الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

حوار الأديان





موضوع حوار الأديان كمصطلح ليس قديما، أما كلمة (الحوار) فقد ذكرت في شرعنا الحنيف في أكثر من مكان وأكثر من محور، وربط كلمة ( الحوار ) بكلمة ( الأديان) فإنها مستحدثة وليست قديمة بالمفهوم الذي يطلقونه اليوم..

بداية، فإن هذا اللفظ كمصطلح مخصوص يُستخدم ويتداول بمعنى: التلاقي والتقريب، ووجود أرضية مشتركة ونقاط اتفاق بين الديانات
الثلاث على اعتبار أن هذه الأديان وأهلها - وهذا ما يدعيه دعاة الحوار- مؤمنون بالله!!
انطلاقا من مقولة نسمعها ويتداولونها وهي مقولة ( أبناء إبراهيم ) عليه السلام.

فالحوار على هذا الأساس بين الديانات الثلاث، في حقيقته أنه أتى بعد بحث سبق، مشابه له، وهو ما يُطلق عليه اسم: علم (الأنثروبولوجي) وهو علم دراسة الشعوب والأقوام، ذلك أن الأقوام أو الدول التي كانت تعمل على دخول بلاد شعب غريب عنها كان يلزمهم معرفة تلك البلاد والشعوب والأقوام ، معرفة أحوالهم، عاداتهم، تقاليدهم، وشتى شؤون حياتهم ليعرفوا كيف سيتعاملون معها حين يقدموا إليهم لأي سبب  ولأية غاية، وبهذا يعرفون مداخل تلك الأقوام ومخارجهم ويُلمّوا بكل ما يلزمهم من معارف ليضعوا الأسس والقواعد التي سيبنون عليها تعاملهم معهم....

ربطا بين حوار الأديان أو حوار الحضارات - كما يحلوا لهم تسميته- وبين علم ( الأنثروبولوجي) فإن العلاقة بينهما علمية من ناحية أن
هذا العلم إخذ به وطُبّق على أرض الواقع ليكون أول ركيزة يُبنى عليها حوار الأديان، فلا يُمكن بحال أن تكون هذا الدعوة للحوار ولا
المضي بها قبل معرفة أحوال من سيتعامل دعاة الحوار معهم
فهل المسألة مسألة بحث علمي بحت؟
أو بحث علمي مجرد ليس له دلالات سياسية؟
الجوا: قطعا لا.
حتما لا يقال هذا، ولا يمكن أن يكون الحال كذلك، ذلك أن حوار الأديان قصد منه شيء واحد واضح محدد وهو أن يجعلوا أعهل الديانات  الثلاثة، أو بمعنى أدق: من اختاروهم من أهل الديانات الثلاث أن يلتقوا على أرضية " توضع لهم " ، ويدعون لهذه اللقاءات للخروج بتوصيات أو اتفاقيات أو تراض على أمور يهمهم بحثها والوصول إلى قرارات بخصوصها!!
فالموضوع ليس بحثا عند المسلمين في النصرانية أو اليهودية، ولا عند اليهودية فسي النصرانية والإسلام... ولا العكس.
فهذا قول مردود، لأنه إن قيل فهو بحث أو قول مجرد لا يمتّ إلى ( حوار الأديان أو الحضارات ) الذي يدعون إليه ويريدونه بصلة إلا اللفظ فقط!!
ونحن عندما نبحث في هذا المصطلح إنما نبحثه لسبب واحد واضح، وهو أنه - أي هذا الحوار - إنما يقوم يكون بناء على توصيات من
جهات معينة، وهذه الجهات لم يغفل كثير من المفكرين ولا الباحثين في هذا ( الحوار ) عن سبر غورها ومعرفة كنهها والداعي لها
وما يأتي بعدها من تداعيات !!
قبل أن نخوض في الهدف أو الإهداف من مسألة حوار الأديان لا بد أن نفهم أن حوار الأديان هو عبارة عن دعوة بين الأطراف جميعا
أي أطراف الحوار، للتخلي عن بعض ( الثوابت) أو ترسيخ ثوابت عند طرف لمصلة الطرف الآخر، فمن هو الطرف الذي سيُعطي
ومن هو الطرف الذي سيكون الحوار في مصلحته: المسلمون أم من يحاورهم؟؟
وهذا الحوار بداية لا يكون إلا بوجود نقاط التقاء بين هذه الحضارات - هذا زعمهم - وهذه الديانات
وهنا يلزم أن نبحث: ما هي نقاط الإلتقاء؟ وما هي نقاط الإشتراك بين الإسلام واليهودية والنصرانية، حتى نعرف على ماذا اتفقوا وعلى ماذا هم مختلفون ابتداء.

كما نفهم، أن اليهود والنصارى ليسوا على شيء.... وهذه حقيقة قرآنية ثابتة. ولا هم يدعون إلى هذه اللقاءات ولا يسعون إليها ولا يقاتلون لتصير هذه اللقاءات والحوارات وتنفذ على أرض الواقع لإثبات ما عندهم، ولا يُقال أن النصرانية تريد أن تثبت لليهودية شيئا، ولا اليهودية تريد أن تُثبت للنصرانية شيئا...وإنما هما طرفان يلتقيان ويجتمعان في وجه طرف ثالث وهو الإسلام!!

يُقال: أن لا بدّ للحوار أن يكون على أرضية مشتركة، تجمع الثلاث ديانات، بالتالي إن كان اللقاء بناء على أنها ديانات فلا بدّ - كما يقولون-  من وجود شيء مشترك بين الثلاث ديانات.

ولكي يخرجوا من هذا المازق وحتى يُبعدوا عن أنفسهم الشبهة عند الناس ولكي يخفوا عن الناس مقصدهم من هذه الحوارات، قالوا أن
الأصل بين هذه الديانات هو أنهم جميعا أبناء إبراهيم عليه السلام!!
هذه التفافة على الموضوع محل البحث،،
يقولون أنهم جميعا أبناء إبراهيم ليقولوا أنهم جميعا يشتركون في قاعدة ( الإيمان ) بالله تبارك وتعالى..
فيثبّتون هنا نقطة أساس ينطلقون منها كقاعدة لحوار الأديان...أنهم جميعا في الإيمان ســـــــــــــــــواء !!
وهذه من الخطورة بمكان أن تكون ثابتا أو منطلقا للحوار بين الإسلام واليهودية والنصرانية..
وهذا ما يعمل على تثبيته من يقولون أنهم يمثلون الإسلام والمسلمين في هكذا حوارات...
فإنّ ثبّتوا هذه النقطة الجوهرية، كانت إختلافاتهم الأخرى - أيا كانت - ثانوية لا قيمة لها.
مع أن الخلاف والإختلاف في الأصل: هل هم - اليهود والنصارى - يؤمنون بالله أم لا.....وهم ليسوا كذلك، فبالتالي لا يمكن القبول
ولا التسليم بما اتفقوا عليه من أنهم جميعا أبناء إبراهيم من ناحية أنهم متساوون كلهم في الإيمان !!
فهل هم على دين أم لا؟ هل اليهود والنصارى على شيء أم لا؟؟
يقول الحق تبارك في علاه ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل)
فعلى ماذا يتحاورون، وما هي أهداف حواراتهم ولقاءاتهم؟؟
لو كان عند من يدعي من المسلمين تمثيله للإسلام والمسلمين في هكذا حوارات الجرأة والأمانة والصدق في مخاطبتهم للمسلمين لقالوا لنا
على أي أساس تكون هذه اللقاءات، أو لقالوا على الأقل ما الذي يدور بين الكواليس في تلكم الحوارات !!
أو بيّنوا للناس ما اتفقوا عليه ي لقاءاتهم وحواراتهم ولما أخفوا منها شيئا.
غير أن الكلام النظري في هكذا مفهوم خطير هو في الحقيقة يخالف الواقع تماما
يُدعون إلى هذه اللقاءات - وهذا بشهادات مفكرين وباحثين ممن يتابعون هذا النمط الخطير من الحوارات- التي يضع أجندتها كاملة الغرب وعلى رأسه ( الفاتيكان ) ولقد أشار كثير من الباحثين والمفكرين إلى ذلك الدور الذي يضطلع به (بابا روما) في وضع أجندة وخطة عمل ومحاور البحث في حوار الأديان، توضع تلد الأجندة بحسب الواقع المُعاش، وبحسب الأحداث السياسية الساخنة، والمتغيرات الإقليمية  والسياسة في مناطق النزاع في عالمنا العربي والإسلامي!!

وما أعنيه هنا: أنه في الأوقات التي يراد فيها محاربة الإسلام علانية وبشدة وقسوة أكثر مما سبق، فإنهم يروجون في حواراتهم لفكرة
الإرهاب والرجعية، والتطرّف ليضعوا أصحاب هذه التوصيفات، ومن ألصقوا بهم هذه العبارات محل اتهام وجبت محاربتهم
والتصدي لهم من قبل الكل، والكل هنا ( هم اليهود والمسلمون والنصارى) متمثلين بالأنظمة التي تنفذ تلك التوصيات التي
تخرج بها مؤتمرات حوار الأديان والحضارات...
تماما كما حصل في مؤتمر حوار الأديان في روما سنة 2001م. حيث كان المؤتمر مباشرة بعد أحداث أمريكا، وكان تركيز
الأطراف جميعا فيه - ومعهم من ادعوا تمثيلهم للمسلمين في المؤتمر- على مسألة الإرهاب ومحاربته
ثم تبين أن المقصود بالإرهاب هم كل من صنفتهم أمريكا وصنفهم الغرب تحت خانة الإرهاب من المسلمين
وكانوا كذلك كل من صنفتهم الأنظمة في بلاد العرب والمسلمين إرهابيون ممن يخالفونها أو يعارضونها فأنزلوا بهم سوء العذاب
سجنا وتقتيلا وتشريدا......وكل ذلك كان بمباركة الغرب وأمريكا والشرعة الدولية ....ومشايخ الطواغيت في عالمنا الاسلامي!!
وهنا لا بدّ من ملاحظة: وهي أنه قد يسأل سائل فيقول ألا يوجد أثر سلبي على أصحاب الأديان الأخرى؟ لماذا يكون الأثر سلبيا فقط على المسلمين؟؟
والجواب: أن من يضع أجندة لقاءات ومؤتمرات حوار الأديان والحضارات هم الغرب متمثل باليهود والنصارى مجتمعين لا متفرقين
وهم الذين يرسمون خطوط تلك الحوارات، مداخلها ومخارجها، والضحية بين أيديهم هم المسلمون، ومن يمثل المسلمين هم أشباه علماء
يعلمون تماما الهدف والعاية من تلك الحوارات وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا طرفا مع أعداء المسلمين ضد الإسلام والمسلمين
فهم قد سارعوا فيهم، وتابعوهم، وكانوا الثغرة التي من خلالها أراد الكفار بث أفكارهم وآرائهم وقناعاتهم بين المسلمين......

فكيف يكون هم الخاسرون؟؟
وأكثر الأمور سلبية بالنسبة لهم هي: أن لا يستطيع علماء السوء - اللذين ادعوا تمثيلهم للاسلام والمسلمين- من أن يؤدوا عنهم وإليهم ما
خططوا ودبروا له وكادوا به للمسلمين.
وهذا حقيقة ما يحصل، فان علماء السوء ومفكري ( الخراب) من المسلمين الذين يشاركون الكافر في الحوارات، وبسبب عقم عقولهم
وسفاهة آرائهم، قصور أذهانهم فإنهم لم ولا ولن يستطيعوا تمرير ما يرشدهم إليه نظراؤهم من يهود ونصارى في حواراتهم ولقاءاتهم.
إن اليهود والنصارى ليسوا على شيء كما وصفهم ربّ العزة جل في علاه
ومن يدعي غير ذلك فقد خالف معلوما من الدين بالضرورة، وهو أمر عقدي...فمن لا يفهم منهم معنى هذه المخالفة فليسأل من كان بها خبيرا......
فعاقبتها الهلاك والخسران يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
وهم ليسوا على شيء.....حتى يقيموا التوراة والإنجيل
ومعنى إقامة التوراة والإنجيل: أن يؤمنوا بما أتت به كتبهم، أي يؤمنوا بنبوة محمد صلوات ربي وسلامه عليه..أي أن يُسلموا..
هذا ما ذكره علماؤنا الأفاضل.
وموضوع حوار اليهود والنصارى عند ( علماء المسلمين) الذين نسأل الله لهم الهداية، لم يقم على أساس قول الله تبارك في علاه:
( قل يل أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله)
فعلماء السوء هؤلاء الذين عقمت عقولهم، وغلّفت قلوبهم، واتبعوا أهواءهم، وركبون موجة الكافر في كيده للإسلام والمسلمين
قد أوهنوا عضد المسلمين وأعانوا عدوهم عليهم والتمسوا عند عدوا الله السلامة لهم......

اللهم إني أبرأ إليك مما يفعل الغافلون من عبادك، اللهم ولا تجعل للكافرين علينا سبيلا

الحمد لله رب العالمين


Jun 7 2008


ليست هناك تعليقات: