والتراجيدية!!
وعوّدنا كذلك أنّه جاهز لحلّ قضايا الدماء بأن يعتذر القاتل كما حدث حين قتل بنو يهود أتراكاً عبروا لنصرة أهلنا في غزة هاشم في فلسطين.
كما أوهم الناس بأنّه عزيز وذو ماض تليد عندما ذكّر العالم بأنه "حفيد العثمانيين"، وهو في ذات الوقت يتربّع على سدّة نظام حكم علماني يفخر بعلمانيته قام في الأصل على حساب أولئك " العثمانيين" الذين  يتفاخر أمام الناس بنسبه الموصول بهم زوراً وبهتاناً.
وعندما غضب وزمجر وترك مقعده اللّصيق بمقعد بيرس في دافوس!!

منذ السابع عشر من آذار 2011م إلى اليوم ونظام بشار الأسد الحاقد على كلّ مسلم وعلى كلّ من يخالفه من أبناء سوريا يتغوّل على الشام وأهلها بشكل فاق ما فعله والده حافظ حين قتّل أهل حماة وأباد منهم عشرات الألوف.

وكلنا يعلم أنّ من أدوات القمع التي يستخدمها النظام البعثي – عدا عن الرصاص والمدافع-  الإعلام والتعتيم على كلّ ما تقترفه يداه المجرمة ضدّ الشعب السوري، ويحاول جاهداً أن يُطيل زمن التعتيم ليقضي ما يدبّره بحقّ العزّل من الناس من ولدان وشيب وشبّان.
ويتذرّع من يساندونه في العالم بالروايات الكاذبة المفبركة التي يطلقها إعلام بشار، ويستندون عليها ليبرروا لأنفسهم سكوتهم أو تدخلهم الخجول في هذه المجازر.
وها قد وصل إلى تركيا آلاف من البشر، فرّوا بأرواحهم من بلدة جسر الشاغور وغيرها، ووصلوا بلاد حفيد العثمانيين، فوضعهم في خيام على الحدود، وأطبق عليهم، ووضع عليهم حراساته فمنع التواصل معهم، ومنع كلّ وسائل الإعلام المتواجدة في المنطقة من دخول المخيمات أو الحديث مع الناس فيها!!
فما هي حجّته وقد وصل المقتول إلى بلاده؟

لماذا لا تؤخذ شهادتهم فيما جرى ويجري في سوريا؟
لماذا لا يُعلنُ "حفيد العثمانيين" للملأ ما عاناه هؤلاء قبل أن يصلوا إلى تركيا؟
أم أنهم هربوا من تعتيم إلى تعتيم لغاية مشتركة في نفس بشار وأردوغان؟
لكلّ منا الحق أن يتساءل ويتهم، فكلهم موضع اتهام في هذه الجرائم: تنفيذاً  وتغطيةً وتعميةً وتعتيماً.

هناك تعليقان (2):

صوت التحرير يقول...

الأخ الكريم/سيف الدين عابد
أشكرك على موضوعاتك القيمة, وأتمنى أن تستمر هذه المدونة في طرح كل ما يخدم الاسلام والمسلمين ورفع راية الخلافةالاسلامية.
لي سؤال على ما تفضلت بقوله: "أنا أكاد أجزم أن تركيا لا ولم تكن تتمنى يوماً أن تسيل هذه الدماء الطاهرة في سوريا على يد نظام بعثي يُعتبرُ حليفاً استراتيجياً لها، "
فعلى ماذا استندت بجزمك هذا ؟ هل استندت الى ما بين سوريا وتركيا من تحالف والخشية من أن تشعل هذه الدماء ثورة مماثلة في تركيا ؟
أرجو التوضيح وشكراً

سيف الدّين عابد يقول...

بارك الله بك أخي العزيز على اهتمامك، وعلى سؤالك الطيّب..
نعم، التحالف الاستراتيجي بين البلدين قوي، وقائم على تحقيق مصالح كلّ منهما، إن لم يستطع النظام السوري قمع هذه الثورة - والمؤشرات تدل بقوة على عدم قدرته- فإن الوضع في تركيا لن يستقر، فالخشية من انتقال هذه الثورة الى تركيا وارد نتيجة التقتيل الهائل الذي يمارسه النظام البعثي، وهذا من شأنه أن يؤجج المشاعر عند مسلمي تركيا بحيث ينعكس على شكل اضطرابات تؤثر على استقرار تركيا وهي في غنى عنها...
والقرب الجغرافي بين البلدين سبب قوي لهذا التخوّف التركي.
وبتتبع التصريحات السياسية للطرفين نلاحظ اشارات واضحة الى الحرص على العلاقات الاستراتيجية بينهما، فقدأشار الطرفان إلى الإعلان عن تأسيس مجلس استراتيجي رباعي عالي المستوى بين سورية وتركيا والأردن ولبنان
جاء هذا الحديث نتيجة للاجتماع الثالث لمنتدى التعاون العربي التركي الذي انعقد في اسطنبول في 10 حزيران 2010 بهدف تعزيز العلاقات التركية العربية في إطار مؤسساتي يخدم المصالح العربية والتركية.

كما عبّر رئيس وزراء تركيا عن حرص بلاده على هذه العلاقات الاستراتيجية
http://www.alnour.com.lb/newsdetails.php?id=20824
بالرغم من سيل الدماء النازفة في سوريا...
فالحرص التركي ليس سببه قتل الناس في سوريا، بل الحفاظ على تركيا من أن يتزعزع استقرارها